تواصل السعودية كيل عبارات الثناء على تمديد هدنة اليمن، التي يأمل المبعوث الأممي غروندبرغ أن تكون موسعة، تمضي بالبلاد قدمًا نحو السلام.
الثناء السعودي الذي تُظهره للتأثير على الرأي العام العالمي، والتحول من طرف رئيسي في الحرب، إلى طرف داعم للسلام، أمر غير مقبول، فالواقع يؤكد أن الرياض وواشنطن هما من تقودان الحرب على اليمن، ولا يمكن التحول في يوم وليلة من أدوات قتل، إلى حمائم سلام.
في خضم سريان الهدنة، تواصل السعودية التحشيد العسكري فيما يمكن القول إنه إعادة لترتيب الصف العسكري عبر نشر المزيد من بطاريات صواريخ الدفاع الجوي باتجاه اليمن، الأمر الذي يخلق المزيد من الشكوك حول النوايا السعودية الأمريكية تجاه اليمن، ويثير الشبهات حول ما إذا كانت الهدنة مجرد تكتيك لتدشين مرحلة جديدة من الحرب على اليمن؟
ورغم أن منظومات الدفاع الجوي الأمريكية، أثبتت عدم الجدوى في توفير الحماية للمنشآت العسكرية والحيوية في السعودية والإمارات من ضربات الردع اليمنية، إلا أن الرياض لازالت تعتقد أن بامكانها الحصول على الحماية عبر الاعتماد على الدفاعات الجوية الأمريكية، متجاهلة مسألةبناء السلام مع اليمن، الذي يعد العامل الرئيسي لاستقرار السعودية.
في إطار استغلال الهدنة، يواصل ولي العهد محمد بن سلمان جولاته بعد زيارة الرئيس بايدن الأولى إلى مدينة جدة، حيث سرب الإعلام السعودي أن الهدف من الزيارة كان التفاوض حول زيادة ضخ النفط لتغطية العجز الذي سينتج جراء الموقف الروسي على خلفية حرب أوكرانيا، إثر حملة غربية لمقاطعة النفط الروسي.
ما إن عاد الرئيس الأمريكي بايدن إلى واشنطن، حتى بدأت ثمار الزيارة السرية الغير معلنة بالظهور، حيث طغى الجانب العسكري على الموقف السعودي عقب الزيارة، ففي 13 أغسطس الجاري، انطلقت مناورات ما يُسمى بـ ” الغضب العارم” بين القوات المسلحة السعودية ومشاة القوات البحرية الأمريكية في ينبع.
وبحسب الصفحة الرسمية لوزارة الدفاع السعودية على موقع “تويتر”، يتضمن التمرين الذي يستمر عدة أيام، العديد من الفرضيات والتدريبات بين القوات السعودية والأمريكية.
وأوضحت وزارة الدفاع أن “الغضب العارم 22” يأتي تعزيزًا للشراكة بين القوات السعودية والقوات الأمريكية فـي تنفيذ الخطط الثنائية بين القوات.
نشر منظومات ثاد الأمريكية
واستمرارًا للرضا الأمريكي عن الحليف السعودي، في الجانب العسكري، فقد أعلنت السعودية أمس السبت المواقع التي سيتم نشر منظومة الدفاع الصاروخي الأمريكي “ثاد” التي اتفقت الرياض بشأنها في مارس الماضي، مع شركة “لوكهيد مارتن” الأمريكية لتصنيع أجزاء منها في السعودية.
ووفق موقع “janes” المعني بشئون الاستخبارات الدفاعية ، فإن وثيقة نشرت في 15 أغسطس الجاري كجزء من طلب سعودي وموافقة امريكية حول موضوع منظومة” ثاد”.
وتضمنت الوثيقة مواعيد الإنجاز المتوقعة لمنشأة تخزين لصواريخ ثاد الباليستية في منطقة “الخرج” وسط السعودية في يناير 2025، ووضع أول بطارية في “رأس الغار” على ساحل الخليج في فبراير 2026.
وذكر” غانيس”أن مواقع بطاريات ثاد سيتم نصبها في ينبع والطائف في غرب السعودية ومدينة الملك خالد العسكرية في الشمال.
وأشار إلى أنه بشكل عام، هناك 7 منشآت قيد الإنشاء لأنظمة ثاد في السعودية.
ياتي ذلك بعد موافقة وزارة الخارجية الأمريكية على صفقة أسلحة للسعودية بقيمة 15 مليار دولار، تتعلق بـ “ثاد” وما يرتبط بها من دعم وآلات وخدمات في أكتوبر 2017.
أما في 2018م، فقد اتفقت الرياض وواشنطن على شراء 44 منصة لإطلاق صواريخ “ثاد” وصواريخ ومعدات أخرى بقيمة 15 مليار دولار.
تعبيد الطريق للكيان الصهيوني
في هذا العام 2022م، أعلن البنتاغون عن موافقة جديدة لوزارة الخارجية بعقد صفقة أسلحة مع السعودية بقيمة تصل إلى 5.3 مليار دولار، حيث تتضمن الصفقة 300 صاروخ باتريوت بتكلفة تصل إلى 3.05 مليار دولار بالإضافة إلى قطع الغيار والدعم الفني.
أما بالنسبة إلى الإمارات، فوافقت وزارة الخارجية على بيع 96 صاروخ اعتراضي من نظام “ثاد” إلى جانب قطع غيار ودعم فني بنحو 2.25 مليار دولار، بحسب ما نقلته رويترز عن البنتاغون.
مع تأكيدات الرئيس الأمريكي بايدن بالتزام بلاده بالعمل مع السعودية وحلفاء آخرين في الشرق الأوسط، لتطوير بنية دفاعية جوية وصاروخية أكثر تكاملًا وشبكات إقليمية، فإن ما تقوم به السعودية من استعدادات وتجهيزات عسكرية بدعم أمريكي على المدى طويل يُشير إلى أن الرياض، مستمرة في سياسة شن الحروب، وتتصدر اليمن ترتيب الدول المستهدفة في قائمة الرياض، طالما أن من أوقد نيران الحرب، لا يريد إخمادها؛ إلا بعد أن تتحقق كامل مصالحه في البحر الأحمر وبحر العرب، وتحويل الجزر اليمنية الاستراتيجية إلى قواعد عسكرية واقتصادية، وهو المخطط الإسرائيلي الذي ترسم له أمريكا مع أدواتها في المنطقة خارطة طريق لتحقيق أحلامه الممتدة منذ إعلان “إسرائيل” دولة.