تحليل / وكالة الصحافة اليمنية //
وفي واقعة لافتة كشفت وكالة الأنباء الروسية ” سبوتنيك” اليوم عن مصدر قبلي جنوب المملكة السعودية ، أن الرياض بدأت في تشكيل الوية عسكرية من أبناء مناطق جيزان ونجران وعسير للدفاع عن الحدود في وجه هجمات القوات اليمنية .
ونقلت الوكالة عن المصدر قوله ” أن ما دفع الرياض لتكوين تلك الألوية ، هو تكرار عمليات توغل (الحوثيين) في بعض المناطق لمسافات تصل لـ 259 كم”.
واضاف المصدر أن السلطات السعودية تقوم بتسجيل أبناء تلك المناطق في الأفواج ويتم منحهم مزايا ومكافآت كبيرة.
عدد من المراقبين قالوا لوكالة الصحافة اليمنية أن هذا الاجراء يبدو غريباً من قبل سلطات الرياض نظراً لانعدام الثقة القائمة بين الرياض وسكان المناطق الواقعة على الحدود الجنوبية ذوي الأغلبية الاسماعيلية ، بدليل تأخر مثل هذا الإجراء الذي كان يفترض أن تقوم به السلطات السعودية منذ بداية عمليات الجيش اليمني داخل الاراضي السعودية في ابريل (2015)
ضغوط توغل القوات اليمنية في عمق المملكة يجبر النظام السعودي على مرتكزاته السياسية
ويرى عدد من المحللين السياسيين أن سلطات الرياض اضطرت لهذا الإجراء بسبب الضغوط الاجتماعية والسياسية، الناجمة عن المشاكل التي تسبب بها تواجد المسلحين المأجورين الذين استقدمتهم المملكة للدفاع عن حدودها الجنوبية ، والتي تظهر بين الفينة والأخرى على شكل احتكاكات بين المسلحين الذين يعمدون إلى رفع شعارات طائفية مستفزة لأبناء المنطقة ، وقد وصلت تلك الاحتكاكات إلى حد نشوب معارك قوية مع المسلحين، يضطر الجيش السعودي على اثرها إلى التدخل ، بعد أن تعجز الشرطة السعودية في السيطرة على الموقف، والتي كان ابرزها المعارك التي دارت مع المسلحين بمدينة نجران في مايو العام الماضي.
هكذا انقلب السحر على الساحر
ويعتقد مراقبين أن التعبئة العقائدية العدائية التي تم تغذية المسلحين المأجورين بها ، انعكست في مواضع اخرى لم تكن في حسبان النظام السعودي ، وأن محاولة الترقيع التي قامت بها الرياض في حدودها الجنوبية تمثل الغام موقوته لحرب طائفية قد تنفجر في أي لحظة، مما اجبر النظام السعودي على اجراء هذا التغير المهم في سياساته – تحت تأثير العمليات العسكرية المتنامية للقوات اليمنية – والتعامل مع ابناء المناطق الحدودية بعد قرابة تسعة عقود من الاقصاء والتهميش السعودي المتعمد لأبناء المناطق الحدودية.
اجراءات الترقيع تجلب المزيد من المشاكل
لكن مشاكل المسلحين المأجورين على النظام السعودي لم تقتصر على الجانب الاجتماعي رغم كل ما لذلك الجانب من اثار خطيرة ، بل أن المسلحين المأجورين بدأوا في إملاء شروطهم على السلطات السعودية، من حيث المطالبة بزيادة الأجور التي يتقاضوها نضير الخدمات التي يقدمونها للملكة ، إضافة إلى المطالبة بحق القيادة الكامل سواء على المسلحين أو على الجيش السعودي بحجة أن المسلحين المأجورين القادمين من بعض مناطق اليمن، هم من يخوضون غمار المعركة عملياً على ارض الواقع، بينما يختبئ عساكر الجيش السعودي في متارس بعيدة عن أرض المعركة ، ويكتفون بقصف المدفعية وإدارة المعركة عبر اجهزة اللاسلكي ، الأمر الذي اعتبرته السلطات السعودية بمثابة تمرد من المسلحين المأجورين ، وقد بدأت السلطات السعودية منذ يوليو العام الماضي باتخاذ إجراءات تتسم بالوحشية وعدم التسامح حيال المسلحين المأجورين عبر قصف جموع المسلحين في حال انكسارهم امام الجيش اليمني في المواجهات داخل الاراضي السعودية.
وقد وصل الأمر إلى حد قيام ضابط سعودي بقتل ثلاثة من المسلحين في اكتوبر العام الماضي عندما رفضوا الخضوع لأوامره بالانتقال من موقع إلى موقع اخر في نجران.
بينما تم طرد قيادات ومجاميع من المسلحين المأجورين من قبل السعودية مرات متعددة العام الماضي ، ويعد طرد قائد محور البقع ” عبيد الأثلة” مع اتباعه في فبراير العام الماضي ابرز ملامح الخلافات بين المسلحين المأجورين والنظام السعودي.
بوادر تفكك المملكة بدأت في الظهور
ويعتقد مراقبين عسكريين أن تجنيد ابناء المناطق الحدودية مع اليمن لن يساعد السعودية في مواجهة محنتها مع الجيش اليمني داخل الأراضي السعودية، بل من المتوقع أن تزيد من حجم التعقيدات التي يعاني منها النظام السعودي على اراضيه الجنوبية ، حيث من المتوقع أن يقوم المجندين الجدد من ابناء المناطق الحدودية الجنوبية بممارسة انواع اضافية من الضغوط على النظام السعودي، خصوصاً أن هناك إرث من القمع وانعدام الإنسانية ، انتهجها النظام السعودي في تعامله مع ابناء المناطق الحدودية مع اليمن .
ويرى محللين سياسيين أن الأوضاع التي يعاني منها النظام السعودي جنوب المملكة، أجبرت النظام السعودي التخلي عن الكثير من المحاذير التي كان يبديها تجاه ابناء الحدود الجنوبية ، ولا يستبعد أن تفضي احداث الحرب الدائرة حالياً إلى انقسام الأجزاء التي تم احتلالها من اليمن في العام 1934م ، والتي بدأت ملامحها تظهر من خلال تشكيل الوية عسكرية من ابناء تلك المناطق .
لماذا تجبر الرياض على تقديم التنازلات رغم وجود قوات النخبة الأمريكية !
الاعلان عن تشكيل ألوية من ابناء المناطق السعودية الحدودية الذين محل استبعاد واقصاء من قبل نظام الحكم السعودي لايكشف فقط عن مدى الأزمة التي تعاني منها المملكة ، فهو إلى جانب ذلك يمثل صفعة لواشنطن التي اعلنت نهاية ابريل الماضي عن تواجد قوات من النخبة الأمريكية على الحدود الجنوبية للمملكة لمساعدة الجيش السعودي في التصدي للهجمات اليمنية داخل الأراضي السعودية .