تحليل /د. اسلام محمود شهوان/ وكالة الصحافة اليمنية//
مما لا شك فيه ان الفعل الفلسطيني المقاوم قد أربك حسابات الكيان الصهيوني، سياسيا وأمنيا وعسكريا، فالضربات الموجعة التي تلقاها الاحتلال الصهيوني جعلته يتخبط في إدارة الصراع.
اللافت للنظر ولكل المتابعين سواء على المستوي الاقليمي او الدولي وحتي المحلي ان مسار المقاومة الفلسطينية في مناطق الضفة في تصاعد واضح ولقد اصبح مسارا ملهما للشباب الثائر وأصبح فكر ومنهج ثوري تحرري شعبي، يصعب السيطرة عليه او القضاء عليه .
لذلك عمل الاحتلال على عدة نقاط استراتيجية للتعامل مع واقع الضفة المحتلة أهمها :
1- قتل ووأد أي حالة ثورية مقاومة في مناطق الضفة حتي لا تصبح نمؤذجا ثوريا فتتحول عبئا على كيان الاحتلال .
2- عدم السماح بتشكيل او ظهور أي حالة عسكرية والعمل على تفكيكها.
3- الضفة هي العمق والخزان الاستراتيجي للمقاومة الحقيقية للاحتلال. لذلك حاول الكيان الغاصب اشعال فتنة البعد الاجتماعي والعائلي بين عائلات الضفة . واغراق الشباب بالمخدرات. وافساح المجال للشباب للعمل داخل الكيان واغراقهم بالمال لالهاءهم عن العمل المقاوم.
4- تثبيت اركان التنسيق الامني مع اجهزة السلطة الامنية الفلسطينية لدفع الأخيرة إلى حماية المستوطنين وقمع أي حراك فلسطيني مقاوم قد يعجز الاحتلال عن التعامل معه .
في هذا السياق تطور الفعل المقاوم في الضفة المحتلة وعجز الاحتلال عن مجابهته وفشلت رؤيته الاستراتيجية في التعامل معه في الضفة والقدس وبدأت حالة من التخبط وصعود اصوات صهيونية لمواجهة المقاومة عبر عمل ميداني امني بعيدا عن التنسيق الامني مع اجهزة امن السلطة لاستشعاره بالم المقاومة ونتائجها.
من خلال الاقتحام لمدن فلسطينية ذات ثقل شعبي كنابلس وجنين ورام الله . وفرض حصار عليها وممارسة البطش باهلها دون التنسيق المسبق مع اجهزة عباس .
-
ممارسة سياسة الاغتيالات الاعتقالات في صفوف الشباب الفلسطيني مما أساء وجهة تلك الأجهزة.
-
تخطي دور الاجهزة من خلال عدم الاعتماد على غرف العمليات المشتركة وزيادة مجموعات المستعربين والعملاء وغيرهم والاعتماد علي وسائل تقنية حديثة.
-
الفعل الصهيوني اوجد حالة من التراخي الامني من قبل اجهزة السلطة وذلك لشعورها بحالة من التهميش من قبل جيش الاحتلال.
وفي ظل هذه الأجواء ودخول عامل الحرب الروسية الأوكرانية وتأثراته على الحالة الفلسطينية ودخول الإدارة الأمريكية لتهدئة الشرق الأوسط ولاتمام مشاريع تصفية القضية الفلسطينية من خلال مشاريع التطبيع . وكذلك محاصرة المشروع الايراني النووي. وتشكيل جبهة عربية صهيونية باشراف أمريكي للتفكير في ضرب ايران او زيادة حصارها واستنزاف مواردها .وحتي لا تنشغل أمريكا عن حرب روسيا والصين فرضت الادارة الأمريكية مشروعا أمنيا يعيد الحياة لمشروع دايتون القديم من خلال خطة أمريكية أمنية تعمل على تصفية المقاومة خاصة في شمال الضفة الغربية وتحديدا محاربة ومحاصرة كتيبة جنين وعرين الاسود وغيرها من تشكيلات عسكرية تظهر في الضفة الغربية . وعملت الادارة الأمريكية على فرض رؤيتها على الاحتلال الصهيوني وعلى السلطة وحاولت في هذا السياق ان تعطي لهذا الجهد بعدا اقليميا من خلال ادواتها في المنطقة فعملت على مشاركة النظام المصري والاردني كأحد المؤثرين في الاقليم وتاثيرهما المباشر على السلطة . وكذلك عدم ثقة الادارة الأمريكية بقدرات السلطة في مواجهة الحالة الثورية المقاومة .فكانت قمة العقبة الامنية وهي امتداد لائتلاف النقب الامني والذي يهدف بلا شك الي مواجهة حالة المقاومة الفلسطينية في الضفة والعمل على مجابهة كتيبة جنين وعرين الاسود بنابلس لما لهذا التشكيل المقاوم من تأثيرات على الحاضنة الشعبية في مناطق الضفة الامر الذي يزيد العبئ على الاحتلال وعلى وجود السلطة .
لذلك في قمة العقبة تم طرح ومناقشة البعد الامني والاستراتيجي لمحاربة المقاومة في فلسطين وتشكيل جبهة صد ضد إيران وبرنامجها النووي من خلال ؛
1- تشكيل جبهة شرق اوسطية تشارك فيها الأنظمة العربية ضد المشروع الإيراني النووي والعمل على مساعدة السلطة لاحتواء حالة المقاومة.
2- العمل علي طرح اليات اضعاف غزة ومقاومتها او ايجاد مشاريع تصفية لها.
3- زيادة الدعم المالي للسلطة سواء عربيا او أمريكيا او من قبل الاحتلال بالافراج عن الاموال وغيرها من المقاصة الضريبية لصالح السلطة.
4- العمل على تقوية الاجهزة الامنية في الضفة تحديدا المخابرات والامن الوقائي من خلال التدريب والتسليح وزيادة العناصر .
5. العمل على تشكيل قوة أمنية فلسطينية خاصة منتقاة باشراف تنسيقي امني اقليمي لتدريبها وتسليحها لتكون الجبهة الاولي في مواجهة العمل المقاوم في الضفة لتخفيف وطأة دخول واجتياح الجيش الصهيوني لمناطق السلطة وعدم اضعاف هيبة الاجهزة الامنية الفلسطينية.
ونرى ان هذا الحراك الامني الاقليمي بقيادة أمريكا سيفشل كما فشل قبله عشرات اللقاءات الامنية منذ العام 2003 وحتي الآن. ولم ولن تنجح في قتل او محاصرة الروح الثورية التي انطلقت في مناطق الضفة الغربية خاصة وان هذا الجيل الذي راهنت عليه خطط امريكا والاحتلال لجلعه جيلا منفصلا عن قضيته ووطنه . فكان من يقود تلك المرحلة ويقاوم الاحتلال ويقتل ويصيب جنوده .هم هؤلاء الشباب الذين لم يعاصر الانتفاضة الاولي ولا الثانية. لكنهم شاهدوا جرائم الاحتلال فكانت كفيلة بأن تستفزهم وتثيرهم نحو مقاومة المحتل دفاعا عن وطنهم واهاليهم وقدسهم .