تحليل/ ميخائيل عوض/ وكالة الصحافة اليمنية //
رب رمية من غير رامي.. بهذا يتندر الكثير من الخبثاء والمتشككين بقدرات الأمة والمقاومة وإسلاميتها ومحورها.
ويتداول اخرون وقائع وروايات في عبور غزة الاسطوري الى فلسطين الـ ٤٨ ويستخلصون منها، ان العملية لم تكن على هذه الدرجة من العجائبية عندما تم التخطيط لها، انما الحظ، والصدف، وربما التوقيت واليوم الذي نفذت به كان لها الأثر الأهم في تحقيق المفاجأة والصعق للإسرائيليين وتاليا تيسير امر العملية على نحو سريع وسهل فحققت أعلى بكثير مما كان المخططون يفترضونه منها.
حملة تشكيك واهية
ويقال، ان كتائب القسام خططت لعملية محدودة وتكتيكية جل أهدافها منها أسر بضعة جنود لمساومة إسرائيل لإطلاق الأسرى بعد ان تعثرت المفاوضات كثيرا، وخسرت حماس رهاناتها على مكاسب من تبادل الأسرى، وفي محاولة لتعويم نفسها بعد ان فقدت الكثير من مصداقيتها مع انهيار حركة الإخوان المسلمين العالمية وافول نجمها. وبعد ان هيمن على حماس خيار التصالح والرغبة بالتهدئة وتامين حكومة غزة وقد قلصت مشاركتها العسكرية في الجولات التي اعقبت جولة سيف القدس النوعية ٢٠٢١، فتولت جولتي وحدة الساحات وثأر الاحرار الجهاد الاسلامي والفصائل الاخرى.
ذاتهم الخبثاء والمتشككون والناكرون لقدرة غزة الاسطورة على تحقيق عملا نوعيا بل فرط استراتيجي في الصراع العربي الصهيوني بعبورها الاعجازي، يسوقون معلومات وتحليلات من نوع؛ ان إيران كما دلت المعطيات وكما عادت واعلنت امريكا وإسرائيل لم تكن على علم بالعملية ولم تنسقها او تمولها او تسلحها ولم تساندها بالحرب السيبرانية، ومحور المقاومة فصائل وقادة وحتى المستوى السياسي لحماس لم يتم ابلاغهم بالعملية وبأهدافها وبمداها بما في ذلك فصائل غزة وغرفة عملياتها لم تبلغ بالعملية ولم تستنفر الا بعد ساعات من تحقيق الخرق الكبير والعبور الميمون والسيطرة على قيادة فرقة غزة والمواقع العسكرية الحصينة وتدمير خط الدفاع المكلف والمشغول بتقانة وبتقنيات وتحصينات الكترونية وإسمنتية غير مسبوقة…
ويتذرعون بارتباك المحور ومفاجأته كما فوجئت إسرائيل وأمريكا وحلفائها، ولهذا لم تشترك الجبهات من الساعة الأولى ولا استثمرت في الانجاز العبقري لا هي ولا كتائب القسام بانهيار الدفاعات والجيش الاسرائيلي وسيطرة حالة الذعر والإرباك لساعات طويلة على الجيش الاسرائيلي وقيادته العسكرية والسياسية.
صدق وعده
وقد صدق وعد الله؛ ما رميت اذ رميت ان الله قد رمى.
ساعات كانت كافية لاجتياح الجولان والجليل ووصول طلائع كتائب القسام من غزة إلى الضفة الغربية التي كان يفصلها عن المهاجمين ٨ كيلو متر تستغرق ساعة من الركض او دقائق من سيارات الدفع الرباعي ولو تمت لنهضت الضفة وتحررت، ولما كانت قيادة إسرائيل وجدت الوقت الكافي لتستيقظ من الصدمة وحالة الذهول.
في مواجهة هذه الأقوال لا تهتز شعرة لقادة كتائب القسام، ولقادة محور المقاومة. فالسرية المطلقة حتى على الفصائل في غزة وقيادة حماس امر مطلوب وضروري ومتقن لهذا العمل الابداعي، وعدم التنبؤ بإمكانية انهيار خط الدفاع وسقوط المواقع والمستوطنات بسهولة امر منطقي، فالعملية اعدت لتكون تكتيكية ولأهداف محددة. وليس من ضرر ان يوفق الله ويرزق جنده نصرا مؤزرا وعظيما وعجائبيا من عنده. فهذا وعده للمجاهدين وللشعوب المظلومة وكتائب القسام واخواتها في الجهادية السنية والشيعية لتي تولت مهمة المقاومة وادارت الحروب مع امريكا واسرائيل منذ اجتياح بيروت ١٩٨٢ وانتصار الثورة الاسلامية في إيران هم عقائديون مسلمون ومؤمنون ويعتدون بالله وبانه معهم وييسر امرهم وما النصر الا من عنده وبإرادته وليس من صنع البشر وحدهم مهما علا كعبهم.
وقد صدق وعد الله؛ ما رميت اذ رميت ان الله قد رمى.
التراكم الكمي يؤدي إلى تحول نوعي لأي سبب وليس بالضرورة ان يكون مخططا أو مدركا مسبقا كما القشة عندما تكسر ظهر البعير.
وتاليا؛ لا عيب ولا من يحزنون بان يمن الله على كتائب القسام بنصر اعجازي والهي فقد سبق وتحقق مثله في الـ ٢٠٠٠ في لبنان والـ ٢٠٠٦ في حرب تموز.
وليس من ضرر ان يقول المتشائمون والمتشككون والمصعوقين بما تحقق ما يشاؤون، فقد قالها السيد حسن نصرالله مرات وكررها؛ كان الله معنا في كل معاركنا وقد تأكدنا دوما من نصره باننا درسنا وتحققنا واستطلعنا وتحسبنا وعندما بدأنا تحققت نتائج ابهرتنا لم تكن في متناول عقولنا واو خططنا واهدافنا.
ولا يجد القساميون واخوتهم في الجهاديتين اي حرج مما يقوله ويكتبه الماركسيون واصحاب نظرية التحليل المادي للتاريخ، وبعضهم بشر بدنو زمن التحولات النوعية في الصراع العربي الصهيوني ورصدها وكتب فيها وعنها وتوقع ان تحصل المفاجأة الصادمة في تظهير التراكمات الكمية والمكاسب بالنقاط التي حققها المحور في جولات فلسطين والحروب المستدامة منذ غزو بيروت ١٩٨٢ وفي كل الساحات والحروب والمسارح والتحولات العاصفة التي اطلقتها في التوازنات الاقليمية والعالمية فمنطق التراكم الكمي يؤدي الى تحول نوعي لأي سبب وليس بالضرورة ان يكون مخططا او مدركا مسبقا كما القشة عندما تكسر ظهر البعير.
ولا بأس من التحليل والقول أن عملية العبور الاسطورية من غزة تشكلت كلحظة عاصفة للانتقال من التراكم الكمي الى التحول النوعي.
فهذا هو سبيل الاحداث والتطورات الكبرى في تاريخ البشرية وفي تجربة المقاومة ومحورها، كعملية اسر الجندبين التي ادت الى حرب تموز ومفاعيلها ونتائجها النوعية والتاريخية ولم تكن محسوبة لعملية الاسر العادية جدا ان تؤدي لحرب… ما دفع بالسيد حسن نصرالله بجرأته ومصداقيتة للقول علنا؛ لو كنا نعرف انها ستشعل حرب لما اقدمنا عليها.
كيفما نظر وبأي منهج او تقاليد قرأت عملية العبور الميمونة والاعجازية لغزة باتجاه فلسطين ال٤٨ ستكون النتائج العملية الفرط استراتيجية حصيلة لجهد وتحضير ومراكمة انتصارات والنقاط بالجولات وحصيلة تضحيات وصبر واعداد وجوع وفقر وحصارات.
ان تكون يد الله هي التي رمت خير ومن عظائم الامور وتجليات ارادة الخالق عز زجل، وان تتم تظهير التحول من الكمي الى النوعي على يد مجاهدي القسام ومن غزة فخير على خير والزمن يفيض دلالات والجغرافيا والبشر يتجلون وتتجلى حاجاتهم وتتحقق في معارك حاسمة وجولات عاصفة وتحولاتها ولو كان القرار والتخطيط يبتغي اهداف اقل واكثر تواضعا.
العالم يتغير من بوابة الصراع العربي الصهيوني ومن غزة هاشم تظهر التحولات الكبرى
على العموم فهكذا تقدمت الحياة البشرية وتطورت على وجه البسيطة، اكتشافات عملية مفتاحية واختراعات وقعت نتائجها بالصدفة او بناتج التجارب التي لم تستهدف تحقيقها وجاءت النتائج خير عميما على البشرية وعززت سبل تطورها وارتقائها وكذا التحولات والحروب الكبرى في لتاريخ. شيء جميل بل رائع ان تتركز احداث التاريخ العاصفة والمفاجئة والمغيرة بالأحوال على حدود وعلى يد غزة هاشم ومن بوابة الصراع العربي الصهيوني وتتمظهر الحقائق والتحولات الكبرى على يد مجاهدي الجهاديتين السنية والشيعية لتنقلب الامور، وتبدا كتابة تاريخ مستقبل البشرية في ساحل وبر الشام كما هي عادات التاريخ واحداثه الكبرى واحكامه المقررة.
والشهادة الحق لله، والشعب فالسيد حسن نصرالله العقائدي والاسلامي جدا جدا، كان قد اعلن وخطب وصرح وضبط التطورات والاحداث وادرك التراكمات الكمية وقال بالانتقال الى النوعي ووعد بان حرب تحرير فلسطين الحرب الكبرى اتية وبأقرب وقت وقال قد اتممنا في محور المقاومة العدة والرجال والاستعدادات.
فمن الظلم الفاضح واللاواقعية ان يتهم محور المقاومة وقادته واعمدته في الدول والجيوش والفصائل بالقول؛ انهم فوجئوا بالعملية وبجدواها وبما تحقق وسيتحقق منها فقد اريد منها ان تكون الايذان بانتقال المحور من استراتيجية الدفاع الاستراتيجي الى الهجوم الاستراتيجي والمنطقي ان القرار مأخوذ من زمن واوكلت المهمة لكتائب القسام وللضيف قائدها وهيئة اركانها وقد ابلوا حسنا وابدعوا …
عظم الله اجورهم ورحم شهداء المقاومة وشفى جرحاها وامن غزة وشعوبها.
طوفان الاقصى نهاية زمن وبداية ازمنه.
…/ يتبع