اقتصاد / وكالة الصحافة اليمنية /
كشفت وكالة “بلومبيرغ” الامريكية في تقرير عن الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها عاصمة الإمارات الاقتصادية “دبي”، مشيرة إلى الانهيار لإمبراطورية عملاق الاستثمارات البنكية، عارف نقفي، المدير التنفيذي لشركة أبراج “كابيتال” البنكية، التي تتخذ من دبي مقرا لها.
وقالت الوكالة في تقريرها، إن الشركة التي أسسها رجل الأعمال الباكستاني منذ 15 سنة تعاني من أزمة سيولة حادة قد تعصف بها وتلقي بها إلى حافة الإفلاس.
وأوضحت الوكالة أن العديد من المستثمرين الذين ضخوا أموالهم في صندوق الرعاية الصحية الذي تديره هذه الشركة، الذي تبلغ قيمته حوالي مليار دولار، سئموا من مماطلة نقفي ووعوده الزائفة بتلافي آثار الأزمة الحالية وتداركها في القريب العاجل.
والجدير بالذكر أن لائحة كبار المستثمرين في هذه الشركة المتهاوية تضم مؤسسة بيل ومليندا غيتس، التي ترجع ملكيتها لأحد أغنى الرجال في العالم، بيل غيتس، وزوجته مليندا.
وأوردت أن كبار المستثمرين تفطنوا إلى أزمة نقفي التي تزداد تشعبا يوما بعد يوم، وارتأوا توظيف محاسبين ماليين مختصين من أجل البحث في وجهة الأموال التي خسرها نقفي، التي سبق لهم ضخها في حسابات الشركة البنكية المرموقة على مدى عدة سنوات.
ويواجه رجل الأعمال الباكستاني تهما كثيرة متعلقة بسوء إدارة الأصول الاستثمارية الخاصة بالعملاء، ناهيك عن أن وجهة الأموال الضائعة لا تزال غير معلومة إلى حد الآن.
وأشار الموقع إلى أن أصول هذه الأزمة تعود إلى شهر كانون الثاني/ يناير من السنة الحالية، عقب إعلان شركة أبراج القابضة عن عملية هيكلة شاملة تتضمن تصفية أصولها في دبي ومغادرة البلاد بعد تنامي مستويات التضخم المالي في دولة الإمارات العربية المتحدة.
ويبدو أن الأزمة الاقتصادية تقع على مستوى الصندوق الاستثماري للرعاية الصحية.
وبالرجوع إلى عدة تقارير نشرتها صحيفة “وول ستريت جورنال”، يتحمل كبار المسؤولين في شركة “أبراج” مسؤولية هذا السقوط المدوي.
وبينت الوكالة أن نقفي حاول التكتم عن الأزمة التي تعاني منها شركته، والتزم الصمت حول مسألة تنامي الديون وتناقص حجم الاستثمارات الخارجية، وقد شمل هذا التوجه عدة إجراءات؛ مثل طرد بعض العمال لخفض التكاليف والحد من خسارة الأموال.
أما فيما يتعلق بالأسهم الخاصة التي كانت السبب في سقوط نقفي، صرح علي السليم، المؤسس المشارك في شركة “أركان” الاستثمارية، أن “الأسهم الخاصة لا تزال صناعة ناشئة في المنطقة، لذلك من المؤسف أن نرى أكبر اسم مختص في الاستثمار في هذه الصناعة يتهاوى بهذا الشكل”.
وتطرق التقرير إلى الأثر الكبير الذي سيخلفه انهيار الشركة، التي تدير أصولا تتجاوز قيمتها 13 مليار دولار، حيث يخشى مسؤولون حكوميون إماراتيون على سمعة الإمارات العربية المتحدة ومكانتها كوجهة رائدة في مجال الاستثمارات المتعلقة بالأسهم الخاصة، وجميع فئات الأصول المالية الأخرى.
وأضاف السليم أن الشرق الأوسط يطمح ليصبح وجهة رئيسية لإدفاق الاستثمارات الأجنبية العالمية، ومن شأن هذه الأزمة المالية أن تزعزع عرش الإمارات العربية المتحدة، الدولة الرائدة في استقطاب الاستثمارات الخارجية.
وأشار الموقع إلى المجهودات التي بذلها نقفي في السابق للقيام بقفزة نوعية في مجال الاستثمارات المتعلقة بالأسهم الخاصة، من خلال الاستخدامات الثورية للأصول المالية واستثمارها في أسواق ناشئة وواعدة في كل من إفريقيا الغربية ودول شرق آسيا. ومنذ تأسيس الشركة سنة 2002، تتالت الصفقات الناجحة التي أبرمها رجل الأعمال الباكستاني.
وابتداء من رأس مال يقدر بمئات آلاف الدولارات، أسس نقفي إمبراطورية استثمارية اعتمادا على أرضية الاستثمارات المالية الخاصة لإمارة دبي في ذلك الوقت.
ومن خلال النتائج التي أفضت إليها تحقيقات شركة “ديلويت”، تبين أن أبراج قامت بخلط أصول أسهم خاصة بصندوق الرعاية الصحية مع صندوق أسهم خاص بشركتها القابضة. ويرجع هذا التوجه بالأساس إلى مشكلة كبيرة واجهها نقفي على مستوى السيولة المالية، الناجمة عن التأخير في إنجاز صفقات معينة، على غرار عملية بيع شركة “كي إلكتريك” الباكستانية، وهو ما أدى إلى نشوب مشاكل اقتصادية جمة، ليكون الحل أسوأ من المشكلة نفسها.
ونقل التقرير تصريح عارف نقفي، الذي أفاد “أعمل ليلا نهارا للتأكد من عدم خسارة أي شخص المال واستعادة ما يستحقونه. أنا لست مهتما بمصلحتي الشخصية، وهدفي هو إعادة الأموال لأصحابها”.
وحيال هذا التصريح، بين الموظفون الحاليون والسابقون في شركة أبراج أن العمل داخل الشركة أمر رائع للغاية نظرا لجو الألفة والاحترام الذي يميز الظروف الداخلية للعمل. واستطرد بعض هؤلاء الموظفين قائلين إن “أبراج بمثابة طفل عارف نقفي”.
وأفاد الموقع بأن المشاكل المالية التي تعاني منها شركة أبراج ترجع بالأساس إلى خلل على مستوى الإدارة، حيث يتحمل نقفي جزءا كبيرا من هذه المعضلة.
وبناء عليه، فإنه يتوجب عليه إيجاد حل جذري لتلافي آثار الأزمة الحالية التي ألقت به إلى الهاوية. كما نوه المسؤولون بأن الإحصائيات الأخيرة تبين أنه لا سبيل لعودة الشركة إلى سابق عهدها، ناهيك عن حاجتها للقيام بعدة تنازلات وعمليات بيع ضخمة للغاية من أجل الإيفاء بتعهداتها المالية.
وفي الختام، يرى الأستاذ المحاضر في جامعة أوكسفورد، لودوفيتش فاليبو، أن قطاع الاستثمارات في الأصول المالية قائم بالأساس على الثقة.
وفي حال أقدمت شركة أبراج على خطوة لم يتوقعها سائر المستثمرين، ستصبح قيمة هذه الثقة المتبادلة محل تساؤل بين الطرف المخالف والمستثمر. وعموما، لا يقتصر هذا الشك على شركة أبراج وحدها، بل يمتد ليشمل قطاع الأسهم الخاصة في كل من الشرق الأوسط والعالم.