بعيداً عن الأضواء وفي الكواليس، تحدث الكثير من المواقف التي تحمل الكثير من الدلالات في سعير عمليات الإبادة الجماعية التي تعرض لها الشعب الفلسطيني، والتي يبدو أنها تتجه لتضع العالم العربي والإسلامي في خضم مواجهة حتمية مع الولايات المتحدة والغرب.
لم يسبق أن تعرض زعماء الدول العربية والإسلامية للإهانة كما حدث في القمة الاستثنائية التي عقدت اليوم في الرياض.
وبعد أن القى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان كلمة افتتاح أعمال القمة غادر قاعة انعقادها دون ابداء الأسباب التي دفعته لمغادرة القاعة، وتكليف وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان بمواصلة إدارة الجلسة.
انسحاب ولي العهد السعودي من قاعة انعقاد القمة العربية الإسلامية في الرياض، أثار الاستهجان والاستغراب بين النخب السياسية. حيث لم يسبق أن غادر زعيم الدولة المستضيفة قمة تجمع نظرائه الزعماء من الدول المشاركة.
رسالة المغادر
يعتقد البعض أن ولي العهد السعودي غادر قاعة انعقاد القمة في الرياض، تجنباً للاستماع لآراء من المتوقع ألا تتوافق مع موقف السعودية من المجازر الصهيونية الجارية بحق الشعب الفلسطيني، خصوصاً أن المتحدثين والإعلاميين ورجال الدين السعوديين سبق أن أوضحوا مواقف الرياض من ما يحدث في #غزة بتحميل المقاومة الفلسطينية مسؤولية ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من جرائم إبادة جماعية، والادعاء بأن عملية طوفان الأقصى تسببت بتقويض توجهات المملكة بتحويل الشرق الأوسط إلى أوروبا أخرى، وكأن التطبيع مع الكيان الصهيوني هو مربط الفرس؛ من أجل تقدم ورخاء دول الشرق الأوسط من وجهة نظر سعودية.
في حين أعتبر عددًا من المراقبين أن مغادرة ولي العهد السعودي من إدارة القمة العربية الإسلامية يعد بمثابة رسالة إلى الكيان الإسرائيلي والولايات المتحدة، بأن النظام السعودي لا يتحمل مسؤولية آراء من يعتبرون من وجهة نظر الرياض وأبوظبي “مجرد مزايدين” في المواقف تجاه مجازر الإبادة الصهيونية للشعب الفلسطيني.
مهمة احتواء
بينما يعتقد البعض أن الرياض عملت على دمج قمتين، كان من المفترض أن تقام كلا منهما على حدة وفي موعدين مختلفين وضم القمتين في مؤتمر واحد، يأتي بهدف مساعدة وجهة النظر الأمريكية على امتصاص حالة الانتقادات الحادة التي تعتري حكومات العالمين العربي والإسلامي، حتى وإن لم ترتق إلى مستوى الفعل ضد جرائم الإسرائيليين المدعومين من الولايات المتحدة وحكومات الغرب. إلا أنه كان على الرياض أن تحمل على عاتقها مهمة الحد من ثورة الاحتجاج العارمة والتي بدأت تؤثر على مواقف الحكومات الغربية الداعمة للاحتلال الإسرائيلي، مما يستدعي تدخل مهم من قبل الدول الحليفة للولايات المتحدة في العالم العربي والإسلامي، وعدم السماح للمواقف المؤيدة للشعب الفلسطيني بأن تتجاوز الخطوط الأمريكية الحمراء، والتي تعتبر مسألة قطع العلاقات مع الكيان الصهيوني والضغط بالتلويح باتخاذ مواقف جادة تجاه الولايات المتحدة والحكومات الغربية الداعمة للكيان الصهيوني. واجهاض مثل تلك القرارات من قبل الدول العربية والإسلامية، سيخدم التوجهات الأمريكية الغربية الداعمة لمجازر الإبادة الجماعية المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني. حيث سيكون من الصعب على الدول العربية والإسلامية أن تطالب الغرب بالتوقف عن مساندة الإسرائيليين، بينما لم تقم الحكومات العربية والإسلامية بمسؤولياتها المباشرة تجاه فلسطين العربية المسلمة.