دخلت اليمن منعطفاً جديداً بإعلان قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي تشكيل حكومة كفاءات وطنية تجسد الشراكة الوطنية، في كلمته أمام الحشود التي اجتمعت في مختلف المحافظات والمناطق احتفالاً بذكرى المولد النبوي.
وكان السيد عبدالملك الحوثي في كلمة متلفزة لأبناء الشعب اليمني الثلاثاء الماضي ، قد أوضح أن تأخير مسألة التغيير الجذري كانت ناجمة عن التصدي للعدوان والحصار والمخاطر التي كانت محدقة بالشعب اليمني على يد دول التحالف.
ويرى كثير من المراقبين أن الدخول في مرحلة التغيير الجذري وتصحيح وتنظيف مؤسسات الدولة تمثل معركة شديدة الأهمية، نظراً لتغلل الفساد في ثقافة تولي المسؤوليات منذ عقود في اليمن، إلى درجة كانت خلالها مافيا الفساد تشكل خلايا عنقودية تحظى بالرعاية من أعلى هرم السلطة إلى أدناها قبل أن تتصل حلقاتها بالخارج.
ويحتفظ الشعب اليمني بذاكرة مريرة من المعاناة بسبب الفساد وسوء الإدارة المتعمدة وصل خلالها المواطنون إلى قناعات باستحالة التخلص من مافيا الفساد، مما أضفى أهمية استثنائية على خطاب السيد عبدالملك الحوثي حول التغيير الجذري، الذي كان أبناء اليمن يتطلعون له منذ عقود.
ويعتقد كثير من الخبراء في الشأن اليمني، أن معركة التغيير الجذري في مؤسسات الدولة، وتصحيح الأداء فيها بما في ذلك “مكافحة الفساد” لن تكون معركة سهلة، في ظل النهج الذي دأب المسؤولين على توارثه منذ عقود، والذي يتعامل معه الناس على أساس الحق المكتسب في نهب المال العام والإثراء غير المشروع. حيث صنفت اليمن خلال العام 2013 في المرتبة 178 بين دولة في العالم من حيث الفساد، بينما قالت تقارير المؤسسات الدولية في حينه أنه مقابل كل دولار مساعدات كانت تدخل اليمن كان هناك ثلاثة دولارات تهرب للخارج من داخل اليمن.
ورغم ما عانته اليمن من ويلات الحرب والحصار على مدى قرابة تسعة أعوام، إلا أن القيادة الثورية تبدو عازمة على خوض المواجهة مع الاختلالات، وعدم الاكتفاء بحشد الإمكانيات لمواجهة حرب التحالف، بما يؤكد أن ثورة الـ21 من سبتمبر باتت تمتلك من الثقة ما يؤهلها لخوض غمار المعركة ضد المشاكل التي تعتري أداء مؤسسات الدولة وتخليص الشعب من أي حالة جمود أوبيروقراطية في مفاصل مؤسسات الدولة.
ويمثل عنوان تحويل اليمن من ” بلد مستهلك إلى بلد منتج” أحد العناوين الرئيسية التي أعلن عنها السيد عبدالملك الحوثي ضمن استراتيجية التغيير الجذري، وهي مسألة تتطلب النهوض بمختلف مؤسسات الدولة وعلى رأسها السلطة القضائية.