متابعات/ وكالة الصحافة اليمنية //
يسعى العدو الإسرائيلي للتنصل من جريمة قصف المستشفى المعمداني الأهلي في قطاع غزة، وإلقاء اللوم على صواريخ المقاومة، إلا أن هذه الرواية رفضتها قناة “MSNBC” الإخبارية الأمريكية، وحركة المقاومة، وتقارير عربية أخرى.
كان جيش الاحتلال الإسرائيلي قد ارتكب مجزرة هي الأكثر وحشية، منذ بدأت الحرب يوم 7 أكتوبر 2023، وربما تكون واحدة من أسوأ المجازر الإسرائيلية على الإطلاق، عندما تعرض المستشفى الأهلي المعمداني في قطاع غزة لقصف أوقع مئات الشهداء والمصابين.
وقال المتحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية أشرف القدرة، إن المئات استشهدوا، مضيفاً أن عمال الإنقاذ ما زالوا ينتشلون الجثث من تحت الأنقاض.
وفي الساعات الأولى بعد القصف الإسرائيلي مساء الثلاثاء 17 أكتوبر، كان رئيس الدفاع المدني في قطاع غزة قد أعلن عن استشهاد أكثر 300 شخص، بينما قدرت مصادر وزارة الصحة عدد الشهداء بأكثر من 500.
وكان رد الفعل الإسرائيلي في الدقائق الأولى لجريمة قصف المستشفى في غزة، وهي الجريمة التي هزت العالم، هو تبرير ما حدث بأنه “استهداف لمقاتلي المقاومة المتواجدين في المستشفى”.
وبعد أن اتضح للعالم مدى فداحة الجريمة وأعداد الضحايا من شهداء ومصابين، إضافة إلى أن الاعتراف الإسرائيلي بقصف المستشفى تحت مبرر وجود مقاومين فيه، هو اعتراف بارتكاب جريمة حرب لا يوجد أي مبرر لارتكابها بحسب القانون الدولي، بدأ التراجع الإسرائيلي عن هذا الاعتراف.
حذفت الحكومة الإسرائيلية وجيشها التغريدات على منصة “إكس” (تويتر سابقا) أو قاموا بتعديلها لإخفاء الاعتراف بارتكاب الجريمة، ثم بدأت مرحلة الإنكار والتنصل بالكلية من الجريمة عن طريق إلقاء المسؤولية على صواريخ المقاومة.
وخرج رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ليلقي بالمسؤولية على “المقاومة”، ثم خرج المتحدثون باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي ليقولوا للعالم إن “حركة الجهاد الإسلامي” هي المسؤولة عن قصف المستشفى المعمداني بصاروخ سقط بالخطأ.
إلا أن تقريرا على الهواء مباشرة من مدينة أسدود المحتلة، استنكر فيه مراسل قناة “MSNBC” الإخبارية الأمريكية راف سانشيز، ادعاءات الجيش الإسرائيلي بمسؤولية حركة الجهاد عن المجزرة، وقال إن “الجيش الإسرائيلي في هذه المرحلة لا يقدم أي دليل يدعم ادعاءاته بأن هذا الصاروخ كان صاروخًا فلسطينيًا من حركة الجهاد الإسلامي”.
وأضاف: “إنهم يستشهدون بمعلومات استخباراتية لم يعلنوها بعد، ويجب أن نقول أيضًا أن هذا النوع من عدد القتلى ليس هو ما تربطه عادةً بالصواريخ الفلسطينية، إنهم لا يميلون إلى قتل مئات الأشخاص في ضربة واحدة”.
وأكد سانشيز: “هذا تشويش معتاد منها تماما في حالة الحرب، ويجب أن نكون واضحين حقًا في ذلك”، متابعا: “نحن غير قادرين على الدخول إلى غزة، في الوقت الحالي، الحدود الإسرائيلية مغلقة، والحدود المصرية مغلقة، فرقنا غير قادرة على الوصول إلى هناك والتحقق من ذلك مباشرة”.
@MSNBC raises questions about Israeli denial of hospital strike (1/2) https://t.co/o4El5xRu9Q pic.twitter.com/1fdfVioy5h
— Mahan Mirza (@MirzaMahan) October 17, 2023
أما حركة الجهاد الإسلامي، فقالت على لسان عضو مكتبها السياسي عزت الرشق، إن “الرواية الكاذبة للاحتلال الإسرائيلي بشأن مجزرة مستشفى الأهلي المعمداني متوقعة”.
وأضاف أن مستشفى الأهلي المعمداني “تعرّض للتهديد من قِبل الاحتلال، وهو ما يؤكد أنهم من ارتكبوا هذه المجزرة”.
ولفت إلى أن الأدلة التي ساقها الاحتلال بشأن مجزرة مستشفى المعمداني “لا تنطلي على أي عاقل”، مضيفا: “مستشفى تعرّض للتهديد من قِبل الاحتلال، وهو ما يؤكد أنهم من ارتكبوا هذه المجزرة”.
وتابع: “الصواريخ التي استخدمها الاحتلال في قصف مستشفى المعمداني، لا تمتلكها المقاومة وهو ما يؤكد كذبه”.
وزاد الرشق: “مطالب الاحتلال بإخلاء عدد من مستشفيات قطاع غزة، يؤكد أنه من ارتكب مجزرة مستشفى المعمداني”، قبل أن يختتم حديثه بالقول: “الغطاء الغربي لدولة الاحتلال شجعهم على ارتكاب العديد من المجازر البشعة بحق المدنيين”.
كما نفت حركة الجهاد، ما وصفته بـ”الأكاذيب والاتهامات الباطلة”، التي وجّهها إليها الجيش الإسرائيلي بتحميلها مسؤولية قصف صاروخي طال المستشفى في غزة، مؤكّدة أن إسرائيل تحاول بذلك “التنصّل من مسؤوليتها عن المجزرة الوحشية”.
وقالت “الجهاد” في بيان، إنه “كعادته في فبركة الأكاذيب، يحاول العدو الصهيوني جاهداً التنصّل من مسؤوليته عن المجزرة الوحشية التي ارتكبها بقصفه المستشفى (…) وتوجيه أصابع الاتهام نحو حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين”.
وشدّد البيان على أن هذا الأمر “يؤكّد عدم اتفاق الكاذبين على رواية واحدة، بين إطلاق من داخل المستشفى، أو تعرّضه للصواريخ من خارجه”.
ويُعد المستشفى المعمداني أحد أقدم المستشفيات العاملة بقطاع غزة، وتم تأسيسه عام 1882، وتديره الكنيسة الأسقفية الأنجليكانية في القدس.
ويقع المستشفى في البلدة القديمة بغزة، في الشارع المتفرع من ميدان فلسطين (ساحة الشوا) تقاطع شارع عمر المختار مع شارع أم الليمون، يحده من الجنوب دوار عسقولة ومن الشرق مسجد الشمعة، ومن الغرب تحده مقبرة إسلامية تدعى مقبرة الشيخ شعبان.
وبدأت أول الأخبار العاجلة تتوارد عن قصف المستشفى بعد الساعة الـ 8 مساءً بتوقيت فلسطين، وفي هذه الأثناء كانت وسائل الإعلام تبث مباشرة قصفاً يتعرض له قطاع غزة، وبحسب الأدلة البصرية التي قام موقع “عربي بوست” بفحصها لمكان الاستهداف ومكان ترامي جثث الضحايا، فإن الاحتلال الإسرائيلي استهدف وبشكل مقصود الساحة الرئيسية للمستشفى الذي تحيط به عدة مبانٍ طبية.
ويظهر فيديو عددا من السيارات المحترقة، وهي التي كانت مصطفة في ساحة المستشفى، التي كانت مليئة أيضاً بالمرضى، ومن خلال تحديد موقع المستشفى ومقارنتها بالصور والفيديوهات لاستهداف المستشفى، يتضح من مقارنة الأدلة البصرية بالموقع، كيف أن الاستهداف وقع في الساحة الرئيسية للمستشفى.
لحظة قصف المستشفى المعمداني وسط غزة pic.twitter.com/s7B7eIKWYB
— Hisham Abu Shaqrah | هشام أبو شقرة (@HShaqrah) October 17, 2023
وأثبت دليل بصري آخر، مكان القصف الإسرائيلي على المستشفى المعمداني، “إذ تظهر في صور سيارة إسعاف تقف على بعد 61 متراً عن بوابة المستشفى، وتظهر مقارنة الأدلة البصرية وعلى يسارها تشتعل النيران في ساحة المستشفى”، وفق الموقع.
⭕️- مجزرة المستشفى المعمداني في غزة -⭕️
مجزرة مروعة ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي بقصف المستشفى المعمداني في غزة
أكثر من 500 شهيد حتى الآن، وفق المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة⭕️- صور وفيديو وآخر تحديثات المجزرة الإجرامية
(1)#المستشفى_المعمداني#مستشفى_المعمداني… pic.twitter.com/Got9kNx9b0
— عربي بوست (@arabic_post) October 17, 2023
كما يظهر مقطع فيديو آخر، عدداً من الأطفال الذين استشهدوا في القصف على المستشفى المعمداني، ولا يبين الفيديو الكثير من التفاصيل بسبب قلة الإضاءة في المكان.
ويتابع الموقع: “لكن وبحسب الدخان المتصاعد في الفيديو، ووجود شجرة بجانب الضحايا، وبمقاطعة ذلك مع المكان الذي تأكدنا بأنه تعرض للانفجار، فإننا نعتقد بأن الأطفال الضحايا موجودون في المساحة الخضراء الواقعة بعد المبنى الأول على الجهة اليسرى من بوابة المستشفى”.
المشاهد مروعة جدا..
أطفال رضع سفك الاحتلال دمهم مع عوائلهم بعد قصف مستشفى المعمداني..
مئات الشهداء في المكان
جريمة إبادة لا توصف !!!!!
اللهم انتقم اللهم انتقم#Gazagenocide pic.twitter.com/yUdEaAjR2l
— رضوان الأخرس (@rdooan) October 17, 2023
حسابات على شبكات التواصل، وغرف إسرائيلية على “تليجرام”، نشرت مزاعم بأن القصف الذي تعرض له المستشفى كان بسبب صاروخ سقط بالخطأ أطلقته “المقاومة الفلسطينية”، لكن عند فحص الأدلة البصرية فإن شكل الانفجار يشبه الأشكال الأخرى للانفجارات التي تعرضت لها مناطق في غزة جراء قصف من الطيران الإسرائيلي.
وذهب أيضاً مركز مكافحة التضليل التابع لدائرة الاتصال في الرئاسة التركية، إلى القول بأنه “عند فحص صور قصف المستشفى تبين بوضوح أن الذخيرة التي كان لها القدرة على تحويل المنطقة إلى خراب ليست من أنواع الذخيرة التي استخدمتها حماس حتى اليوم”.
כך נראה שיגור כושל של הגי'אהד האיסלמי לתוך הרצועה pic.twitter.com/bVE53OUSUD
— איתי בלומנטל Itay Blumental (@ItayBlumental) August 6, 2022
ويقول المسعف عبد الله زمو، لوكالة “سبوتنيك”: “كان في ساحة المشفى مئات العائلات من النازحين والفارين من القصف، وكانوا يشعرون بالأمان هنا، فلا يوجد قصف بالجوار من المشفى، ولحظة القصف كنت في سيارة الإسعاف بجوار الساحة، وعندما حدث الانفجار رأيت الناس تطير في الهواء، وسط نار كبيرة، وأنا تعرضت لشظية في راسي، وابنتي تعرضت لشظية في راسها، لقد كنت دائما أشعر العائلات المتواجدة بالأمان وأقدم لهم ما يطلبون، والآن أصبح هذا المكان شاهد على أبشع مجزرة، وما زال هناك قتلى لم يتم إيجادهم، لقد رأيتهم وهم يطيرون إلى مكان بعيد“.
وتكدست جثامين القتلى أمام مستشفى الشفاء في غزة، وذلك بسبب امتلاء ثلاجات الموتى وعدم وجود أماكن لهذا العدد المتزايد من الجثث، وسط بكاء وحزن أهالي القتلى وأقربائهم، ويواصل أهالي القطاع تشييع جثامين قتلى قصف الاحتلال الإسرائيلي، الذي استهدف مستشفى المعمداني.