يتخذ الوضع جنوب وشرق اليمن شكل اللغز، بسبب التغييرات المتسارعة في شكل خارطة التحالفات السياسية، واضطرار المكونات المحلية إلى التخلي عن أي مبادئ حرصاً على عدم اغضاب الرياض وابوظبي.
حيث وصل الأمر إلى تخلى ” المجلس الانتقالي” عن استثمار كارثة انهيار الاقتصاد الذي وصلت خلاله “حكومة معين” إلى مرحلة التلويح بالعجز الكلي عن الإيفاء بأي التزامات تجاه الشعب في المناطق التي يسيطر عليها التحالف.
بينما لم يصدر عن حزب الإصلاح أي موقف ضد الكارثة الاقتصادية التي تحيق بالبلاد، وانعكاساتها المنتظرة على معيشة المواطنين وحقوقهم في تأمين أبسط المتطلبات الضرورية للحياة.
وخلال الفترة القليلة الماضية، تكرست قناعة راسخة بين المواطنين في المناطق اليمنية الواقعة تحت سيطرة التحالف، أن ” المجلس الرئاسي والحكومة هما المشكلة اصلاً” . وأن كل ما يحدث من أزمات متصاعدة، هو “نتيجة تصرفات مدروسة من قبل قوى غاشمة، فرضت سلطتها باعتبارها أمراً واقعاً بحكم قوة السلاح دون أي التزامات للشعب”.
الاعترافات التي أدلى بها محافظ البنك المركزي في عدن، أحمد غالب المعبقي، خلال مقابلة تلفزيونية، الأسبوع الماضي، والتي قال فيها أن الكارثة الاقتصادية حدثت نتيجة ” طباعة العملة المحلية دون غطاء” والذي أضاف أن الحكومة التابعة للتحالف، ” تعمل بشكل عشوائي ولا تمتلك أي خطة اقتصادية”، تعتبر من وجهة نظر ناشطين حقوقيين، أدلة كافية على أن الحكومة التابعة للتحالف، ارتكبت جريمة التجويع مع سبق الإصرار والترصد، بتوجيهات من قبل دول التحالف، وهي جريمة يجب أن تأخذ مكانها في قائمة جرائم الحرب والإبادة التي تعرض لها الشعب اليمني منذ بداية حرب التحالف على البلاد في مارس 2015.
ورغم أن الأزمة الاقتصادية التي تمر بها مناطق سيطرة التحالف تبدو أكثر حدة هذه المرة، إلا أنه لا يوجد هناك بين القوى السياسية الموالية للتحالف من يرغب في الوقوف إلى جانب الشعب، عبر اتخاذ مواقف تنهي عهد المهزلة القائمة، بدلاً من السماح باتجاه الأمور نحو الأسوأ، عبر التواطؤ مع الرياض وأبو ظبي لإسقاط جنوب وشرق اليمن في قعر بئر عميق من الأزمات، لا يمكن معالجتها بسهولة.
ولعل استعداد ” المجلس الانتقالي” وحزب الإصلاح للتضحية بالشعب، مقابل تحالفات لا يمكن لها الثبات مع السعودية والإمارات، لا تبشر أن هناك حلولاً يمكن المراهنة عليها لإنقاذ الشعب من براثن الجوع والدمار. حيث لا يبدو أن الرياض تعتزم الاحتفاظ بصداقة طويلة مع حزب الإصلاح، بينما تحرص الإمارات على اظهار المجلس الانتقالي باعتباره مجرد تابع بلا شروط لأبوظبي، لكن معادلة التبعية القائمة بين دول التحالف، والقوى التابعة لها في اليمن لم تعفي حزب الإصلاح والانتقالي، من الخضوع والالتزام بالمزيد من مواقف الترضية، خوفاً من اغضاب دول التحالف المتصارعة على حساب شعب اليمن.