واشنطن/وكالة الصحافة اليمنية//
سجلت المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها الثلاثاء، تزايد الإصابات بالعدوى الفطرية “كانديدا أوريس” المميتة والمقاومة للأدوية في الولايات المتحدة منذ عام 2022 .
ونقلت وكالة أنباء “تاس” عن خبراء في المراكز الأمريكية القول: “النمو السريع للعدوى وانتشارها الجغرافي يستدعي القلق ويبرز الحاجة إلى المراقبة المستمرة للوضع وتوسيع الفحوصات المخبرية وتسريع التشخيص”.
وأشار الخبراء إلى أن داء المبيضات “كانديدا أوريس” تنتشر في الولايات المتحدة منذ عام 2016، مع أكثر من 10000 إصابة اعتبارا من 31 ديسمبر 2021 .
وأكدوا أن الزيادة في الإصابة تسارعت في عام 2022 .
وأوضح الخبراء أن “أسباب الوضع الحالي ترتبط بعدم كفاية جودة الوقاية من العدوى في المؤسسات الطبية، فضلا عن حقيقة أنه خلال جائحة فيروس كورونا، واجه نظام الرعاية الصحية عبئا ثقيلا .
ويشير الخبراء إلى أنه تم التعرف على فطر “كانديدا أوريس” لأول مرة على أنه العامل المسبب للمرض في البشر في عام 2009 في اليابان، وبعض سلالاتها مقاومة للأدوية، ولا يمكن تحديدها بدقة إلا بمساعدة طرق معملية خاصة .
ويعد فطر “كانديدا أوريس” الذي اكتشف قبل 10 سنوات فقط، أكثر الميكروبات خطورة داخل المستشفيات على مستوى العالم حاليا، ويطلق عليه البعض لقب الفطر القاتل.
وقد تفشى هذا النوع من الميكروبات في مناطق متعددة من العالم، وتشير أبحاث أجريت حديثا إلى أن ارتفاع درجات الحرارة على كوكب الأرض قد يكون وراء زيادة الإصابة به.
وقد طالبت هيئة المراكز الأمريكية المتخصصة في السيطرة على الأمراض والوقاية منها بضرورة وجود فهم أفضل لهذا الميكروب لتحديد الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة به، وللحد من إنتشاره وتقليل مخاطره.
ما هو “كانديدا أوريس”؟
كانديدا أوريس هو نوع من الفطريات الميكروبية التي تنتقل من خلال العدوى بين البشر.
ويرتبط هذا النوع من الميكروبات بما يعرف بـ “الفطريات الداخلية البيضاء”، وهي فطريات شائعة تسبب التهابات بالفم، على سبيل المثال.
وقد اكتشف ذلك الفطر لأول مرة في القناة الأذنية لمريض ياباني في مستشفى طوكيو لرعاية المسنين في عام 2009.
وفي أغلب الأحيان تعيش فطريات كانديدا أوريس على سطح بشرتنا دون أن تسبب أي مشاكل، لكن بإمكانها أن تسبب التهابات عندما نشعر بالإعياء أو المرض، أو عندما يدخل الميكروب إلى أماكن مثل الدورة الدموية أو الرئتين.
ما هي الأمراض التي يسببها الميكروب؟
يؤدي هذا الميكروب، إلى الإصابة بالتهابات في الدورة الدموية، ويمكنه أيضا إصابة الجهاز التنفسي والجهاز العصبي والأعضاء الداخلية في جسم الإنسان بالإضافة إلى البشرة.
وعادة ما تشكل هذه الالتهابات خطورة على حياة الإنسان، إذ تؤدي إلى وفاة نحو 60 في المئة من المرضى الذين يصابون بهذا الفطر.
وغالبا ما يقاوم هذا النوع من الفطريات الأدوية المعتادة، مما يجعل علاج الإصابة به أمرا صعبا.
كما يشخص هذا الميكروب أيضا بشكل خاطئ أحيانا كثيرة، ويعالج على أنه التهاب من نوع آخر، مما يؤدي إلى تلقي المريض العلاج الخطأ، وهو ما يعني أن المريض قد يظل يعاني لفترة أطول أو تزداد حالته سوءا.
وتقول إيلين كلاوتمان-غرين، وهي طبيبة ممارسة عامة متخصصة في السيطرة على العدوى، والمحاضرة في “يونيفيرستي كوليدج لندن”: “إن عددا من المستشفيات البريطانية شهد تفشيا للمرض بشكل يستدعي الدعم من قبل مؤسسة الصحة العامة في انجلترا”.
وأضافت: “إن فطر كانديدا أوريس يعيش في بيئة المستشفيات، ولذا فالنظافة شيء جوهري للسيطرة على الميكروب، والكشف عنه يعد أمرا مهما للمريض والمستشفى، لأن السيطرة عليه قد تكون صعبة”.
ويقول كولين براون، المستشار الطبي المتخصص في مجال الميكروبيولوجي في الهيئة القومية لمكافحة العدوى في انجلترا: “مستشفيات الصحة العامة التي شهدت تفشيا للميكروب لم تكتشف حالة وفاة واحدة لأي مريض كان السبب فيها ميكروب كانديدا أوريس”.
وأضاف براون: “تعمل هيئة مكافحة العدوى في انجلترا عن قرب مع هيئة الخدمات الطبية القومية لتزويدها بالدعم المتخصص والنصائح فيما يتعلق بإجراءات السيطرة على العدوى للحد من انتشار ميكروب كانديدا أوريس”.
من المستبعد أن تنتقل إليك العدوى من الميكروب.
مع هذا، فإن المخاطرة قد تكون أكبر لو مكثت في المستشفى لمدة أطول، أو في مركز للرعاية والتمريض، أما مرضى الرعاية المركزة فإنهم أكثر عرضة بكثير من غيرهم للإصابة بهذا الميكروب.
كما تزداد مخاطر الإصابة بالميكروب أيضا إذا تناولت مضادات حيوية بكثرة، لأن المضادات الحيوية تقتل البكتريا المفيدة في أجسامنا، والتي من شأنها أن تمنع الميكروب الفطري من الدخول إلى الجسم.
وفي بريطانيا أصيب نحو 60 شخصا بالميكروب منذ عام 2013. وقد ذكرت مراكز السيطرة على الأمراض في أمريكا أن دولا أكثر حول العالم أبلغت عن حالات الإصابة بميكروب كانديدا أوريس.
لماذا يقاوم هذا الميكروب الأدوية المعتادة؟
عثر في معظم سلالات البكتريا التي وجدت في أجساد المرضى بهذا الميكروب، على آثار لمقاومة هذا النوع من البكتريا للأدوية المضادة للفطريات، مثل فلوكونازول.
ارتفاع درجات الحرارة يرتبط بانتشار ميكروب كانديدا أوريس، كما يقول بعض المتخصصين
ويعني هذا أن تلك الأدوية لا تعالج ميكروب كانديدا أوريس، ولهذا استخدمت أدوية مضادة للفطريات أقل انتشارا من الأدوية المعروفة لعلاج الإصابات، لكن تمكن الميكروب أيضا من مقاومة هذه الأدوية.
وقد أظهرت نتائج تحليل الحمض النووي أن هناك أدلة على أن جينات مقاومة الفطريات في ميكروب كانديدا أوريس تشبه بشكل كبير تلك التي توجد في “الفطريات الداخلية البيضاء” الشائعة.
وهذا يدعو إلى القول إن جينات المقاومة قد انتقلت من جيل إلى آخر أو نوع إلى آخر من هذا الميكروب.
كيف يمكن لتغير المناخ أن يكون مسؤولا عن العدد المرتفع من الإصابات؟
اقترحت إحدى الدراسات أن السبب الذي جعل العدوى بالميكروب أكثر انتشارا قد يعود إلى أن هذه الأنواع من الفطريات أجبرت على العيش في درجات حرارة مرتفعة بسبب تغير المناخ.
فمعظم الفطريات تفضل درجات الحرارة الباردة التي توجد في تربة الأرض. ولكن بعد أن ارتفعت درجات الحرارة على مستوى العالم، فإن هذا الميكروب قد أجبر على التأقلم مع درجات حرارة أعلى.
وهذا قد يفسر سهولة نمو تلك الفطريات داخل جسم الإنسان، الذي تبلغ درجة حرارته المعتادة من 36 إلى 37 درجة.
إن ميكروب كانديدا أوريس عنيد جدا، ويمكن أن يبقى على الأسطح لمدة طويلة.
كما أنه لا يمكن التخلص منه باستخدام المنظفات والمطهرات المعروفة.
ولذا، يعد استخدام المواد المنظفة ذات التركيب الكيمائي المناسب أمرا مهما جدا للقضاء على هذا الميكروب في المستشفيات، وخصوصا لو انتشرت الإصابة به.