المصدر الأول لاخبار اليمن

دلالات تصاعد عمليات المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية

تقرير/ وكالة الصحافة اليمنية //

 

 

 

شهدت الضفة الغربية المحتلة ارتفاعا ملحوظا وتطورا نوعيا في عمليات المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي خلال الفترة الأخيرة.

وقد اتخذت عمليات المقاومة أساليب متنوعة وأشكال متعددة تعتمد حسب مراقبين على الانضباط والمهارة الكبيرة وعنصر المفاجأة ، لتنعكس على الاحتلال بخسائر جديدة تؤكد زيادة سيطرة المقاومة على المشهد وسط كثافة عمليات قوات الاحتلال ومستوطنيه.

ووفق اخر إحصائية حسب مركز المعلومات الفلسطيني “معطى” نفذت المقاومة خلال شهر سبتمبر الماضي 833 عملا مقاوما في الضفة؛ تنوعت بين إلقاء الحجارة والطعن أو محاولة الطعن والدهس بالسيارات وإطلاق النار وزرع أو إلقاء العبوات الناسفة، وأدت لمقتل ضابطان “إسرائيليان” وإصابة 49 آخرين بعضهم جراحهم خطرة، حسب مركز المعلومات الفلسطيني “معطى”.

فيما تصاعدت عمليات الاشتباك المسلح مع قوات الاحتلال بشكل لافت، حيث بلغت عمليات إطلاق النار على أهداف تابعة للاحتلال 75 عملية، منها 30 عملية في جنين و28 في نابلس.

واستشهد وفق تقرير لـ”معطى” 17 مواطنا، بينهم مقاومون في 6 محافظات فلسطينية، 10 منهم في محافظة جنين وحدها، بينما أصيب 359 آخرون.

وحسب “معطى” بلغت عمليات الطعن أو محاولة الطعن (2) عملية، وعمليات الدهس أو محاولة الدهس (2) عملية، و(21) عملية زرع أو إلقاء العبوات الناسفة، و(34) عملية إلقاء للزجاجات الحارقة، و(27) عملية تحطيم مركبات ومعدات عسكرية، و(6) عمليات حرق منشآت وآليات وأماكن عسكرية، و(10) عمليات إلقاء مفرقعات نارية.

وشهدت الضفة والقدس (17) مظاهرة شعبية، و(80) عملية مقاومة لاعتداءات المستوطنين، إضافة إلى (310) مواجهة للاحتلال بأشكال متعددة.

وقد سجلت محافظات نابلس والقدس والخليل أعلى وتيرة في عمليات المقاومة، حيث بلغت على التوالي (190، 139، 135) عملية.

ووفقا لبيان جيش الاحتلال الإسرائيلي، فقد قتل أحد جنوده يوم الثلاثاء الماضي في إطلاق نار قرب مستوطنة “شافي شومرون” في نابلس شمال الضفة الغربية، وقد تبنت مجموعة فلسطينية مسلحة -تطلق على نفسها “عرين الأسود”- مسؤوليتها عن إطلاق النار.

فيما أطلق مقاوم فلسطيني النار من مسافة صفر، السبت الماضي، على مجموعة من جنود الاحتلال الإسرائيلي عند حاجز شعفاط قرب القدس المحتلة، مما أدى لمقتل جندية وإصابة 3 آخرين.

 

ومما لا شك فيه أن تصاعد العمليات وتنوعها، على ايدي عدد كبير من الأجيال الفلسطينية الشابة  البعض منها غير مؤدلجة ، ولا تتبع أي تنظيم سياسي ، يثبت بان هذه الأجيال تقوم بفعل مقاوم من منطلقات وطنية وكرد فعل على جرائم الاحتلال.

فيما يصف العدو الإسرائيلي، المقاتلين بأنهم أكثر شجاعة وجرأة على مواجهة قواته، وبأنهم يقاتلون حتى آخر طلقة، ويرفضون الاستسلام، ولا يهابون الموت، ويتنافسون في إيذائه وإصابته وتنفيذ العمليات الفدائية، واغلبهم ليس لديهم تعصّب تنظيميّ.

ولعل أبرز العوامل التي أدت الى تصاعد عمليات المقاومة في الضفة الغربية ضد الاحتلال، هي بروز الانتهاكات التي يمارسها الاحتلال بشكل يومي، بخاصة استمرار سياسة الاستيطان وتوسعها واستقطاع أراضي الفلسطينيين، ومحاولات تدنيسَ كل ما هو مقدَّس لدى الفلسطينيين ، إضافة إلى الانتهاكات في الجانب الديني، والتي تتواصل في المسجد الأقصى، وتصل إلى درجة الاستفزاز الشديد، وشعور الفلسطينيين بأن المتطرفين، ، يعملون بصورة فعلية على تهويد المسجد الأقصى وهدمه بحماية حكومة الاحتلال ، إضافة إلى استمرار شلال الدم الفلسطيني في الضفة عبر عمليات الاغتيال الممنهج للشبّان.

من ناحية أخرى، بات الفلسطيني في الضفة الغربية المحتلة يشعر بالخزي من الوضع السياسي الذي تمثّله السلطة الفلسطينية والقيادات السياسية والأمنية فيها، والتي لم يعد لها أي قيمة في مواجهة الاحتلال، بل بات العدو يعتمد عليها جزئياً في مواجهة المقاومة واعتقال المقاومين.

تميز العمليات

ما يميز عمليات المقاومة الحالية في الضفة هو مشاركة مقاتلي حركتي حماس والجهاد الإسلامي مع مقاتلين من كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح في مجموعات مسلحة موحدة، ومن أبرز تلك المجموعات “كتيبة جنين” في مخيم جنين ومجموعة “عرين الأسود” وكتيبة “مخيم بلاطة” في نابلس.

وعلى الرغم من شن أجهزة الأمن التابعة للسلطة حملة اعتقالات واسعة، على مدار السنوات الماضية ، طالت مئات المقاومين الفلسطينيين التابعين لحركتي المقاومة الإسلامية (حماس) والجهاد الإسلامي، بالإضافة إلى العشرات من أفراد الأجهزة الأمنية وحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) التي تهيمن عليها السلطة الفلسطينية .

إلا ان ظهور هذه التشكيلات المسلحة وتصاعد العمليات شكل تطورا جديدا أصبح طاغياً على المشهد السياسي في الضفة الغربية، خاصة بعد أن أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس مرسوما في 26 يونيو 2007 بحظر كافة المليشيات المسلحة والتشكيلات العسكريه.

ومن المؤكد أن التحرك المتواصل لرجال الضفة الغربية ومقاومتهم للاحتلال، قد أثارا حالة من القلق والفزع لدى المنظومتين الأمنية والعسكرية للاحتلال، نظراً لتأثير العمليات الفدائية على سمعتهما، بل أن تأثيرها المباشر على جنود الاحتلال جعلت العديد من الأفراد والقادة العسكريون يشكون بصورة دائمة من حالةَ الشعور بعدم الأمن، بل إنّ تطور العمليات وظهورها على نحو شبه منظّم عزّزا قلق الاحتلال من اندلاع انتفاضة واسعة النطاق وطويلة الأمد.

 

مستقبل المقاومة

يؤكد صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، أن بشائر الانتفاضة الجديدة بالضفة قائمة ومن صورها وحدة القتال في الميدان.

ويضيف العاروري “لا يمكن حسم المعركة مع العدو إلا بالمقاومة المسلحة والتضحيات، وأن تصاعد العمليات والأرقام تشكل هاجسا للاحتلال وأعوانه”.

ويعتبر العاروري انضمام عناصر من السلطة للمقاومة واستشهاد بعضهم “يدلل على نهج حركة فتح المقاوم، أما افراد التنسيق الأمني الذين يلاحقون المقاومين فلا يمثلون فتح”، معتبرا أن رفع السلطة الفلسطينية يدها عن المقاومين سيجعل أيام الاحتلال معدودة.

بينما يرى النائب الفلسطيني حسن خريشة أن الوضع في الضفة يتجه إلى انتفاضة مسلحة، وأن الاحتلال يعيش حالة من القلق والارتباك نتيجة تصاعد عمليات المقاومة ردا على جرائمه.

ويعتقد خريشة أنه “كلما زادت المقاومة على الأرض زادت معها عزلة القيادات المتنفذة في السلطة عن الشارع الفلسطيني، لا سيما أن السلطة غائبة عن المشهد وما زالت تراهن على المفاوضات التي لن تجدي نفعا”.

فيما يقول الباحث في العلاقات الدولية والدراسات الإستراتيجية عبد الله العقرباوي، إن الضفة الغربية تشهد بلا شك تصاعدا في نوعية وعدد الفعل المقاوم، وذلك بالنظر لفشل استراتيجيات الاحتلال خلال 15 سنة في قمع المقاومة الفلسطينية، وبالعكس فقد ساهم توسع الاستيطان وانتهاكات الاحتلال في القدس في جذب المزيد من الشباب للالتحاق بالمقاومة.

ويشير العقرباوي الى أن عملية “كسر الأمواج” وهي آخر ما أنتجه الاحتلال من تكتيكات عسكرية لإجهاض موجات المقاومة في الضفة، باتت تقف عاجزة امام أجيالا جديدة من الشباب الفلسطيني دخلت في سلسلة من العمليات المقاومة، وهذا يعني أن مستقبل المقاومة في الضفة الغربية يسير في مسار تصاعدي وليس على أبواب الضبط، حتى وإن نجحت في عمليات الاعتقال أو الاغتيال فإنها لم تزل غير قادرة على تحييد الأخطار والتهديدات وتحديد نوعية الشباب التي تلتحق بالمقاومة والمناطق التي يخرجون منها والبيئات التي تدعم المقاومة.

 

وبالتأكيد إن مقاطع الفيديو التي نشاهدها للشباب المقاوم، سواء من مجاهدي كتائب القسام وسرايا القدس وكتائب شهداء الأقصى، أو من الشباب المستقلين، تثبت بما لا يدع مجالا للشك أن وحدة الجهاد هي الحل الوحيد لإنهاء الاحتلال بعد أن وصلت العملية السلمية ومفاوضات التسوية إلى محطة فاصلة من الفشل.

قد يعجبك ايضا