الحرية السياسية المفقودة سعودياً.. في نظام حكم غير قابل للإصلاح!!
تحليلات/وكالة الصحافة اليمنية// في العرف السعودي الجديد، وبعد إصلاحات ابن سلمان ولا سيما الاجتماعية منها، بات لا فرق بين ليبرالي أو إخواني أو وهابي أو حتى ناشط حقوقي، فجميعهم بنظر ابن سلمان سواسية، وجميعهم باتوا يُهددون حكمه، فأي ناشطٍ سيكون مصيره السجن إذا أبدى أدنى انتقاد للسلطات الحاكمة في الرياض، وعلى هذا الأساس تحوّلت السعودية […]
تحليلات/وكالة الصحافة اليمنية//
في العرف السعودي الجديد، وبعد إصلاحات ابن سلمان ولا سيما الاجتماعية منها، بات لا فرق بين ليبرالي أو إخواني أو وهابي أو حتى ناشط حقوقي، فجميعهم بنظر ابن سلمان سواسية، وجميعهم باتوا يُهددون حكمه، فأي ناشطٍ سيكون مصيره السجن إذا أبدى أدنى انتقاد للسلطات الحاكمة في الرياض، وعلى هذا الأساس تحوّلت السعودية مع وصول ابن سلمان، إلى سجنٍ كبير تُديره مخابرات ابن سلمان وأجهزته القمعية، فولي العهد نصّب نفسه مصلحاً في مملكة آل سعود من خلال إجراء عدّة تغييرات في بنية المجتمع السعودي، غير أنّ تلك الإصلاحات ترافقت باعتقال أشهر الشخصيات البارزة في المجتمع السعودي كالذين نظموا حملة ضد حظر القيادة لسنوات مثلاً، وقبلها اعتقال العديد من الأصوات المُعارضة لحصار قطر، وغيرهم الكثير من ناشطي حقوق الإنسان.
جريمة مُنظّمة
الجريمة ليست فقط قتل إنسان لآخر، فالقتل عند ابن سلمان يتم بُطرقٍ متعددة، ليس أقلها الاعتقال التعسفي للناشطين، فلم يسلم من إصلاحات ابن سلمان أيٌّ من التيارات السياسية في السعودية، إذ طالت اعتقالاته التعسفية جميع شرائح المجتمع، ابتداءً من الليبراليين وليس انتهاءً بالوهابيين، إذ شملت اعتقالاته أيضاً النساء السعوديات الناشطات في مجال حقوق الإنسان وحقوق المرأة.
القصص الواردة من السعودية تشي بأنّ ابن سلمان لم ولن يسمح بأيِّ صوتٍ معارض لسلطاته المطلقة، ومن أجل ذلك قامت أجهزته الأمنية بالإجهاز على أيِّ صوتٍ معارض له، ومن أجل هذا الغرض لم يترك ولي العهد أي وسيلة لتشويه وإحراق صورة خصومه من الناشطين، حيث وظّف ابن سلمان العديد من الشركات الغربية المتخصصة في العمليات النفسية والمساهمة في تكوين الرأي العام، وبدأت هذه المؤسسات ببثّ سمومها عن طريق وسائل الإعلام التي تدين بالولاء لابن سلمان.
رياضُ حقوق الإنسان
الأمرّ والأدهى مما سبق هو سماح الأمم المتحدة للسعودية بدخول مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في العام 2016 والذي تصل دورته إلى ثلاثة أعوام، أي إنّ السلطات السعودية باقية في مجلس حقوق الإنسان حتى العام المُقبل على الرغم من كل الجرائم التي ترتكبها داخليّاً بحق السعوديين، وخارجيّاً بحق اليمنيين.
وفي هذا السياق تؤكد مصادر من السعودية عدم وجود أي سلطة قضائية مستقلة في البلاد، حيث إنّ السلطة القضائية أصبحت تحت سيطرة ولي العهد السعودي بالكامل، في الوقت الذي يفتقر به هذا القضاء إلى أي مظهر من مظاهر الاستقلالية عن السلطة التنفيذية، الأمر الذي مكّن ابن سلمان من فرض سلطاته على الجميع ضارباً بعرض الحائط أيّ قوانين قد تقف ضد رغباته، وأكثر من ذلك فقد قام ابن سلمان بإعادة تشكيل قوات الأمن من جديد على مستوى القيادات، كما قام بتجنيد ضباط مصريين سابقين لمتابعة المعارضين.
نُسخة إماراتية
اتخذ ابن سلمان لـ “إصلاحاته” من الإمارات نموذجاً له، فأخذ يُقلّد كلّ ما يوجد هناك، فمنذ أيّام التقى ابن سلمان وولي عهد أبو ظبي وقررا الدخول بشراكةٍ استراتيجية لإرساء التكامل بين البلدين في كل المجالات، ومن المعروف أن الأب الروحي لابن سلمان هو محمد بن زايد، إذ يُريد الأخير ليس فقط قيادة الإمارات، بل يطمح إلى قيادة السعودية عن طريق ابن سلمان، ومن هنا يتضح أن المُدبر لجميع تلك “الإصلاحات” البعيدة عن المجتمع السعودي لم يكن ابن سلمان وأفكاره، وإنّما أتت مُقولبةً من الإمارات.
وتؤكد مصادر سعودية أنّ كل الإصلاحات التي أجراها أو ينوي إجراءها ستواجه بحائط الثقافة الشعبية الرافض لها، فمن المعروف أن المجتمع السعودي محافظ بطبيعته، وإن منع قيادة السيارات مثلاً نابعٌ من ثقافة شعبية قبل أن يكون قراراً حكومياً، وعلى هذا الأساس فإنّ استراتيجية ابن سلمان توحي بأنه يعمل على نقل تجربة الإمارات إلى بلاده، لكن السؤال الذي يطرح نفسه وبقوة: “إلى أيّ مدى يمكن أن تُلائم تلك الإصلاحات الجو العام في المملكة، وهل ستبقى النخبة المحافظة في المملكة دون أيِّ حراك؟”، هو سؤال قد يُجيبنا عنه قادم الأيام.
ومن نافل القول التأكيد على أنّ أيّ إصلاحات سياسية أو اجتماعية قام أو سيقوم بها ابن سلمان ستكون بلا جدوى مع هذا الكم الكبير من الانتهاكات التي يشهدها مجال حقوق الإنسان في السعودية، فلا إصلاحات مع قمع الحريات ولا تقدّم مع القمع، والمتابع لسيرة ابن سلمان منذ توليه ولاية العهد يستشف بما لا يدع مجالاً للشك أن نظام الحكم في السعودية غير قابل للإصلاح، وأن ابن سلمان ومع إجراءاته القمعية سيزيد من حدّة الغضب الشعبي في السعودية، فمع أي إصلاحات اجتماعية (حتى لو كانت شكليّة) لا بدّ من الحرية السياسية التي يفتقدها السعوديون بشكلٍ كامل.