تحليل/عبدالكريم مطهر مفضل//وكالة الصحافة اليمنية//
ثمان سنوات لم تكن كافية لانتهاء الحرب العبثية في اليمن، لكون قوى دولية عدة على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا والكيان الصهيوني لها أجندتها الخاصة للاستفادة منها، على حساب شعب مسالم وأعزل وقع ضحية مصالح وصراعات سياسية وعسكرية إقليمية ودولية.
وأثارت التطورات الأخيرة في المشهد الحضرمي على وجه الخصوص الكثير من القلق والمخاوف لدى المراقبين خاصة في ظل تزايد الحضور العسكري الأمريكي على أرض اليمن، والزيارات المكثفة التي ينفذها السفير الأمريكي لحضرموت.
حضرموت في عيون أمريكية
وفي ظل ظروف بالغة التعقيد تشهدها اليمن بشكل عام والمحافظات الجنوبية والشرقية بشكل خاص جراء سلسلة من الأحداث المتسارعة تحاول الولايات المتحدة ومن خلفها بريطانيا والكيان الصهيوني عبر أدواتهم في المنطقة السعودية والإمارات أن ترسم خارطة جديدة للبلاد برؤية استعمارية حديثة وفق مصالح دول الهيمنة الغربية كانت تتربص باليمن لعقود، ولعل النصيب الأكبر من تلك المخططات أخذ يظهر بشكل أوضح حالياً في محافظة حضرموت.
وبحسب المراقبون، فإن التطورات الأخيرة على الأرض في أكبر المحافظات اليمنية من حيث المساحة والثروات النفطية والمعدنية خاصة في ظل تزايد الوجود العسكري للقوات الأمريكية والزيارات المتعددة للسفير الأمريكي، وتغذية صراع التناحر بين رفقاء التحالف “الإصلاح والانتقالي” وبروز دعوة “تقرير مصير حضرموت” في الانفصال عن الوطن الأم؛ فأن المخطط الاستعماري تجاه حضرموت لم يكن وليد اللحظة فقد بدأت ملامحه منذ حرب صيف 1994، حيث سعت السعودية وبعض دول الخليج إلى فصل حضرموت عن اليمن وتجددت تلك النوايا بإصرار “هادي وحكومته” على إقرار نظام الأقاليم الستة في سبتمبر 2014، بما يضمن تحول حضرموت من محافظة إلى أقليم يتيح له تقرير المصير وإعلان نفسه دولة مستقلة ذات سيادة وطنية.
السفير الأمريكي لدي اليمن ستيفن فاجن زار محافظة حضرموت، للمرة الثالثة خلال أقل من 6 شهور والتقى بمحافظ حكومة التحالف في حضرموت “مبخوت بن ماضي”.
وعلى الرغم من استعراض واهتمام وسائل الإعلام العربية والدولية بالتطورات العسكرية بشكل واسع في المحافظات الشرقية، والتوترات بين رفقاء التحالف “الإصلاح والانتقالي” في حضرموت وإعلان الميليشيات التابعة للتحالف ومن خلفها الولايات المتحدة وبريطانيا والكيان الصهيوني، نواياها بالسيطرة على محافظتَي حضرموت والمهرة، إلا أن تلك الوسائل الإعلامية أثارت تساؤلات عدة حول مصير الثروة النفطية في المحافظات اليمنية الشرقية.
وبدورها علقت صحيفة القدس العربي الأحد الماضي، على زيارة السفير الأمريكي لحضرموت بالقول: ” أمريكا تدرك جيداً تفاصيل النزاعات الحاصلة في حضرموت وتشتغل عليها في خطابات في ظاهرها الحفاظ على أمن واستقرار اليمن وفي الواقع تشتغل على مشاريع أخرى في الجنوب اليمني وعلى وجه الخصوص محافظة حضرموت التي تمتلك موقع استراتيجي وثروات كبيرة؟
ولم تستبعد الصحيفة في تقريرها أن الإدارة الأمريكية تعمل على التوصل لاتفاق يضمن لها القيام بحماية المنشئات النفطية، خاصة في ظل وجود قوات عسكرية لها في مطار الريان، وأن الزيارات الأمريكية لحضرموت يأتي في سياق تعزيز الحضور الأمريكي بما يكفل للولايات المتحدة السبق في فرض واقع تخطط له واشنطن ليكون لها حضوراً فيه مستقبلاً.
ما وراء دعوة “حضرموت مستقلة”؟
ويبدو من خلال التصعيد والتصعيد المضاد بين قوى التحالف، أن هناك مسرحية تم وضعها من قبل قوى دولية كبيرة، تهدف إلى دفع الأمور باتجاه فرض ما بات يعرف بدعوات “استقلال حضرموت”، حيث تحاول الأطراف الموالية للتحالف، تصوير تلك الدعوة باعتبارها حلاً سلمياً يخلص حضرموت من براثن الصراع المفتعل بين قوى التحالف، في إطار محاولات ايجاد الذرائع لخلق كيانات انفصالية هشة تسهل للمحتل مهمته في احتلال الأرض ونهب الثروات. وهو ما فسره المراقبون كونه يأتي ضمن النظرية الاستعمارية الأمريكية الجديدة “الفوضى الخلاقة”.