ميخائيل عوض/ وكالة الصحافة اليمنية//
الانتقال من الدفاعي إلى الهجومي ومن التكتيكي إلى الاستراتيجي
في بحر اليوم الاول للزيارة لا مواعيد او محطات منظمة مسبقا…أننفق الوقت في الفندق وقد سبرنا كل اغواره ومحيطه وقاعاته، ام نخرج نجول في شوارع طهران؟ وقبل ان نستقر على امر جاءنا المضيفون وقالوا؛ مساء عندنا لقاء موسع في الفندق مع مسؤولين في الدولة والولاية ففرحنا، مرتين.
الاولى؛ لان نهارنا لن يضيع، والثانية؛ ان الايراني غير من طرائق تعامله مع ضيوفه للمؤتمرات، وكنا في المرة السابقة قد سجلنا ملاحظة؛ بانكم والسوريون لا تجيدون الاستثمار بالوفود الاجنبية التي تتكلفون على استضافتها فيعودون بألف سؤال زيادة عما عندهم ونصحنا بضرورة ان يتم للوفود لقاءات مع مسؤولين ليستزيد الزائر بمعلومات وبأجوبة على الأسئلة التي عنده.
تقاطرت الوفود الى قاعة فسيحة مجهزة، واعتلى حبيبنا وصديقنا الذي لم يتركنا لحظة واحدة” حسين” المنبر بلغته العربية والفارسية واعلن افتتاح لقاء حواري صريح بين الضيوف ومسؤولين وقدم المتحدثين؛
١-حميد مقدم فر(المستشار الإعلامي للقائد العام للحرس)
٢-بهادري جهرمي (المتحدث باسم الحكومة)
٣-علاءالدين البروجردي عضو مجلس الشورى والمسؤول الايراني واسع الشهرة وشديد التهذيب الذي لم يبرح الفندق منذ وصولنا يتحادث ويرحب ويشرح للضيوف ويجيب على أسئلتهم ويلبي طلباتهم وهو ايضا مكلفا بالإشراف على المؤتمر وفعالياته…
عرض المتحدثون بصدق وبتفاصيل ما جرى في ايران في الآونة الاخيرة ولم يبخلوا بالجرأة على تحديد نقاط الضعف والاخطاء المرتكبة التي وفرت شروطا وبيئات لعمل ونشاطات الخلايا التي استهدفت ايران، وبشفافية تحدثوا عن اختراقات في الدولة وعن ضعف وتلكؤ في حل المشكلات ولم يستبعدوا ان يكون التلكؤ مقصودا والتردد والابطاء في المشاريع ومعالجة الثغرات والازمات، وقالوا تصريحا لا تلميحا ان جذر المسألة يقع على حكومات الفريق الاصلاحي التي فرطت بالفرص وراهنت على الغرب وسعت لاسترضائه واشاعت ثقافته الليبرالية وامنت اختراقات للبنية والمجتمع وقصرت في الاوضاع الداخلية وعطلت خطط البناء والارتقاء والتحول الى اقتصاد المقاومة وخوض حرب التبليغ واشهار قوة وعناصر تفوق النموذج الايراني، واسهب المستشار الاعلامي لقائد الحرس باتهام المسؤولين بالتقصير وبانهم لم يأخذوا بالتحذيرات والتنبيهات التي وصلتهم وكان المخطط وعناصره وتكتيكاته معروفا لنا ومتوقعا واعدت الخطط والسيناريوهات لإجهاضه مسبقا، ولام المسؤولين واتهمهم بالتفريط بالزمن وبالإمكانات الكبيرة التي رصدت للحرب الإعلامية وحرب التبيين وكسب القلوب والعقول، وتوقع ان تكون الازمة حافزا على تجديد المشروع والاقلاع عن الانتظارية والعمل بكفاءة وجدية ومثابرة لحل المشكلات وتطوير الاداء والادوات والانتقال الى مرحلة الاستباقية والهجومية وشرح المتحدث باسم الحكومة ما استخلصته من الازمة وكيف تعيد صياغة حساباتها وخططها.
استمر اللقاء طويلا واعطيت الفرصة لكل الراغبين بالأسئلة، وطرحت أسئلة صريحة وجريئة وجادة عكست التنوع الكبير في الحضور ووقع الأزمة والموقف من تجربة ايران تماشيا مع الاختلافات بالانتماءات الجغرافية والعقيدية والفكرية، وكان لسعة صدر المحاضرين والتعامل مع الاسئلة بجدية والاجابة عليها كلها بالدليل والبينة وقع هام واقناع وتمكين الحاضرين من حقائق الجاري في ايران.
خلاصة اليوم ثمينة جدا؛
-الايراني مهذب مستمع جيد غير معتد بنفسه جريء في نقد أخطائه شفاف في التعاطي مع الامور.
-يقبل النقد بصدر رحب ويأخذ بالملاحظات ويدرسها ويعمل بما يراه مفيدا ومثمرا.
-القوى والاجهزة الفاعلة في ايران جادة في التعرف الى الواقع كما هو والافادة من اراء الضيوف وملاحظاتهم وتدرس بعمق خطتها وتعد تصوراتها بهدوء للرد والتعامل مع التطورات ولا تخفي عيوبها واخطائها.
– كلمات ومسائل وردت على السنة المحاضرين ستسمعها في كل الاروقة تدلك على ما تعده ايران للأيام المقبلة؛
لابد من لانتقال الى الهجوم
لا يجب ترك الساحة الاعلامية والتنويرية وحرب التبليغ والتبيين مسرحا للأخرين، بل يجب ان نخوضها ونوفر شروطها وننتصر فيها.
العقول هي جغرافيا المستقبل التي يجب التعامل معها
الثورة التقنية الرابعة ووسائط الاتصال والشبكات عالم جديد لابد من اقتحامه والريادة فيه…
للأجيال الشابة والفتية خطاب ولغة ووسائط مختلفة وايران شابه ومتفوقة في علوم الفيزياء والكمياء والشبكات والاختراعات لابد ان تتفوق، فما لدينا من قيم انسانية واجتماعية وروحية ودينية اقوى مما يسعى الغرب لترويجه من تحلل قيمي ومثليه وتهتك واستهلاكية وفردانية عدوانية، ولا يجب ان نخسر المعركة…
وانت تقع على هذا النمط من دولة بعمر ال٤٤ سنة وعلى هذه الجرأة بنقد نفسها وتلمس اخطائها ولا تحيل الامر الى المؤامرة والمتآمرين والجواسيس والحصارات والحروب… ولا تلعن الظلام، بل تقف على حقائق الامور، ولدولة لديها الجرأة على نقاش حر مع اي سائل او ملاحظ وتأخذ بما ينصح، ودولة دابها ان تفكر بالغد وبجديد العلوم والتقانة وانعكاساتها في الحياة العامة ووقعها في العقول…. تشتد قناعتك بان ما لاحظته سابقا ووصفته في الشكل … له جذور عميقة ثابته وتكتشف اسرار شباب الثورة – الدولة وتجددها واناقة طهران وسر ابتسامتها.
في اليوم الثاني الى المهرجان المركزي في مصلى طهران وتلاحظ ان الورش والاعمال التي كانت في السنة الماضية قد انجزت اعمالها واتقنتها وانتقلت الى انجازات اخرى، ولا يخفى عليك ان كل مسؤولي الدولة والاهم بينهم يحضرون مهرجان تكريم قاسم سليماني وبان الحشود هذه السنة تختلف بحجم المشاركة النسائية والشبابية والهتافات والقبضات التي ترتفع وتدق على الصدور لتأكيد وتجديد العهد والقسم، اما اللطافة الايرانية والابتسامة وتواضع المسؤولين وكلمة في خدمتكم ستسمعها كما في السوابق وستكتشف قائلها؛ انه اما وزير او ضابط برتبة لواء او مستشار في مكتب القائد، وعندها لن تفاجئ بان مقدم الشاي والحلويات في مكتب الدكتور الشيخ علي اكبر باراتي منسق فرع التجمع العالمي لدعم خيار المقاومة مسؤولا كبيرا في جهاز له اهمية نوعية ومصور اللقاء رئيس اتحاد طلبة ايران وفي ايران ما يربو عن عشرين مليون تلميذ وطالب ولجهة الاساتذة فهم ثلاثة ملايين في المستويين الجامعي والتعليم الاساسي، وبالتأكيد لن تصعق عندما ستعرف ان الاخ ابو فلان الذي كان يسامرك ويقدم لك القهوة هو احد اهم واخطر اركان قادة الحرس الثورة في قوة القدس….
في اليوم الثالث؛ تبدا اعمال المؤتمر في قاعة المؤتمرات الدولية، وجلسة الافتتاح لكلمات الضيوف التي نالت فيها كلمة التجمع العالمي لدعم خيار المقاومة اعجاب واهتمام استثنائي بإلقاء الامين العام الدكتور يحي غدار وما ان هم بالنزول عن المنبر حتى كان كبار مسؤولي الدولة يقفون للمصافحة وقد حضر القائد قااني الجلسة وباقي الجلسات كمستمع مهتم وكانه طالب علم لا قائد قوة القدس، وبعد الافتتاح تشكلت اثنتا عشر ورشه عمل ليومين كل في اختصاصه.
الانتقال من التكتيكي الى الاستراتيجي- من الدفاع الى الهجوم، ثم التعامل مع جغرافيا العقل لا فقط الجغرافية الطبيعية، ولا بد من تطوير الخطاب ليكون جوهره خطاب المستضعفين…
ببين الجلسات وبعد وجبة الغداء الكريمة جدا والتي دفعت بالدكتور حسن جوني لرجاء المضيفين بتقليل الكميات من اللحوم والارز والحرص على عدم هدرها، تعقد جلسة تشاور وحوار سريع مع احد المشاركين تكتشف انه هو “ابو فلان” ويقدمه المترجم دون قصد وانتباه بانه احد اهم واخطر قادة قوة القدس رفيق الشهيد قاسم سليماني اللواء…، فتندهش وتنشده فقد جالسته السنة المنصرمة وتحدثت اليه بلهجة النقد الشديد على ممارسات وتصرفات الايرانبن في لبنان وسورية والعراق وسقت كلام واقف عن اخطاء وارتكابات في العلاقة مع تركيا والاخوان المسلمين وووو….
يبتسم بخجل ويعتذر ويرجوا عدم مناداته بسيادة اللواء بل بالأخ او بالحاج ويقدم شرحا مقتضبا لما وقعت عليه يد الحرس وقوة القدس في الاحداث الاخيرة في ايران، ويطمئنك بان الامور تحت السيطرة ويروي تفاصيل كثيرة ومهمة ويختم بكلمات ستترك اثرها في تفكيرك ونهجك ورؤيتك للدولة والثورة الايرانية فقال باختصار؛ نبحث ونستنتج وخلصنا الى انه لابد لإيران ومحور المقاومة من نقلة نوعية تستهدف ثلاث؛
الانتقال من التكتيكي الى الاستراتيجي- من الدفاع الى الهجوم، ثم التعامل مع جغرافيا العقل لا فقط الجغرافية الطبيعية، ولا بد من تطوير الخطاب ليكون جوهره خطاب المستضعفين…
تلك كلمات دقت كناقوس في رأسك ما يشبهها سمعته في الندوة والحوار في الفندق، وما يقاربها قالها خطباء مهرجان مصلى طهران ، وكلمات افتتاح المؤتمر في قاعة لمؤتمرات، وهذا القائد الابو فلان يختصرها بتركيز….اذن في الامر مسالة ابعد من مواجهة ازمة وتحرشات واستفزازات في البنية الداخلية الايرانية عابرة وتمت السيطرة عليها بسرعة ويسر ولو بكلفة ودماء على الضفتين…والاكثر اهمية انك امام ايران غير التي عرفتها بدولتين وخطابين ونمطين من المسؤولين…. فقد توحدت وحسمت لصالح المتشددين في الانتخابات الاخيرة وبتسلم رئيسي للرئاسة ما تجسد بسرعة الانجاز وبوحدة الموقف والهدف والتوجه وبحسم التوجه شرقا وبالطلاق البائن مع الغرب…
اليوم الثالث لكرمان وزيارة مرقد قاسم سليماني؛
في صالة المطار استعدادا لامتطاء الطائرة الى كرمان سيخضع الجميع للتفتيش ومن مسرب محدد، اما المفاجأة فان تجد الحاج اللواء الاخ ابو فلان بانتظارك والساعة ال٧ صباحا يصافحك بابتسامة متواضعة وخجولة، وانت تسترق السمع لحديثه مع احدهم “على الواقف” تنتبه انه تحفز واتجه الى مسرب التفتيش برغم ان وفدنا اكتمل دخوله واذ باللواء قااني يدلف برفقة زوجته وصبيتان ومرافقين، يقف بالصف ويفك حزامه ويضع امتعته ومعطفه على سير السكانر ويمر كأي شخص عادي ويجلس في مقاعد الانتظار بلا بهرجة او حفاوة او اهتمام فيقع تفسير وجود الاخ ابو فلان في المطار ثم عند النزول من الطائرة تنتبه ان قااني وعائلته ومرافقيه يجلسون في الدرجة الاقتصادية وليس في مقصورة رجال الاعمال او الدرجة الاولى لن تسأل نفسك لو كان مسؤولا لبنانيا او سوريا او عربيا اية ابواب وكم كانت الحاشية والطرق العسكرية لمروره والطائرات الخاصة والحاشية….
في الطريق من مطار كرمان الى مقبرة الشهداء ومرقد سليماني لا تغيرات نوعية فقد سلكناه في السنة الماضية والجديد الحشود الشعبية المتواصلة والتي ستتواصل لعشرة ايام فكل مناسبة في مقبرة الشهداء في كرمان عاشوراء بتفاصيلها وممارساتها، والجديد مزيد من المداخل والاستردادات التي تصل بك الى المقبرة والمقام وجثمان سليمان مدفون بين الشهداء من رفاقه بموجب وصيته والوصول اليه لتلاوة الفاتحة مشقة الرحلة ما استوجب من د.غدار الاطالة على الضريح …. والى الفاتحة قراءة اية الكرسي وبعدها انتقاد شديد اللهجة لعدم تنظيم الحجيج الى الضريح … والجواب اتفق على لساني ولسان الشيخ باراتي؛ انه ضريح ومناسبة شعبية هو ارادها كما تجري والا لكان له مقام ومسيرات زيارته منظمة ومتقنة وهذه لا تنقص ايران التي يزور فيها مقام الرضا او الخميني عشرات الملايين بانسيابية وهدوء وتنظيم شديد….
من المقام الى الجامعة فغداء كريم جدا ورجاء د حسن جوني بعدم هدر الطعام فهناك، ومن ثم الى جلسة تفاعل فكري مع اساتذة الجامعة وطلاب دراساتها العليا، وبعد الترحيب والرد الذي تولاه د .غدار معددا جمائل وانجازات ومواصفات القائد سليماني والتي لاقت استحسان كبير، طرح مدير الجامعة سؤالا واحدا وتمنى على الوفد الاجابة بصراحة دون تورية او مواربة؛ كيف لنا ان نثأر لاستشهاد سليماني؟؟
تبارى المتداخلون بطلب الثأر من راس الفتنه ترامب وفريقه ومن رموز الادارة الامريكية وقادتها الامنيين والعسكرين، واقتراحات بملصق لصور المتورطين ونشره مع تخصيص جوائز بملايين الدولار وهكذا اما د.حسن جوني فتنبه الى اننا في صرح علمي وبين اساتذة وطلاب استذه فالمنطقي ان السؤال لا يبتغي اجوبة ثأرية بالمفهوم الجاهلي ما قبل الاسلام فقدم مداخلة مقتضبة؛ بان الشهيد لابد ترك وصية للثأر فعلينا ان نتبعها، ونكمل مسيرته لتحقيق الاهداف التي استشهد من اجلها.
ثم الى الفندق في طهران وعلى وعد الاخ حسين بجولة.
جولة طهران الليلية اخذتنا الى السفارة الامريكية التي ارتفع عليها علم فلسطين ووزعت اجنحتها وغرفها لجمعيات وفرق وفصائل مقاومة الشيطان الاكبر وبالمقابل مبنى للقرض الحسن الايراني، ثم معلومات عن الشوارع والساحات واسمائها واهم ما شهدت من احداث فعرض لاحتساء كأس من الحليب بالفستق في الشارع الوحيد الذي شهد تظاهرات واعمال شغب في الاسابيع السابقة…
المحل متقن ونظيف وحركته والشارع يذكرك ببوظة القزيلي والاسواق ما قبل الحرب الاهلية في بيروت….وطعم المشروب اللذيذ فيه نكهة بوظة بكداش في الحميدية دمشق..
هنا جرت تظاهرات ونظمت تحرشات ولهذه المنطقة قصة وتاريخ وكانت منطقة نفوذ ” المنافقين” لكن الامن تعامل بذكاء فجرد افراده من السلاح والذخير وطلب منهم الحوار والحياد وعدم الانجرار الى التوترات وردات الفعل…
وبعد ايام استدعى الامن كل من نظم وشارك واستفز واعتدى فانبهر المشاركون من دقة المعلومات وتفاصيلها… ربما اكتشفوا ان اكثر من ٣٠٠٠ طائرة مسيرة تقيم في سماء طهران ليل نهار الى ان غالبية ال٠مواطنين والاهالي بمن فيهم عائلات النشيطين والمخربين تواصلوا مع الاجهزة وابلغوا عن ابنائهم في التحركات… ثقوا ان ايران قادرة والشعب بأغلبيته الساحقة مع الثورة والقيادة والدولة…
يوم الجمعة بلا جدول اعمال فهو يوم عطلة والصلاة ويلفتك انه في مواعيد الصلاة والاذان لا تقفل طهران وتستمر امورها وحياتها عادية ولا يجبر احد على الصلاة” وفي كل مكتب او قاعة ومكان عام مصلى للرجال واخر لنساء فمن اراد السبل موفرة له متى شاء، وليس من مطاوعي النهي عن المنكر فالناس مطلقة الحرية في ان تعمل او ان تصلي وان تؤمن”إنك لا تهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء” والله وحده يعرف حقيقة الافراد وعلاقة البشر به فلماذا تقسر الناس وتجبرهم على المخاتلة والتكاذب. بكل حال ما كان في السعودية لم ولن يكون في طهران…
فقد دعانا حسين بعد الافطار للاستعداد للقاء احد المهتمين والراغبين بالحوار…
عدد محدود كنا. على مدخل الشقة المتواضعة استقبلنا الحاج فلان…، مرحبا بابتسامته وشدة تواضعه…
بعد الجلوس وضيافة الحلويات الايرانية والشاي الخمير، قال: انا بخدمتك معنا حتى الواحدة وحاضر للإجابة على أسئلتكم واستفساراتكم اي تكن. رجاء نتحدث بصراحة فايران والمحور في مرحلة نوعية جديدة تستوجب البحث والنقاش واستطلاع المستقبل وعناصره وما يبطنه وما يخطط له الاعداء وهم في زمن قلق وتراجع وانهيار وعلينا الا نستهتر بما قد يقدمون عليه…
لثلاث ساعات ثمينة دار نقاش حر وصريح وجدي وواسع وعميق عن امريكا والنووي وعلاقات ايران بروسيا والصين وشنغهاي وعن فلسطين وانتفاضتها المسلحة وخطر تصفيتها كما عن الاردن واحتمالات انفجاره وعن لبنان وانتخاباته وعن سورية وازماتها والعلاقات الروسية السورية الايرانية وعن العلاقات السورية التركية والايرانية الخليجية… وجزم بأن ايران تتأهب وتسعى لحقبة جديد نوعية واستراتيجية وهجومية بكل الاتجاهات…
المحطة الاخيرة والزبدة في زيارة ايران لقاء مطول وحر في مكتب الدكتور باراتي منسق التجمع العالمي لدعم خيار المقاومة، جمع وفد التجمع من كل البلدان للتعارف ولنقاش امور التجمع ووضع الخطط المستقبلية وتنسيق الجهود في مختلف الساحات ورفع كفاءة الفروع والعمل وتطويره.
وفي ختام اللقاء قدم د باراتي مداخلة اكثر من هامة لم تخالف ما سمعناه بل عمقته وطورته، وعززت الثقة والقناعة بأن ايران وجمهوريتها الاسلامية ودولتها في مأمن بل اكثر انها متحفزة ومتوثبة وتستعد لجديدها النوعي المبهر والمغير في ميزان القوى والتأسيس لمستقبل الاقليم وابعد، وبين ما قاله للتطمين؛ ان ايران في الفترة الماضية حقت انجازات وفتوحات علمية وانتاجية واقتصادية صاروخية ربما هي التي استعجلت التحرش بها فليست الصواريخ الدقيقة والمسيرات التي تشهد لها الميادين والحرب الاوكرانية، فمما حققته ايران هناك صاروخ الفرط صوتي بسرعة ٥ مرات اسرع من الصوت وهناك الغواصات الفرط صوتيه والمسيرة، وهناك ما هو اهم وتوابع في البر والبحر والجو، وهناك صاروخ عابر اخر فقد دشنت ايران وروسيا خط قطار يصل ايران برا بأسيا واوروبا وهناك استرادات في التعاملات الاقتصادية مع شنغهاي والبريكس والعلاقات بين روسيا وايران والصين ابعد من تبادلات وعلاقات اقتصادية وثقافية ومالية وخلافه، واستل من جعبته دفترا بعشرات الأوراق وبدا يقرا ارقام النمو، وما تحقق في الزراعة والصناعات الزراعية والغذائية، والصناعة والصناعات الثقيلة والالكترونية والطب ولتعليم، والادوية، وكم لإيران من ديون واموال مجمدة وكم بلغت صادراتها النفطية والغازية ومن المشتقات والصناعات البتروكيماوية والسيارات والاجهزة الكهربائية والذكاء الصناعي، وهم بتعداد مجالات التفوق الايراني بالعلوم وبالجوائز التي نالها طلابها في المونديالات العلمية، واختبارات الذكاء وبراءات الاختراع والابحاث العلمية المحكمة وملايين الكتب التي طبعت وهو يقلب اوراقه سمع صفير تعظيم اطلقه احدهم ودعوة للصلاة على محمد وال محمد، فأنهى جردته بالقول لا تحملوا هم ايران لديها ما تفاحئ به الجميع والاهم حجم الالتفاف الشعبي حول الدولة والقيادة والثقة العالية للشعب بمستقبل ايران.. ….
في الخلاصة وقد طال المقال..
هل العناوين والمشاهدات والاستنتاجات التي وردت في اجزاء مقالنا فيها تضخيم او انحياز او بروبغندا لصالح ايران وللتغطية على ازمات او ثغرات ومشاكلات مستعصية؟؟؟
الجواب القاطع لا …. فكل ما كتبناه وشاهدناه واستنتجناه موثق، واقعي وملموس وما سمعناه ولمسناه اكثر بكثير حسبنا ان نشره قد يكشف للأعداء اسرار…….
والاهم والاكثر اهمية بالنسبي لنا ليس استعراض الارقام والانجازات والجوائز والفتوحات العلمية التي حققتها ايران وانواع السلاح وكمياته، وارقام الاقتصاد والتنمية والنمو…. بل الاهم نوعيا هو العقل واليات التفكير والجدية والوضوح والشفافية التي لمسناها وعشناها وبينها ما هو جار من نقاشات لانضاج استراتيجيات وخطط المستقبل؛
الانتقال من الدفاعي الى الهجومي ومن التكتيك الى الاستراتيجي
التعامل مع جغرافيا العقل لا فقط جغرافيا الابعاد والمساحات والحدود
الثورة الاسلامية الايرانية هي ثورة المستضعفين ايضا وقضيتهم الانسانية العالمية….
ايران تتأهب للرد وستصفع بالأقوى من تحرش فيها وتجرأ عليها…
ومن مازال يشكك او غير واثق نرجوه ان يعمق البحث ويتابع ما سيكون…
فقد ذهبنا اليها ويدنا على قلبنا متشككين ومتخوفين بان يصيبها بالأربعين ما اصاب الناصرية قبل العشرين وما فتك بالاتحاد السوفيتي في السبعين وايقنا اننا امام نموذج وتجربة مختلفة لا تفهم الا بذاتها وليس بالمقارنة مع الاخريات.
انتهى
كاتب ومحلل سياسي لبناني
رابط الحلقة الأولى
رابط الحلقة الثانية