متابعات/وكالة الصحافة اليمنية//
سلط مركز العلاقات الدولية الإلكتروني “E-International Relations” الضوء على الدوافع وراء استراتيجية الكيان الصهيونية النووية، مشيرا إلى أن مفهوم “الردع” لايزال هو المهيمن على استراتيجيات الدفاع باعتباره الطريقة الرئيسية لحماية الدولة في الاستراتيجية النووية.
وأورد المركز تحليلا لـ”بيتر تشاو”، ذكر فيه أن القوى النووية الكبرى، مثل الصين والولايات المتحدة وروسيا، يسعدها التأكيد على تأثير الردع من خلال استعراض أحدث تقنياتها النووية، ومع ذلك يبدو أن هذه النظرية المهيمنة غالبًا ما تتمحور حول القوى النووية العظمى والتوازن فيما بينها فقط.
وتساءل “تشاو”: “هل هذه المبادئ قابلة للتطبيق فعليًا على جميع القوى النووية، بما في ذلك القوى الإقليمية؟”، مجيبا بأن الكيان، كمثال، يعتمد مفهوم “الغموض النووي” بدلا من “الردع”، مستندا في ذلك إلى مذكرة رفعت عنها السرية من الأرشيف الرقمي لمركز “ويلسون”.
ونوه “تشاو” إلى مذكرة رفعت عنها السرية، كتبها مستشار الأمن القومي الأمريكي “هنري كيسنجر” إلى الرئيس الأسبق “ريتشارد نيكسون” في 19 يوليو 1969 لمناقشة “المشكلة النووية الإسرائيلية”، لخص فيها الوضع فيما يتعلق بالبرنامج النووي الإسرائيلي وقدم المشورة بشأن كيفية التعاطي معه.
وكتب “كيسنجر” المذكرة بعد اجتماع لمجلس الأمن القومي الأمريكي في 16 يوليو 1969، وكانت القضية الرئيسية في نقاشاته هي أن الولايات المتحدة تعلم أن الكيان يطور نوعًا من قدرات الأسلحة النووية، رغم أن الدولة العبرية لم تعترف بها علنًا.
كانت هذه القضية بمثابة مشكلة كبيرة لأنها قد تزيد الخطر في الشرق الأوسط والتوترات بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي آنذاك، ولذلك وضع مجلس الأمن القومي الامريكي عدة توصيات حول كيفية المضي قدمًا في التعاطي مع البرنامج النووي الإسرائيلي.
ومن المثير للاهتمام، أن “كيسنجر” حاول، في مذكرته أن يفرض رأيه الخاص باعتباره أفضل طريقة للتعاطي مع البرنامج النووي الإسرائيلي، بينما تجاهل إلى حد ما التوصيات الصادرة عن مجلس الأمن القومي، حسبما يرى “تشاو”.
ويعتبر “تشاو” تلك الوثيقة مصدرا موثوقا للمعلومات حول تفكير السياسة الخارجية للولايات المتحدة فيما يتعلق ببرنامج الأسلحة النووية الإسرائيلي في هذه الفترة، ومع ذلك يشير إلى أن أجزاء معينة من الوثيقة تظل خاضعة للرقابة، ما يعني أنه لم يتم رفع السرية عن كل شيء فيها.
وتقدم الوثيقة تفسيرًا جزئيًا لسياسة “الغموض النووي” الإسرائيلية، حيث عارضت الولايات المتحدة علنًا البرنامج النووي الإسرائيلي بأكمله، ولكن نظرًا لأن الأوان لمنعه تمامًا قد فات، فقد بحث “كيسنجر” عن حل أكثر واقعية.
ويلخص “تشاو” هذا الحل قائلا: “أرادت الولايات المتحدة منع الكيان من إعلان أنها أصبحت دولة تمتلك أسلحة نووية؛ لأن هذا من شأنه أن يؤثر على جهود منع الانتشار النووي، ويخلق اتهامات بالتواطؤ الأمريكي، ويزيد من الخطر في الشرق الأوسط، ويزيد من حدة التوترات السوفييتية الأمريكية”.
ولذا اقترح “كيسنجر”، في مذكرته، استخدام تسليم الأسلحة الأمريكية، خاصة قاذفات القنابل المقاتلة، كوسيلة ضغط لإجبار الكيان على تجميد برنامجه النووي، لكنه أشار، في الوقت ذاته، إلى أن هذا ليس هدفًا عمليًا للغاية؛ لأنه لا يزال يجعل الولايات المتحدة متواطئة، ولذا فإن واشنطن عليها أن تعلن علنًا أنها تريد منع الكيان من الحصول على أسلحة نووية.
كما اقترح “كيسنجر” إقناع الإسرائيليين بأن يتعهدوا بعدم الإعلان علنًا عن امتلاكهم أسلحة نووية مع استخدام علاقاتهم التجارية بمجتمع الدفاع الأمريكي كوسيلة ضغط، ونصحهم بأن يوقعوا على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، حيث توجد “ثغرات كافية في المعاهدة لمواصلة برنامجها في الخفاء”.
وهنا يشير “تشاو” إلى أن الكيان ظل يسعى للحصول على التكنولوجيا النووية منذ نشأتها، حيث كانت قياداتها تعتقد بأن قدرة الأسلحة النووية ضرورية لضمان بقاء الدولة العبرية وأمنها في مواجهة “جيرانها العرب المعادين”.
ويؤكد تقرير لمجلس أبحاث الدفاع الكندي، رُفع عنه السرية في عام 1964، أن رئيس أركان الكيان آنذاك أكد على حاجة الدولة العبرية لتطوير “أسلحة جديدة”، في إشارة واضحة إلى الأسلحة النووية، وهو ما مثل إشكالية بالنسبة للولايات المتحدة آنذاك، خاصة أنها طرحت التفاوض على معاهدة عدم الانتشار وفتح باب التوقيع عليها، بما يحافظ على توازن القوة النووية.
وهنا يشير “تشاو” إلى أن مذكرة “كيسنجر” تكشف كيف هيمنت المصالح الخاصة على التفاعلات الأمريكية الإسرائيلية المحيطة ببرنامج الأسلحة النووية الإسرائيلي ودفعت كلا الطرفين لتقويض الاتفاقات الدولية من أجل أمنهما القومي ومصالحهما الاستراتيجية.
ويخلص “تشاو” إلى أن النظريات والمبادئ التي تقوم عليها الاستراتيجيات والسياسات النووية لا تنطبق بالضرورة على جميع القوى النووية في العالم، مؤكدا أن الاختلافات في الاستراتيجية بين القوى النووية، ولا سيما القوى الإقليمية، تظل موضوعًا مثيرًا للاهتمام، غالبًا ما يتم تجاهله بالتركيز على القوى العظمى فقط.