متابعات / وكالة الصحافة اليمنية //
سلط موقع “ميدل إيست آي” الضوء على ردود الأفعال الرسمية والشعبية في مصر، إزاء استحواذ دول أجنبية على أصولا اقتصادية في البلاد، معتبرا تلك الردود تعكس انقساما عميقا.
وذكر الموقع البريطاني في تقرير له، أن بعض الجمهور يتهم الحكومة المصرية بتعمد التفريط في تلك الأصول، خاصة لصناديق الثروة السيادية المملوكة لكل من السعودية والإمارات، فيما ترى دوائر رسمية أن عمليات الاستحواذ تضخ مليارات الدولارات في الاقتصاد المصري، الذي يحتاج الاستثمارات الأجنبية.
ونوه التقرير إلى آخر عمليات الاستحواذ الأجنبي على الأصول المصرية، مثل استحواذ شركة المواساة للخدمات الطبية في السعودية على كامل أسهم مستشفى المراسم الدولي، وهي منشأة طبية رئيسية في ضواحي العاصمة المصرية القاهرة.
كما استحوذت الشركة السعودية المصرية للاستثمار، الذراع الاستثماري لصندوق الاستثمارات العامة السعودي، على حصة الحكومة المصرية في شركة مصر لإنتاج الأسمدة (موبكو) في مدينة دمياط الساحلية.
وتعهدت السعودية باستثمار 10 مليارات دولار في مصر، لمساعدة الدولة المكتظة بالسكان في الوقت الذي تكافح فيه لاحتواء آثار الحرب الروسية في أوكرانيا.
وهنا يشير التقرير إلى أن آثار الحرب على مصر كبيرة، إذ أدت إلى ارتفاع تكلفة استيراد القمح والوقود في البلاد، وضغطت على قيمة عملتها، ما دفع الحكومة إلى طلب مساعدة صندوق النقد الدولي.
ويلفت الموقع البريطاني في هذا الصدد، إلى أن مصر شهدت ثاني أكبر عدد من عمليات الاستحواذ والاندماج في المنطقة خلال النصف الأول من هذا العام، بإجمالي 65 صفقة، بلغت قيمتها 3.2 مليار دولار.
وفي يونيو، قال المتحدث باسم مجلس الوزراء المصري “نادر سعد” إن “الحكومة لها الحق في إدارة أصولها بطريقة تحقق لها أرباحًا”، مضيفا لقناة تلفزيونية محلية: “لدينا أصول متنوعة، وفي هذه المرحلة نجد أنه من المناسب بيع بعضها واستثمار العوائد في شيء آخر بما في ذلك شراء أصول أخرى”.
وفي السياق، يرى “خالد الشافعي”، مدير المركز المصري للدراسات الاقتصادية، أن “عمليات الاستحواذ تنشط سوق الأوراق المالية وتخلق فرص عمل، خاصة إذا تسببت في زيادة رأس مال الشركات الإجمالي”.
ويشير “الشافعي” إلى التأثير الكبير للحرب الروسية الأوكرانية على مصر، إضافة إلى تداعيات جائحة كورونا، ما أدى إلى تباطؤ النمو في بلد يعاني أصلا من أزمة اقتصادية، معتبرا أن الحكومة تحاول “تخفيف الخسائر” بخصخصة بعض قطاعات الاقتصاد وتشجيع عمليات الاستحواذ الأجنبي.
وفي المقابل، يرى معارضون أن عمليات الاستحواذ التي تقوم بها الشركات العربية وصناديق الثروة السيادية “لا علاقة لها بالاستثمار أو خلق فرص العمل”، واتهموا الحكومة ببيع ما وصفوه بـ “الأصول الاستراتيجية” للسعودية والإمارات.
وهنا يشير “محمد عبد الحميد”، عضو لجنة الشؤون الاقتصادية بالبرلمان المصري، إلى أن بلاده ليست بحاجة إلى بيع الأصول للشركات الأجنبية بقدر احتياجها “إلى زيادة الإنتاج الزراعي؛ لأن هذا سيساعدنا على توفير مبلغ ضخم من المال الذي ينفق على استيراد المواد الغذائية” حسب قوله.
ويلفت “ميدل إيست آي”، في هذا الصدد، إلى أن الخصخصة وبيع أصول الدولة لهما سمعة سلبية تاريخية في مصر، لارتباط كل منهما بتاريخ من الفساد، حيث سبق بيع عدد كبير من الشركات والمصانع المملوكة للدولة في عهد الرئيس الراحل “حسني مبارك” بأسعار أقل بكثير من قيمتها السوقية، ما أثار غضب الرأي العام في ذلك الوقت.
وينوه الموقع البريطاني إلى مخاوف مشابهة من أن الدول العربية، صاحبة صناديق الثروة، “ربما تستخدم الآن الظروف الاقتصادية المتدهورة في مصر للحصول على الأصول العامة بأقل من قيمتها السوقية الفعلية”، وأن العائد من المبيعات سيستخدم لسداد ديون الدولة المتراكمة، وليس في الاستثمار أو خلق فرص عمل.
وفي هذا الإطار، يقول الخبير الاقتصادي المصري “ممدوح الولي”: “لا تؤدي عمليات الاستحواذ الحالية إلى توسع الشركات التي تم الاستحواذ عليها”، مضيفا: “آسف للقول: إن بلدنا يمر بظروف صعبة للغاية، ولا يتمتع بحرية اختيار نوع الاستثمارات التي يمكنه القيام بها”.
ويؤكد “الولي” أن “صناديق الدول العربية تشتري شركات ناجحة وتحقق بالفعل الكثير من الأرباح”، ما يعني انتفاء الغرض الاستثماري من عمليات الاستحواذ”.
يشار إلى أن السعودية والإمارات وقطر اشترت أصولا بمليارات الدولارات في البنك المركزي المصري لدعم احتياطيات العملات الأجنبية والمساعدة في الحفاظ على العملة الوطنية عائمة أمام العملات الأجنبية، وسط مخاوف من أن تتداول مصر هذه الودائع بأصول محلية أو تستخدم العوائد في سداد ديونها.