بعد أن فشلت في تحقيق نصر عسكري على الأرض، تتبنى السعودية استراتيجية جديدة للخروج العسكري من حرب اليمن، تقوم على التوصل إلى تسوية في الشمال.
وبحسب الكاتبة “إليونورا أرديماني” في تحليل نشره “معهد دول الخليج العربية في واشنطن” (AGSIW)، التي قالت إن السعودية تهدف في المقام الأول إلى تأمين اتفاق ثنائي مع صنعاء لتحقيق الاستقرار على الحدود ومنع الهجمات الجديدة المحتملة ضدها”.
واستدركت: “مع ذلك، لم تتم دعوة أي من أعضاء مجلس القيادة الرئاسي (اليمني) أو ممثلين عن “الحكومة” التابعة للتحالف لحضور المحادثات السعودية مع أنصار الله (استمرت في المملكة 5 أيام حتى الثلاثاء الماضي)”.
واعتبرت أن “هذا يشير إلى أن المملكة تقترب من حل الحرب في اليمن من منظور الحدود، وبالتالي تقليص أهدافها الأولية، التي كانت تتمثل في الهزيمة العسكرية للحوثيين وإعادة (الحكومة) إلى صنعاء، كما أنه ليس من المؤكد أن وقف إطلاق النار بين السعودية والحوثيين سيؤدي إلى عملية يمنية أوسع بقيادة الأمم المتحدة”.
وتابعت الكاتبة:”عندما أدركت السعودية أنها لا تستطيع تغيير ميزان القوى في الشمال الغربي الذي يسيطر عليه الحوثيون، تحول تركيزها الاستراتيجي نحو الجنوب”.
وأوضحت أن “المملكة تراجع استراتيجيتها في المناطق الجنوبية باليمن لتوسيع النفوذ العسكري والسياسي السعودي، وبالتالي تحدي النفوذ الملحوظ الذي بنته الإمارات منذ 2015 على حساب الرياض”.
وأردفت: “مثلا، قامت السعودية بدعم وتمويل قوات الدرع الوطني، التي تم الإعلان عنها في يناير(الماضي)، تحت قيادة رئيس (المجلس الرئاسي) رشاد العليمي المقرب من السعوديين”.
و”مع قوة تقدر بـ20 ألف مقاتل، يتألف الجزء الأكبر من قوات درع الوطن بشكل رئيسي من رجال قبائل الصبيحة السلفية من محافظة لحج (جنوب)، وقد أضفى العليمي الطابع الرسمي على هذه القوات كوحدة احتياطية تحت إشرافه المباشر، وخارج وزارة الدفاع”، كما زادت إليونروا.
واستطردت: “لاحقا، تم تنظيم قوات درع الوطن، التي تم إنشاؤها في الأصل في ضواحي عدن ولحج وأبين، في عدة ألوية في المحافظات الجنوبية وانتشرت في وادي حضرموت، الجزء الشمالي الغني بالنفط من محافظة حضرموت المتاخمة للسعودية”.
ولفتت إلى أن “المواجهة تتصاعد بين القوات المدعومة من السعودية والإمارات في عدن وحضرموت، ولا تزال عدن (العاصمة المؤقتة) خاضعة إلى حد كبير لسيطرة قوات الحزام الأمني، المدعومة من الإمارات والمرتبطة بالمجلس الانتقالي الجنوبي المؤيد للانفصال (عن شمال اليمن)”.
آثار رئيسية
لكن استراتيجية السعودية الجديدة في اليمن، بحسب إليونورا، “لها ثلاثة آثار رئيسية، فأولا، تُضعف بشكل غير مباشر المؤسسات الرسمية في اليمن”.
وأوضحت أن هذه المحادثات الثنائية مع الحوثيين تمنحهم نفوذا سياسيا أكبر في مواجهة ما أسمته بالحكومة؛ نظرا لأن السعوديين اعترفوا بشكل متزايد بالحوثيين كمحاورين، بينما قاموا ضمنيا، ولكن بقوة، بتقليص مثل هذا التأييد للحكومة”.
واشارت الكاتبة إلى أن هذه الاستراتيجية تثير منافسة أكبر بين السعودية والإمارات في اليمن، حيث تتنافسان على النفوذ في المناطق الجنوبية”.
وقالت إنه “للمرة الأولى منذ عقود، بدلا من التعامل مع اليمن باعتباره “فناءها” أو كامتداد لمجالها الداخلي، تتعامل السعودية معه باعتباره قضية سياسة خارجية لها آثار أمنية ذات صلة”.
ورأت أن ذلك “يرجع على الأرجح إلى أن الرياض لم تعد قادرة على فرض قواعد اللعبة، وتفتقر إلى محاورين راسخين بين السياسيين والحلفاء القبليين، ولذلك تختار التسوية والنفوذ غير المباشر، في محاولة لتعظيم المكاسب من خروجها العسكري من اليمن”.
وختمت الكاتبة: و”في حين أن هذه الاستراتيجية قد تدعم انسحاب الرياض من اليمن وتنجح في مواجهة القوات الموالية للإمارات في مناطق محددة، فمن غير المرجح أن تواجه النزعات الانفصالية الأوسع أو توقف التمزق المستمر في الدولة اليمنية الموحدة”.