المصدر الأول لاخبار اليمن

المصالحة السعودية الايرانية في بكين.. نهاية زمن وبداية أزمنه (1)

تحليل/ميخائيل عوض/وكالة الصحافة اليمنية//

 

تحولات استراتيجية

 

الاتفاق السعودي الإيراني من منصة بكين خبر ليس عادي وحدث ينتمي إلى الأحداث النوعية بل التاريخية المؤسسة لتحولات فرط استراتيجية.

والأكثر أهمية على الاطلاق والأعمق دلالات ليس المصالحة على أهميتها القصوى فحسب، انما المكان والزمان والمضيف.

فهي المرة الأولى في التاريخ الذي تنتقل فيه الصين من الدفاع والخمول الأبدي إلى الحيوية والمبادرة، ومن الإقليمية إلى العالمية باقتدار وامتياز، وبتحدي سافر لأمريكا والاطلسي وفي أخطر واهم مناطق سيطرتهم ومصالحهم، والأكثر أهمية ان هذه النقلة التاريخية تجري بهدوء وثقة وبوعي وبتخطيط متقن وبعيد المدى.

فالصين أنهت مؤتمر حزبها بوثيقة سياسية برنامجيه، واقعية عارفة بما هو جار اليوم وبما سيكون غداً وقررت أن الغد يجب أن يكون طوعها هي أولاً وعلى نموذجها هي، لا مكان فيه للنموذج “الانكلو ساكسوني” العدواني والمتوحش المتراجع بتسارع.

وأنهت مؤتمرها ووثيقته الاستراتيجية بالتجديد لرئيسها وأحداث تغيرات نوعية ودالة في قيادتها، فوزيرها للدفاع تحت العقوبات الأمريكية، والإعلان عن المصالحة السعودية الإيرانية في يوم التجديد لولاية ثالثة لرئيسها، وبعد أن زادت موازناتها العسكرية، وأعلنت أنها ستمتلك جيشا فولاذيا، وبمستويات عالمية.

قوة هجومية

 

الصين الخاملة تحولت إلى قوة هجومية مبادرة دبلوماسيا واقتصاديا وتقترب من المبادرة العسكرية وقد أمنت نفسها أولاً اقتصاديا، وكأكبر وأحدث قوة بحرية عالمية، وتتساند مع الدور الروسي الهجومي عسكريا، ودبلوماسيا، ومستفيدة من الحرب الأوكرانية ومساراتها ومستعدة بل مساهمة في تسريع انهيار الاقتصاد الرأسمالي في حقبته الليبرالية المتوحشة وتستعجل الانهيار.

فقد كرست نفسها وعملتها قطبية عالمية وأمنت تبادلاتها التجارية بالعملات الوطنية وأنشئت شبكة العلاقات المصلحية التفاعلية مع شنغهاي والبريكس وافريقيا وأمريكا اللاتينية، ومع الهند وباكستان، وعندما حان الوقت ضربت ضربتها في الخليج ومع أهم وأخطر منتجين للنفط والغاز، والبتروكيماويات وفي قلب العالم، فحققت مكسبا وخطوة غير مسبوقة في تاريخها وأعلنت تسوية بين قطبين اقليميين احتربا لأربعة وأربعين سنة في مختلف الساحات والمسارح وعطل صراعهما الإقليم من التطور وحرمه من استعادة مكانته في العالم وبين الأمم.

استضافت الصين في وقت مدروس جدا الحوار لأربعة أيام وانجزت المهمة التي بدأت في بغداد وسلطنة عمان وتم إعلان الاتفاق ببيان رسمي وباحتفالية إعلامية عصفت بإسرائيل وحكومتها اليمينة وهزت مكانتها وأسقطت كل رهاناتها واستراتيجياتها كالتتبيع والابراهيمية وصفقة القرن ومحاولات بناء خط دفاع إقليمي عنها وهي مأزومة، وجعلت من تهويلها واستعداداتها لحرب ضد إيران موضع تساؤلات .

رصاصة الرحمة للهيمنة الأمريكية

فاجأت الخطوة أمريكا واربكتها وهزت سمعتها وكشفت عن انحسار سيطرتها وهيمنتها في العرب والمسلمين وانحسارها من الإقليم وجاءت خطوة الإعلان عن المصالحة بين إيران والسعودية، بمثابة طلقة الرحمة واخر المسامير بنعش الهيمنة الامريكية والعالم الأحادي والعالم “الانكلوساكسوني” وقد لا تكون مسألة عابرة تلازم المصالحة وتعويم الصين في الإقليم الحاكم بتوازنات العالم والمقرر من يسود ومن ينهار، فجاءت الخطوة كإشارات بداية انهيار وافلاس القطاع المصرفي الأمريكي الأوروبي تعبيرا وتجسيدا  للتحولات التاريخية العالمية الجارية، وفي الغالب دلالات التفاهمات الإيرانية السعودية من بكين، تخط اول حروف ازمنه لتاريخ جديد تستعيد فيه اسيا مكانتها ودورها ويعود الإقليم حاكما وشريكا في تقرير مصيره ومصائر القوى العالمية والإقليمية.

٠٠٠/ يتبع

كاتب ومحلل سياسي لبناني

قد يعجبك ايضا