تقرير/عبدالكريم مطهر مفضل/وكالة الصحافة اليمنية//
تضاءلت مساحة التفاؤل لدى شعب اليمن في إمكانية الوصول إلى وقف دائم للحرب التي تشنها دول التحالف، إثر تنفيذ هدنة إنسانية وعسكرية يصفها كثير من اليمنيين بـ”العقيمة” نظراً لعدم ملامسة أي تغيير يذكر لرفع المعاناة عن كاهل الشعب من وجهة نظر اليمنيين، و إبقاء الوضع على ما هو عليه حتى في حالة “اللا حرب واللا سلم”، الأمر الذي يفرض على كافة اليمنيين في الشمال والجنوب التفكير في خلق معطيات جديدة على المستوى المحلي والإقليمي بهدف أحداث تحولات إيجابية.
تحالفات محلية
ووفقاً لمراقبون للشأن اليمني، فإن المعطيات الجديدة لتغيير واقع “اللاحرب واللاسلم” في اليمن يتطلب استقلال قرار كافة القوى والمكونات اليمنية خاصة في المناطق الواقعة تحت سيطرة التحالف من خلال بروز قيادة محلية في تلك المناطق، تتمتع بالشرعية الشعبية وتمتلك حرية اختيار القرار شبيهة بقيادات الحراك السلمي في المهرة، والمضي نحو الامام للتوصل إلى اتفاق مع حكومة الإنقاذ الوطني في صنعاء بعيداً عن إملاءات الخارج وسفراء دول التحالف وبما يخدم مصلحة اليمنيين بالدرجة الأولى مع إيجاد صيغة موحدة للتفاهم في طبيعة العلاقات بينهم وبين الدول الإقليمية والدولية.
فيما يرى مراقبون محليون، أن حكومة صنعاء يتطلب عليها في الوقت الراهن استغلال حالة الصراع فيما بين الفصائل المسلحة التابعة للتحالف، للبحث عن قنوات تواصل سرية مع كافة القوى الموالية للتحالف (الانتقالي – الإصلاح- حراس الجمهورية) أو القوى المناهضة للاحتلال (حراك المهرة السلمي – الحراك الثوري الجنوبي ) بما يضمن لها عقد تحالفات جديدة مع بعض تلك الفصائل وتقديم دعم عسكري لها وكذا تقديم تنازلات سياسية لها عوضاً عن التنازلات التي قدمتها لدول التحالف عبر مشاورات الأمم المتحدة العقيمة والتي لم تحقق أي نتيجة ملموسة.
لغة القوة
تمكنت قوات صنعاء، خلال السنوات القليلة الماضية من إحداث تطورات مهمة وتعزيز قدراتها بأسلحة حديثة ومتطورة وصقل مهارات المقاتلين وإعدادهم الإعداد الجيد وهو الأمر الذي صدم دول التحالف وقلب موازين القوى لصالح حكومة الإنقاذ في صنعاء .. فيما تعدت العروض العسكرية، التي نظمتها وزارة الدفاع التابعة لحكومة الإنقاذ، مؤخراً من كونها استعراض للقوات المسلحة إلى مناسبة تحمل رسائل ذات دلالات متعددة أهمها أنها رسالة سلام لا استسلام رسالة اطمئنان للداخل مفادها أن الوطن بات الآن في آمان محمي بدرعٍ وسيف وأخرى للخارج يحذره من مغبة المخاطرة والمجازفة .. تلك العروض العسكرية أخذت بُعداً استراتيجياً، سيكون له وقع كبير لدى دول التحالف.
وفي المقابل لا مجال للمقارنة بين ما كانت عليه دول التحالف من العنجهية والغطرسة بداية عملياتها العسكرية قبل 8 سنوات، وبين حالة الخضوع والخنوع الذي وصلت إلى حد الفشل الآن، سواء في تجرعها لهزائم قاسية نتج عنها خسارتها لمناطق شاسعة من نفوذها في اليمن وفي الحد الجنوبي للسعودية، أو في ما يتعلق بالمفاوضات السياسية مع حكومة صنعاء، التي أجبرتها على الإفراج عن 12 سفينة نفطية محتجزة دفعة واحدة، وذلك بعد أيام من تصريحات رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط، خلال تدشين “برنامج الصمود الوطني في مجلس النواب”، أنه “سيتم التشاور مع أعضاء السياسي الأعلى لاتخاذ القرار المناسب إذا لم تدخل سفن الوقود”.
ولفت المراقبون، إلى أهمية استغلال صنعاء تغير موازين القوى العسكرية في اليمن لصالحها والأوضاع المضطربة التي يشهدها العالم بفعل أزمة الطاقة الناتجة عن الحرب الغربية ـ الروسية في أوكرانيا لفرض شروط أكبر من العروض التي قدمتها الأمم المتحدة ودول التحالف.
مناورة سياسية برعاية أممية
تداعيات الحرب الأوكرانية، جعلت الغرب بحاجة ماسة إلى كل قطرة نفط في المنطقة الأمر الذي دفع تلك الدول لتوجيه الرياض وأبو ظبي بوقف الحرب في اليمن خوفاً من استهداف منشآت النفط السعودية الإماراتية من قبل اليمن.
المخاوف الغربية هذه تأتي نتيجة حوادث متكررة تتعلق باستهداف المنشآت النفطية، كان أبرزها استهداف منشأتي بقيق وخريص التابعتين لـ”أرامكو” بطائرات مسيّرة يمنية عام 2019. وتُعدّ المنشأتان القلب النابض لصناعة النفط في السعودية، إذ يصل إليهما معظم الخام المستخرَج للمعالجة، قبل تحويله إلى التصدير، وأدّت الضربات حينها إلى خفض إنتاج المملكة من النفط الخام بمقدار 5.7 ملايين برميل في اليوم، وهو ما يعادل نصف إنتاجها من النفط تقريباً.
ووفقاً للمراقبين، فإنه من الصعب على دول التحالف وفي مقدمتها الدول الاستعمارية التخلي عن الأطماع التي دفعتهم لشن الحرب على اليمن في مارس 2015، وعلى وجه الخصوص احتلال الموانئ والجزر اليمنية بما فيها مضيق باب المندب ونهب ثروات البلاد، ولذا لجأ التحالف إلى حيلة الهدنة التي نفذت 3 مرات، حتى يتسنى للغرب البحث عن طاقة بديلة للنفط والغاز الروسي، لتعاود تلك الدول الحرب وتحقيق أهدافها من تلك الحرب.
ويرى مراقبون عرب، أن إصرار دول التحالف على وقف العمليات العسكرية، مع تأكيد استمرار الحصار الخانق على الشعب اليمني، وكذا تشكيل “مجلس الرياض الرئاسي” هو مجرد مناورة دبلوماسية ليس أكثر، بدليل استمرارها في حجز سفن المحروقات وخروقاتها المستمرة للهدنة عسكرياً بشكل يومي وكذا تهربها من الإيفاء بتعهداتها للأمم المتحدة في صرف مرتبات الموظفين والمتقاعدين المنقطعة مُنذ أكثر من 4 سنوات.