متابعات/وكالة الصحافة اليمنية//
اخترقت وسائل الإعلام الغربية أبسط قواعد وأخلاقيات العمل الصحفي في أثناء تغطيتها للعمليات العسكرية الجارية حاليا في قطاع غزة، حيث عمدت إلى تصوير الجانب الإسرائيلي كضحية لعملية “طوفان الأقصى”، التي أطلقتها “حماس”، دون الالتفات كثيرا أمام الرد الإسرائيلي الشرس، الذي أتى على الأخضر واليابس في القطاع.
طال مرض التحيز منصات إعلامية ذائعة الصيت مثل هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، والشبكة الأمريكية “سي إن إن”، وشبكة “إيه بي سي نيوز”.
ونشرت شبكة “إيه بي سي نيوز”، يوم 11 أكتوبر الجاري، تقريرا أشارت فيه إلى أن “المدنيين في قطاع غزة، يشعرون بالخوف نتيجة للضربات الإسرائيلية التي تستهدف “مقاتلي حركة حماس ، ويلاحظ أن مثل هذه الصياغة تعفي الكيان، من المسؤولية المباشرة عن قصف المدنيين، وتوحي بأن قتل الفلسطينيين هو نتيجة غير مباشرة للضربات الإسرائيلية.
كما أن الشبكة ذاتها عندما تذيع أخبار القصف الإسرائيلي الذي يستهدف قطاع غزة، غالبا ما تتعمد غض الطرف عن تحديد الجهة منفذة الهجوم، وتصيغ الخبر بطريقة لا تُحدد مسؤولية منفذ الهجوم، وتستخدم صيغة المبني للمجهول، فتقول مثلا أن القطاع “تعرض لأضرار” أو “دُمر”، دون توضيح ملابسات القصف.
وتحيزت الشبكة ذاتها في سياستها فيما يتعلق بالتعامل مع ضيوف البرامج، فعلى سبيل المثال عمدت قناة “بي بي سي” في تغطيتها، يوم الأربعاء الماضي، إلى استضافة متحدث من واشنطن أصر على تحميل “حماس” وعناصرها الذين وصفهم بالإرهابيين المسؤولية الكاملة في ارتكاب ما وصفه بجريمتي حرب، أولًا مهاجمة المدنيين في إسرائيل، ثم الاختباء بين المدنيين في غزة، ولإسرائيل كل الحق في الدفاع عن نفسها، بحسب قوله.
الضيف وجّه كل ما يمكن توجيهه من اتهامات إلى “حماس” وقد لا يكون ذلك شيئا مستغربا، إلا أن الغريب هو دور المذيع، حيث لم يعترض، بل وافق على كل ما قاله الضيف.
وحضرت أخت أحد الرهائن الإسرائيليين في غزة، ضيفة على أحد برامج “بي بي سي”، حيث بدأت تحكي قصة أخيها، فأبدت المذيعة تعاطفا معها، قائلة: “أنا آسفة حقا لأجلك”، لكن عندما تحدث ضيف من منظمة الصحة العالمية عن الوضع الحرج في غزة، إثر قطع الكهرباء والماء، لم تبد المذيعة نفسها أي تعاطف مع تلك المأساة الإنسانية.
قناة “فوكس نيوز” الأمريكية، لم تكتف بالانحياز الفج إلى الجانب الإسرائيلي على حساب معاناة المدنيين الفلسطينيين، لكنها جلبت من ينتقدون سياسة المنصات الإعلامية المحايدة، ففي تاريخ 12 أكتوبر الجاري، استضافت مايكل ألين، مساعد الأمن القومي السابق في البيت الأبيض، لينتقد سياسة وكالات الأنباء العالمية التي تلوم إسرائيل وليس “حماس” عما يحدث في قطاع غزة، حتى أنه دعا صراحة إلى الضغط على وسائل الإعلام لتغيير ذلك.
وأتاحت القناة ذاتها الفرصة لجوليانا جيران بيلون، الكاتبة الأمريكية، لانتقاد وسائل إعلام غربية بدعوى أنها تبنى خطابا أقل تعاطفًا مع إسرائيل خلال العمليات العسكرية الجارية، واصفة ذلك بأنه “حالة من الحرب بين الغرب مع نفسه”.
لم يختلف الوضع كثيرا في شبكة “سي إن إن” الأمريكية، التي عكفت على التركيز على حياة الرهائن الذين تحتجزهم “حماس”، متجاهلة في الوقت ذاته حياة الفلسطينيين الذين يقتلون كل يوم جراء القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، الذي تحول إلى سجن كبير لأكثر من مليوني شخص دون كهرباء أو ماء أو طعام.
بالتأكيد لا بأس في أن تركز “سي إن إن” على قصص الرهائن الإسرائيليين، حيث أتاحت الفرصة، يوم 10 أكتوبر الجاري، لأم إحدى الرهائن لدى “حماس” لتتحدث عن ابنتها، لكن هل أتاحت “سي إن إن” نفس المساحة للطرف الآخر من فلسطين، وهل سمحت “سي إن إن” للأمهات الفلسطينيات بالتحدث عن أطفالهن الذين قتلتهم إسرائيل؟
ويرى المراقبون أن مثل هذا الانحياز الصارخ يقف وراءه جماعات ولوبيات داعمة لإسرائيل سرا وعلنا، حيث تسعى لتعزيز الضغط على وسائل الإعلام الغربية لضمان تغطية أكثر دعما للكيان.