متابعات / وكالة الصحافة اليمنية //
على رغم المساعي الأميركية لإنعاش الهدنة اليمنية وإعادتها إلى مسارها، يبدو أن موقف صنعاء لم يَعُد مرناً كالسابق، بفعل إخلال الأمم المتحدة – راعية وقْف إطلاق النار – بالتزاماتها.
وعوضاً عن الانتقال إلى خطوات بناء ثقة بين الأطراف المتخاصمين، تمّت العودة بالنقاشات والمطالب إلى النقطة الصفر، فيما استُخدمت مسألة احتجاز سفن الوقود، كورقةٍ لإرباك المشهد واستنزاف المزيد من الوقت من دون تنفيذ بنود الهدنة.
ويعكس ما تقدَّم، وفق قيادات صنعاء، تهرُّباً مكشوفاً من جانب الطرف الآخر، الذي يرفض اتّخاذ خطوات تُعزّز مسار السلام.
واعتبر مراقبون أن الإفراج عن ثماني سفن احتُجزت من قِبَل التحالف السعودي – الإماراتي، مطلع الشهر الماضي، لم يُعِد الهدنة إلى مسار الأمان، ولم يشجّع صنعاء على التعامل بمرونة مع أيّ جهود دولية أو إقليمية جديدة.
وفي هذا الإطار، كرّر رئيس وفد صنعاء المفاوض، محمد عبد السلام، الموجود في العاصمة الإيرانية طهران منذ نهاية الأسبوع الماضي، أن التطبيق الصحيح لبنود الهدنة يتمثّل في «وقف العدوان، ورفع الحصار، ودفْع رواتب موظّفي الدولة.
»هذه المطالب تتساوق مع ما تُشدِّد عليه صنعاء من أن التمديد الأخير للهدنة كان ولا يزال – بما تبقّى له من وقت -، «يمثّل فرصة أخيرة لا تتكرّر»، علماً أن الأطراف الآخرين تعمّدوا الالتفاف على مضامين التمديد الأخير، ولم يبدوا أيّ نيّة إزاء تنفيذ خطوات بناء الثقة.
من جهتها، قالت مصادر مقرّبة من حركة «أنصار الله»، لـ«الأخبار»، إن موقف صنعاء ازداد تشدُّداً في أعقاب «تعمُّد العدوان احتجاز سفن الوقود من دون مبرّر، بهدف استنزاف الوقت والتسبُّب في وقف تنفيذ البنود الأخرى الخاصّة بفتح وجهات سفر جديدة، وتسهيل دخول سفن الوقود، والتفاوض حول آلية صرف رواتب موظّفي الدولة».
. كذلك، زاد تأييد البيانات الصادرة عن الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، أخيراً، الآلية التي حاولت حكومة الطرف الآخر فرْضها بتوجيهات سعودية، ونتج منها احتجاز السفن، موقف صنعاء تشدُّداً ، خصوصاً أن ترحيب واشنطن ولندن وباريس بالإفراج عن السفن مثّل انحياز هذه العواصم الواضح لـ«التحالف» على حساب استحقاقات الهدنة.
ولفتت المصادر إلى أن تبرئة الخارجية الأميركية ومبعوثها إلى اليمن تيم ليندركنغ، والسفير الأميركي ستيفن فاجن، لدول العدوان من جريمة احتجاز السفن «يؤكد شراكتها في هذه الجريمة الدولية».
في غضون ذلك، أفاد مصدر في «اللجنة الاقتصادية العليا» في صنعاء ، «الأخبار»، بأن «استحسان الجانب الأميركي آلية عرقلة دخول السفن كان أمراً مفضوحاً، كشف عن قيام ما يسمّى بالمكتب الفني التابع للمجلس الاقتصادي في الحكومة الموالية للتحالف بالوقوف وراء فرْض آلية جديدة، ومخالَفة الآلية السابقة المعمول بها منذ ما قَبل الهدنة في عملية استيراد الوقود»، وبأن «الآلية التي حاول الطرف الآخر تنفيذها لفرض قيود جديدة على استيراد المشتقّات النفطية إلى ميناء الحديدة، تعود إلى منتصف العام الجاري، والشركة التي حاول المكتب الفني في عدن فرضها تعود ملكيتها إلى السفير السعودي وشركائه في حكومة عدن».
تلك الإجراءات رفضتها «نقابة تجّار ومستوردي المشتقّات النفطية» في صنعاء، في بيان اعتبرت فيه أن محاولة إجبار المستوردين على التعامل مع شركات مصدّرة أو فاحصة «غير مبرّر»، في ظلّ وجود آلية تفتيش أمميّة يتمّ من خلالها تقديم جميع وثائق الشحنات التي تتطلبّها معايير التفتيش الدولية، وينفذّها في جيبوتي فريق «لجنة التحقق والتفتيش الأممي»، «اليونفم».
وفيما لا تزال خمس سفن محتجزة عند سواحل جيزان، حذّر وزير النفط والمعادن في حكومة صنعاء، أحمد دارس، أوّل من أمس، من مغبّة الاستمرار في محاربة اليمنيين بالوقود، داعياً إلى سرعة الإفراج عنها، وعدم التعرُّض لها مستقبلاً، متّهماً، في تصريح لوكالة الأنباء اليمنية «سبأ» (نسخة صنعاء)، تحالف العدوان بتعمُّد إضاعة الفرص المتاحة للتنصّل من تنفيذ بنود الهدنة، إمعاناً منه في زيادة معاناة أبناء الشعب.
وفي ظلّ هذه التعقيدات، عادت المساعي «الديبلوماسية» الأميركية إلى الواجهة، فيما بدا حديث مبعوث الولايات المتحدة إلى اليمن، الذي عاد ليدشّن جولته الإقليمية من الإمارات، نهاية الأسبوع الماضي، مغايراً للواقع، بعدما انتكست الهدنة وتعثّرت معظم بنودها، وصار الحديث عن إنعاشها وإنقاذها هو الأَولى في ظلّ التعقيدات القائمة.
ويحمل ليندكنغ خلال جولته التي ستشمل السعودية وسلطنة عمان أيضاً، عرضاً جديداً، قالت مصادر ديبلوماسية يمنيّة، لـ«الأخبار»، إنه «لم يأتِ بجديد، باستثناء ترحيل تنفيذ الكثير من البنود، وتأجيل الحديث عن آلية صرف الرواتب وفتح طرق تعز، إلى ما بعد الانتقال إلى عملية توسيع الهدنة».