تحليل / وكالة الصحافة اليمنية //
تحظى زيارة رئيس “المجلس الانتقالي” الموالي للإمارات، للولايات المتحدة باهتمام واسع من قبل المؤسسات الرسمية الأمريكية، أكثر من رئيس “مجلس الرئاسة” الموالي للتحالف رشاد العليمي.
وخلال اليومين الماضيين أجرى عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي، الداعي إلى تقسيم اليمن عددا من الحوارات، وحضر عددا من الفعاليات واستقبل مبعوثي عدد من دول العالم، على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة.
يبدو من وجهة نظر محللين سياسيين، أن الولايات المتحدة من خلال تسليط الضوء على عيدروس الزبيدي، تعيد التأكيد مجدداً على عدم ممانعة واشنطن في تقسيم اليمن، حيث سبق للمبعوث الأمريكي إلى اليمن، تيم ليندركينج، أن أعلن خلال حوار مع صحيفة “إندبندنت” في سبتمبر العام الماضي أن مسألة “انفصال جنوب اليمن تخص اليمنيين أنفسهم” ولا علاقة لأحد في ذلك، في إشارة صريحة إلى دعم توجهات تقسيم اليمن، خارج مبادئ الشرعية الدولية، وفي بلد شهد أسوء أنواع التدخلات وانتهاك السيادة من دول أخرى، مما يستدعي التساؤل ما الذي أتاح لدول التحالف التدخل العسكري وما تبعه من انتهاكات لسيادة اليمن، ولا يمنع تلك الدول من مواصلة التدخل لفرض التقسيم على اليمن؟
مصادر يمنية في الولايات المتحدة، قالت لـ”وكالة الصحافة اليمنية”: إن “الجالية اليمنية كانت خلال الأيام الماضية محل استهداف من قبل شركات العلاقات العامة في الولايات المتحدة برسائل تدعو إلى الترحيب بزيارة عيدروس الزبيدي للولايات المتحدة، ودعوة المستهدفين عبر رسائل البريد الالكتروني لحضور فعالية مع عيدروس الزبيدي، والتي تم تنفيذها اليوم في ولاية نيو يورك”.
وأوضحت المصادر، أن أغلب الحاضرين في الحشد الذي تم جمعه باسم ” الجالية اليمنية” أو ” أبناء الجنوب” في نيويورك، كانوا من غير أبناء اليمن، بعد أن تم مقاطعة اللقاء من قبل أبناء الجالية اليمنية في الولايات المتحدة.
ويعتقد مراقبون أن واشنطن ولندن تعملان على تضخيم دور المجلس الانتقالي في اليمن، بغرض فرض التقسيم على البلاد.. إذ تقدمت بريطانيا في مايو الماضي بمشروع قرار إلى مجلس الأمن يتبنى تقسيم اليمن إلى دولتين، مع مراعاة المصالح الاقتصادية بين الدولتين، قبل أن يتم رفض مسودة القرار من قبل بقية أعضاء مجلس الأمن. إلا أن مراقبين يعتقدون أن المسودة البريطانية الداعية لتقسيم اليمن، تمثل خطوة أولى ضمن توجهات أمريكية بريطانية لن يتم التخلي عنها ببساطة من قبل واشنطن ولندن.
بينما يبدو أن مبادئ القانون الدولي التي تدعو للحفاظ على مبدأ سيادة واستقلال الدول، لا تنطبق إلا على دول العالم الثالث، فقد خاضت الولايات المتحدة حرباً أهلية استمرت عدة اعوام ضد محاولات الولايات الجنوبية للانفصال، في حين لايزال هناك ولايات أمريكية تحتفظ بنزعة انفصالية لا تحظى بأي تسامح من قبل حكومة الولايات المتحدة، بينما خاضت بريطانيا حرباً للاحتفاظ بسيادتها على جزر الفوكلاند الأرجنتينية في ثمانينات القرن الماضي، أما فيما يخص تمزيق الدول في اسيا وافريقيا، فقد تم تحوير مبدأ حق ” تقرير المصير” وتوظيفه ضد دول العالم، عبر الاستفتاءات التي تحشد لها القوى الاستعمارية كل طاقتها للتغرير على الشعوب وتمزيقها إلى كيانات صغيرة متناحرة، فاقدة لأي قوة في مواجهة الهيمنة الغربية.
نهاية أغسطس الماضي، عادت الولايات المتحدة لتأكيد تواجدها في مناطق شرق اليمن، من خلال انتشار وحدات من قوات المارينز الأمريكي، في منطقة “الغرفة” وسط محافظة حضرموت، وهي خطوة تأتي في سياق جملة من التحركات الأمريكية شرق اليمن، بهدف دفع المجتمع المحلي في اليمن إلى القبول بتواجد قوات احتلال أمريكية في البلاد، ضمن مساعي واشنطن إلى التمدد على طول السواحل المتحكمة بطرق الملاحة البحرية، وعلى رأسها التواجد العسكري المباشر في مضيق باب المندب وجزر وسواحل اليمن في البحر الأحمر والبحر العربي، في إطار النزعة الأمريكية الغربية للاحتفاظ بالهيمنة على العالم والتي بات يحركها عامل تصاعد المنافسة الاقتصادية الصينية، إلى جانب خلق محور جديد بقيادة روسيا والصين يمكن أن يؤدي إلى انهاء زمن الانفراد الأمريكي ـ الغربي بشؤون العالم، ويتجه إلى عالم ثنائي القطبية.