في الكواليس.. العيسي من حضن «الإخوان» إلى قصر هادي..«تدوير» أموال «الشرعية»؟
وكالة الصحافة اليمنية| فايز الأشول
من عامل في محطة تهامة للمشتقات النفطية التي استأجرها والده عام 1987م بمدينة الحديدة، إلى هامور النفط في اليمن والوكيل الحصري لصفقات «الشرعية» في البر والبحر، ومشغّل أموال الرئيس هادي ونجله جلال، وأمين خزانتهما، وصولاً إلى نائب مدير مكتب الرئاسة للشؤون الإقتصادية. أحمد صالح العيسي، المولود في مدينة عدن عام 1970م، والنازح مع أسرته من مكيراس أبين إلى مدينة الحديدة عقب أحداث 13 يناير 1986م.
في سن التاسعة التحق الطفل أحمد العيسي، بمعهد «النور العلمي» التابع لـ«الإخوان المسلمين» بالحديدة. وفي العام 1987م، استأجر والده الحاج صالح، محطة تهامة لبيع البنزين والديزل، الذي كان يشتريه بالآجل ويبيعه نقداً. نازح معدم لكنه يتمتع بحس تجاري، ولم يمضِ إلا عامان حتى استأجر، إلى جانب تهامة، محطة العمري لذات الغرض، وبعدها استأجر محطة زايد. أكمل نجله أحمد تعليمه الثانوي وتشرّب فكر «الأخوان»، ليوكل إليه والده إدارة حسابات محطاته النفطية. ومن بعدها، تولى إدارتها، ليتجه العيسي الابن إلى التجارة، ولكن من بوابة الصفقات، بحثاً عن الربح السريع، فكانت أولى صفقاته عقد لتموين السفن والبواخر في ميناء الحديدة بالديزل.
سفن ومعدات الجنوب
تنامت ثروة العيسي سريعاً، وغلّفها بدعم الرياضة والجمعيات الخيرية، واستمر على ذلك الحال حتى العام 1995م، حيث مكنه وزير الدفاع بصنعاء عبدربه منصور هادي، من سفن ومعدّات النقل البحري، التي كانت تتبع القوات البحرية لدولة الجنوب سابقاً، فآلت إلى العيسي بالإيجار، مع عقد شراكة مع هادي ليستحوذ العيسي بتلك السفن والمعدّات على النشاط الملاحي. فقام بإصلاحها وصيانتها بمبالغ زهيدة، ليحقق بها أرباحاً خيالية، حين عادت للعمل عام 1997م، تحت مسمى شركة «عبر البحار» (OVER SEAS)، وتتحول إلى أسطول بحري للنقل خلال سنوات قليلة، خاصة بعد أن تمكن العيسي، وبدعم من شريكه عبدربه منصور هادي ورفيقيه محمد عبدالله البطاني وأحمد مساعد حسين، اللذين انضما للشراكة بعد ذلك، من عقد صفقات مع جهات حكومية، صار بموجبها ناقلاً رئيسياً لمادتي الديزل والبنزين من مصفاة عدن إلى ميناء الحديدة، ومورداً وحيداً للمشتقات النفطية لكثير من مؤسسات القطاع الخاص والعام والمختلط.
شركة الخليج
لم يكن يعرف عن أحمد صالح العيسي، الشاب «الإصلاحي» وأحد أعضاء فريق كرة الطائرة بمعهد «النور العلمي»، سوى أنه يهوى الرياضة حد الهوس، وشغوف بالتجارة. أخفق في تحقيق نجومية في الأولى، وتمكن من الإنطلاق بسرعة الصاروخ في مجال تنمية التجارة من منصات الصفقات وشراكته مع صقور الجنوب في حرب 94م. ليتحوّل بعدها إلى مشجّع وداعم سخي للرياضة منذ منتصف التسعينيات، فقد تبنى رجل الأعمال العيسي، نادي «الهلال» الحديدي. ووضع عينه على كسب المال من بوابة الرياضة، ليتمكن من الفوز برئاسة الاتحاد العام لكرة القدم لثلاث دورات انتخابية منذ العام 2005م. وراكم ثروته من مشاريع «خليجي 20» التي استضافتها اليمن عام 2010م.
لقد صار العيسي مع الرئيس هادي ونجله جلال ثقباً أسود يبتلع أموال «الشرعية»
ومع صعود شريكه عبدربه منصور هادي، إلى كرسي الرئاسة عام 2012م، فتح العيسي خزائنه للمال العام بالتحويلات من «فخامة الرئيس» ونجله جلال.
فقد كشفت مصادر لـ«العربي»، عن تحويل جلال عبدربه منصور هادي 100 مليون دولار في العام 2013م، إلى حساب شركة «الخليج» اليمنية للمشتقات البترولية التابعة له مع أحمد العيسي، موضحة أن المبلغ تسلّمه والده الرئيس هادي، بأمر من الملك عبدالله بن عبدالعزيز، والذي وجّه بصرف المبلغ كمنحة سعودية لصيانة طائرات «اليمنية».
شركة رأس عيسى
في العام 2014م، وقعت شركة النفط اليمنية ممثلة بمدير فرعها في الحديدة منصور البطاني، وبتوجيه من الرئيس هادي، عقد شراكة بين أحمد العيسي، لإنشاء شركة يمنية ذات مسؤولية محدودة لتخزين المشتقات النفطية تسمى «شركة رأس عيسى». لكنه، ومن باب التحايل، أورد في البند الثالث أن الهدف من إنشاء الشركة هو تخزين وتجارة المشتقات النفطية. وفي ما يدل على أن الغرض من الشراكة هو إعطاء قانونية للعيسي للحصول على حق الاحتكار، فقد نص البند الخامس على أن رأسمال الشركة 25 مليون دولار، بحيث تبلغ حصة الطرف الأول، العيسي، 80% بمبلغ 20 مليون دولار، بينما حصة شركة النفط 20% بواقع خمسة ملايين دولار، يتم تسليمها على أربع دفعات في أربع سنوات، ومدة التأجير 25 عاماً، مع إمكانية التجديد لمدة مماثلة، وأعطي للعيسي حق الإدارة والتوقيع، كما فرض على شركة النفط أن تخزّن مشتقاتها في خزانات الشركة «رأس عيسى»، وحدد أجور التخزين بـ 13 دولاراً للطن في الشهر، وبحيث لا يحق لشركة النفط أن تخزن في مخازن منافسة.
عرب جلف
مع سيطرة «أنصارالله» على صنعاء، وهروب الرئيس هادي إلى الرياض، التحق به أحمد صالح العيسي، الذي خسر شركة «رأس عيسى» في الحديدة، لكنه عاد لاحتكار توريد المشتقات النفطية لعدن ومحافظات الجنوب كافة، بما فيها سقطرى، وهذه المرة عبر شركة «عرب جلف».
حوّل العيسي، وبتسهيلات من الرئيس هادي ونجله جلال، مصافي عدن وشركة النفط هناك إلى ملحقات بشركته. وامتنع في أكتوبر الماضي عن تفريغ النفط الذي تستورده شركته في مصافي عدن، وأشعل أزمة في أسعار المشتقات النفطية حتى تسلّم من حكومة هادي 31 مليار ريا،ل قال إنها مديونية شركة النفط تأخرت الحكومة في سدادها لشركته. كما اشترط العيسي على حكومة هادي دفع قيمة أي كمية من الوقود يتم توريدها، مقدماً وقبل تفريغها في خزانات المصافي، ليتسلم في ذات الشهر من شركة النفط 2 مليار ريال تحت الحساب لتفريغ كميات من الديزل لمحطات الكهرباء في عدن إلى حين المصادقة على سعر الكميات بين الشركتين.
ومؤخراً، وبحسب مصادر «العربي»، فقد أصدر الرئيس هادي، قراراً بتعيين أحمد صالح العيسي، نائباً لمدير مكتب الرئاسة للشؤون الاقتصادية، موضحة أن العيسي، وبدعم من جلال، نجل الرئيس، يسعى لخصخصة مصافي عدن، بعقد لتأجير خزاناتها لشركته لـ25 سنة قادمة.
تبييض أموال
لقد صار العيسي مع الرئيس هادي ونجله جلال، ثقباً أسود يبتلع أموال «الشرعية». وفي هذا الإطار، قالت مصادر لـ«العربي» إن العيسي تسلّم، وبتوجيه من الرئيس هادي،11 مليار ريال كتعويض مقابل «تغذية قوات الشرعية والمقاومة في حرب تحرير الجنوب من مليشيات الحوثي وصالح الإنقلابية». كما ألمحت المصادر إلى تشارك الثلاثة في «بيع كميات مهولة من المواد الإغاثية المخصّصة للشعب اليمني في دول القرن الأفريقي، والترتيب لإنشاء شركة إتصالات خاصة في الجنوب».
لا يملك العيسي مكتباً يمارس فيه وظيفته نائباً لمدير مكتب الرئاسة للشؤون الاقتصادية، ولكن الرئيس هادي خصّص له جناحاً في القصر حيث إقامته بالرياض، ليتولى إعادة تدوير الأموال التي يستحوذ عليها باسم «الشرعية»، بإشراف نجله جلال، تحت عنوان «استثمارات خاصة في الداخل والخارج».