تحليل خاص// وكالة الصحافة اليمنية //
بالأمس القريب تحدثت قوى التحالف عن الحديدة وحاولت من خلال تمرير قرارات وإحاطات أممية أو من خلال تكليف وسطاء ليقوموا بتقديم مبادرات ممزوجة بالإغراءات، تصب جميعها في اتجاه واحد وهو الضغط على أنصار الله ودفعهم لتسليم الحديدة، كمدينة وميناء ومنفذ بحري، إلا ان تلك المحاولات قوبلت بموقف سياسي حازم من قبل حكومة صنعاء التي رفضت التنازل أو المساومة في سيادة اليمنيين على أرضهم أو التنازل عن أي جزء منها.
اليوم وبعد أن استنفدت قوى العدوان كل الخيارات التي كانت راهنت عليها طوال فترة العدوان، وفي ظل العجز العسكري واستمرار الحرب من دون أفق سياسي وجدت قوى التحالف نفسها في أمس الحاجة لتجديد رهاناتها لإيهام المجتمع الدولي بأن ثمة أوراق حاسمة لم تستخدم بعد وبأنها في حال استخدمتها ستغير مجرى الحرب.
اليوم وتحت مبررات واهية تعود قضية الحديدة للواجهة وتحت شعار تحرير الحديدة وبقيادة إماراتية ومساندة أميركية وبريطانية ومشاركة فرنسية اتجهت قوى التحالف للحسم العسكري ليتحول الساحل الغربي ومدينة الحديدة إلى منطقة عمليات عسكرية مفتوحة تهدد أمن وسلامة أكثر من اثنين مليون نسمة.
قوى التحالف وفي مقدمتها الامارات العربية رفعت الكثير من الشعارات لتبرير عملها العسكري، وتحسّباً لفشل الرهان على الورقة الأخيرة استغاثت الامارات بالولايات المتحدة، التي استشعرت خطورة الفشل الاماراتي فحرصت على أن تكون أكثر حضوراً ودعما ومساندة في هذه المعركة مقارنةً بما سبقها.
لكن وإذا ما حاولنا قراءة ما تسعى قوى العدوان الوصول إليه وتنفيذه إن تمكنت من الاستيلاء على الحديدة فسندرك ان ما يتم اعداده من سيناريوهات ومخططات أبعد من كل ما يتحدثون عنها..
اليوم وبعد اربعة أعوام من العدوان والتخبط السياسي والاعلامي والعسكري لتحالف العدوان ومرتزقة الرياض يمكننا القول ان الاسباب والمبررات التي تم الاستناد عليها لشن العدوان على اليمن لم تعد قائمة بل ولم يعد ضمن أهدافها وسيناريوهاتها إعادة الشرعية والانتصار للدولة الهاربة وإعادة الرئيس الفار..
لم تعد الشرعية تمثل شيئا ولم يعد هادي يمتلك من الاوراق ما يؤهله ليكون رئيسا شرعيا لليمن ويكفي أن نتأمل التغيرات الجوهرية في لغة الخطاب السياسي والاعلامي للسعودية ونزلاء فنادقها من المرتزقة والمأجورين الذين توهموا أن بإمكانهم حكم اليمن من الرياض وعندها سندرك أن السعودية والامارات لا تبحثان عن ماء الوجه للخروج من المستنقع الذي تورطتا فيه ووضع نهاية لخسائرهما العسكرية والاقتصادية بقدر ما تبحثان وتجتهدان من أجل تحقيق أهدافهما الرامية إلى تمزيق اليمن والوصاية عليه سياسيا واقتصاديا وثقافيا..
ولذلك تسعى قوى التحالف، بقيادة السعودية، اليوم لفرض واقع جديد وتحديد مصير اليمن واليمنيين وتشكيل دولة بحسب مواصفاتها ولا يعنيها إن تعارضت مع إرادة الشعب اليمني..
يكفي أن نتوقف لقراءة الكثير من الاحداث والمغالطات والتناقضات وسندرك أن قوى العدوان وفي مقدمتها السعودية والامارات تسعيان من وراء الحملة العسكرية على مدينة الحديدة لاستكمال السيطرة على عواصم الاقاليم التي يدعون انه تم التوافق عليها في مؤتمر الحوار الوطني، وبحسب اعتقادهم فإنهم يعتبرون أنهم يسيطرون على اقليم سبأ واقليم عدن واقليم حضرموت واقليم الجند ولم تتبقى سوى الحديدة كعاصمة لإقليم تهامة.. أما اقليم ازال فسينظر إليه كإقليم غير مستقر وستترك مسألة تحديد مصيره لما سيسفر عنه الصراع والاقتتال الذي سيعملون ويقدمون كل ما في وسعهم لإشعال فتيله بين أنصار الله والقوى المتحالفة معهم.
وإذا ما نجحوا في تحقيق أهدافهم فسيتجهون لتفريخ قيادات بديلة ذات صفة مناطقية توكل إليها مهمة إدارة شئون عواصم ومدن الاقاليم واستبعاد أطراف الصراع سواء بشكل جزئي أو كلي.
وبنجاح المخطط المرسوم للاستيلاء على الحديدة وتشكيل الحكومات الادارية للأقاليم سيسارع الفار هادي لإعلان قيام الدولة الاتحادية من مقر اقامته في الرياض وتكليف أحد أذناب العدوان لتشكيل حكومة اتحادية مقرها الرياض، تتوزع ولاءاتها مناصفة بين الرياض وأبوظبي.
…. أمام كل ذلك فإن المنطق السياسي والعسكري يحتم على الساسة في جبهة مواجهة العدوان عدم الإصغاء لمثل هذه الاطروحات ورفضها جملة وتفصيلا وعدم السماح لأي كان بالحديث أو حتى التلميح لها، ليس لأننا نرفض التوصل لحلول أو لا نريد إيقاف العدوان وحقن دماء اليمنيين وإنما لأن قوى العدوان ومرتزقة الرياض يسعون لتنفيذ مخطط يستهدف تمزيق اليمن وإدخال الشعب اليمني في آتون صراع وحروب أهلية لا تنتهي..