لم تبقي “الحكومة” التابعة للتحالف الكثير من الخيارات أمام شعب اليمن لمقاومة قرارتها الهادفة إلى خلق المزيد من التجويع والمعاناة بين المواطنين.
ويلاحظ كثير من المراقبين، أنه لم يعد هناك بين اليمنيين، من يعتقد أن “الحكومة” الموالية للتحالف، قادرة على اتخاذ القرار المناسب بما يحافظ على حقوق الإنسان في الحصول على الطعام والشراب والبقاء على قيد الحياة.
خلال قرابة ثمانية أعوام من الحرب على اليمن، عملت الحكومة الموالية للتحالف، على اتخاذ قرارات أدت إلى نتائج كارثية بالنسبة لشعب اليمن.
وقد بات واضحاً لدى مختلف أبناء اليمن، أن أداء هذه “الحكومة” بضرب الاقتصاد لم يكن امراً اعتباطيا، بدءً من نقل البنك المركزي اليمني من العاصمة صنعاء، إلى عدن في سبتمبر 2016، وانتهاء بالقرار الأخير برفع قيمة الدولار الجمركي بنسبة 50% إضافية بعد قرار مماثل من قبل نفس الحكومة برفع قيمة الدولار الجمركي بنسبة 100% مطلع أغسطس 2021.
و منذ انطلاق الحرب، عملت الحكومة الموالية للتحالف، بجهد متواصل على توجيه الضربات للاقتصاد اليمني، والتي بدأت بتعويم سعر الدولار، في العام 2017، وهو قرار يعني تخلي البنك المركزي عن التحكم بسعر العملات لصالح القطاع الخاص، ورغم تخليها عن إدارة التحكم بأسعار العملة للتجار، عملت تلك “الحكومة” في نفس الوقت على قرار يناقض قرار التعويم، عبر طباعة فائض من العملة المحلية الريال، دون غطاء نقدي، رغم أن مسألة التحكم بإدارة والمخزون النقدي أصبح بيد القطاع التجاري، ومنذ أغسطس 2018 أخذت العملة اليمنية تسجل إنهياراً متسارعاً أمام العملات الأجنبية وصل إلى حد أن سعر الدولار الواحد بلغ تجاوز الـ 1700ريال في ديسمبر 2021 في المحافظات الواقعة تحت سيطرة التحالف.
ورغم أن الحكومة التابعة للتحالف، كانت قادرة على تلافي اثار تلك القرارات المدمرة، إلا أنها استمرت في طباعة العملة، مما رسخ القناعات لدى الرأي العام في اليمن، أن تلك “الحكومة” اتخذت تلك القرارات للاضرار بالاقتصاد ومعيشة المواطن مع سبق الإصرار والترصد.
وبمراجعة المبررات التي قامت على أساسها الحكومة التابعة للتحالف باتخاذ تلك القرارات، يجد المتابع أن تلك “حكومة” وقفت على اعذار واهية لارتكاب الجريمة بحق الشعب، حيث ادعت في العام 2017 أن “هناك نقصاً في مخزون العملة المحلية” واخذت تروج لتلك المبررات المختلقة باتهام شخصيات نافذة في عدن، بـ”تخزين العملة داخل المنازل والسراديب لخلق أزمة احتياج للعملة المحلية” وبدلاً من اعتقال المتهمين بتخزين العملة ومحاكمتهم على الملأ باعتبار القضية تمس الأمن القومي للدولة، قامت الحكومة الموالية للتحالف، بطباعة العملة بشكل يفوق احتياج التداول المحلي في اليمن.
هناك انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان تمارسها دول التحالف من خلال الحرب الاقتصادية التي أصبح يمكن تسميتها الآن بحرب التجويع، دون الحاجة إلى ابقائها في اطار التسميات الأكاديمية. وهي حرب تحدث بالتماهي والتواطؤ مع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، و لم تفلح كل المحاولات باقناع السعودية والإمارات ومن خلفها الولايات المتحدة وبريطانيا بتحييد الجانب الاقتصادي، ومع الوقت أخذت الأزمة بالتفاقم إلى حد وصلت معه إلى المساس برغيف الخبز.
وفي الوقت الذي كانت خلاله مطالب اليمنيين تقتصر على اطلاق رواتب الموظفين، على أساس التعهدات التي قدمتها حكومة التحالف، لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، إلا أن الأزمة الاقتصادية أخذت مع الوقت اشكالاً أكثر تشعباً قياساً بما كانت عليه في البداية.
بينما جاءت تصريحات السفير البريطاني لدى اليمن، الداعمة لقرار حكومة التحالف، برفع قيمة الدولار الجمركي، لتكشف أن بريطانيا تقف بكل قوة مع كل ما ينتهك حقوق شعب اليمن، حيث لم يسبق لأي قرار اتخذته تلك الحكومة، أن أدى إلى حدوث أي تحسن سواء في اقتصاد الحكومة أو في حياة المواطن؟
خلال سبعة أعوام فقدت العملة المحلية 300% من قيمتها، حيث ارتفع الدولار من 250 ريالاً في 2016 ليصل إلى 1200 ريال خلال يناير الجاري.
وتمثل حرب العملة، جانباً من الحرب الاقتصادية التي اعتمدها التحالف، في حربه على اليمن إلى جانب الحصار، وتدمير البنى التحتية، والمنشآت الصناعية، والزراعية، والتي تعمد عمل التحالف على قصفها بشكل متعمد.
ومع إصرار حكومة هادي على تنفيذ قرارها برفع قيمة الدولار من 500 ريال، إلى 750 ريالا، تأخذ الأزمة الاقتصادية منحنى تصاعدياً، لا يمكن السكوت عليه، فقد أكدت تلك “الحكومة” أن هناك خمس سلع غذائية أساسية معفية من القرار هي ” القمح والدقيق والأرز وحليب الأطفال والأدوية” بينما يسري القرار على بقية السلع بما في ذلك المشتقات النفطية، الأمر الذي دفع المواطنين للتساؤل “ما لذي أبقته لنا الحكومة للبقاء على قيد الحياة؟”.