في تقرير مطول أعده معهد “مراقبة السلام والتسامح الثقافي في التعليم المدرسي” تناول فيه ما تقوم به السعودية من عمليات متواصلة لتعديل المناهج الدراسية وإزالة أبرز ما يفضح الصهيونية، برعاية خاصة من ولي العهد محمد بن سلمان الحاكم الفعلي للمملكة، الذي يدعم تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني بما يتناسب مع رؤيته لحكم السعودية مستقبلا.
السعودية التي تمضي نحو التطبيع بالتدريج، لم تعلن رسميًا عن علاقة واضحة مع الكيان الصهيوني، لكنها اتخذت في السنوات الأخيرة مسارات تطبيعية مع الكيان، في العديد من المواقف الدولية التي جمعت الطرفين، وظهر خلالها جليا التقارب بين الرياض وتل ابيب.
وفي دراسة خاصة للمعهد، أشار إلى أن العديد من الآيات القرآنية التي تتحدث عن عصيان اليهود لله والرسول، تمت إزالتها كما ورد في سورة “التغابن” حين قال الله تعالى على لسان اليهود (سمعنا وعصينا) فتم حذف المعنى الذي تدل عليه الآن، كما تمت إزالة ما يتعلق بإساءة اليهود لله سبحانه وتعالى حين وصفوه بأنه “فقير” في قوله تعالى ” لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء” سورة آل عمران.
لقد ذهبت السعودية بعيدًا في محاولة إعادة تلميع اليهود لدرجة أنهم حذفوا من المنهج ما قام به اليهود من محاولة اغتيال للرسول عليه الصلاة والسلام بتسميمه من قبل إمراة قدمت له اللحم.
في هذا الإطار، وبعد نجاح المساعي الأمريكية والسعودية في جر بعض دول المنطقة إلى التطبيع، تحاول المملكة رسم صورة جيدة عن اليهود، رغم أن القرآن الكريم حسم هذا الموضوع باللفظ الصريح، كما ورد في معظم الآيات التي تحدثت عن عدائهم المزمن للأمتين العربية والإسلامية، حتى يصبح الجميع على ملتهم.
إن تقريب وجهات النظر التي تقوم بها الرياض بالاتفاق مع تل أبيب وواشنطن، تشير إلى انحياز النظام السعودي للكيان الصهيوني، ففي حين قال تعالى” يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء، بعضهم أولياء بعض، ومن يتولهم منكم فإنه منهم” وهو تصريح بين عن عداوة الكفار ومن والهم للمسلمين وأن من يصبح حليفًا لهم فهو يقف ضد المسلمين.
وأوضح معهد الدراسات أن التغييرات التي جرت على المناهج الدراسية السعودية، لم تشمل إزالة أو التغاضي عن ما ورد في ذم اليهود والنصارى، أو التحذير منهم في كتاب الله، بل وعمدت السعودية إلى تنقيح الأحاديث النبوية، التي ذكرت بشيء من التفصيل ما قام به اليهود على مر التاريخ، وكيف عصوا الله واتخذوا من رهبانهم وحاخاماتهم آلهة من دون الله، فكانت الكتب الدراسية التي تشير إلى كل هذا القبح، قد تعرضت للتعديل والطمس.
بالنظر إلى أحد الدروس التاريخية التي وردت في المنهج السعودي لكتب السيرة قبل التغيير، نجد كلامًا واضحًا حول قيام اليهود بتحريض كفار قريش والقبائل الأخرى بمحاربة الرسول والمسلمين فيما عرفت بغزوة “الأحزاب” ولكن بعد التغيير وجدنا أن سبب المعركة ما يلي ” شرعت قريش وقبائل أخرى في مهاجمة المسلمين” وبلمسة خبيثة تم إزالة السبب الحقيقي للتحريض وهم “اليهود”.
لقد وجد المعهد في تقريره، أن ما يشير علانية إلى أحقاد وخبث اليهود والنصارى، قد تمت إزالته، وذلك من خلال دراسة أجراها على أكثر من 80 كتابًا مدرسيًا، لعامي 2022-2023 وأكثر من 180 كتابا أخر من المناهج السابقة.
ضغط أمريكي صهيوني
التأثير السعودي على المناهج والترويج لليهود وسياستهم، قوبل بترحيب لدى الكيان الصهيوني، فالمحلل السياسي الصهيوني إيلي نيسان قال إن تعديلات الكتب الدراسية خطوة من خطوات التطبيع مع “إسرائيل”، وأضاف: منذ فترة طويلة تسعى أمريكا لتطبيع العلاقات بيننا وبين السعودية، وأكد أن “ما قامت به الرياض من إزالة مواد اعتبرها تحريضية من الكتب المدرسية هو مرحلة من مراحل كثيرة في محاولة لتطبيع العلاقات بين “إسرائيل” والسعودية، وأعتقد أن هناك علاقة بين البلدين، ولكنها خفية ومن تحت الطاولة”.
الترحيب الإسرائيلي بما يجري، كان واضحًا من خلال ما كشفه مركز Impact-SE الصهيوني الذي أشاد بما قامت به السعودية من خطوات لحذف الآيات والأحاديث التي تتعلق بمعاداة اليهود ومحاربتهم، ورصده لذلك.
التحضير لمثل هذه التغييرات الهادفة إلى تحسين ” الصهيوني” لدى الأجيال الجديدة، بدأت بضغط أمريكي في 2017م، حين ناقش الكونغرس الأمريكي قانونًا يُلزم وزير الخارجية الأمريكي بتقديم تقرير سنوي للجنتي الشؤون الخارجية في النواب والشيوخ عن جهود السعودية في تعديل مناهجها التعليمية وإزالة ما وُصف بـ “الفقرات التحريضية التي تشجّع على العنف”، كما تمّ مناقشة الأمر مرة أخرى عام 2019.
وكان وزير التعليم السعودي السابق، أحمد العيسي في 2018م، قد برر ما تقوم به بلاده بأنه محاربة للتطرف، كما كشف عن الاستعانة بـ “الرابطة الأمريكية الوطنية لتعليم الأطفال الصغار”.