المصدر الأول لاخبار اليمن

فلسطين في زمن التحرير.. هل يلتقط محور المقاومة الفرصة؟

.
تحليل/ ميخائيل عوض/ وكالة الصحافة اليمنية//

 

 

الفرص التاريخية والنوعية نادرة وسريعة الانصراف. وكثيرا ما حصلت دون انذار او ارهاصات. وغالبا تفوت من ينتظرها لشدة تعوده على الانتظارية فتتحكم به قوة العادة والثقة الزائدة في النفس فتذهب الفرصة ويذهب معها.

وكثيرا ما يخطئ من وفر الشروط الموضوعية لتحقيق الفرصة فيتخلف عن التقاطها لسبب عنده او لمصالح نشأت او لقناعات وقواعد تفكير تقادمت واعجزته.
فلسطين في زمن التحرير من البحر الى النهر، كان عنوان موضوعات وتقديرات موقف ودراسات اعددناها ونشرناها خلال الاشهر المنصرمة وتوقعنا انها ستنفجر ورشحنا غزة والصراع العربي الصهيوني.
واكدنا وكررنا التذكير بدروس التاريخ وحقائقه التي تجزم ان الحاجات والظروف عندما تنضج لفعل سيقع ولو تخلف البشر عن فهم مقدماته ورصدها بدقة. ولان التاريخ يجري على هواه هو  هكذا وبدون استئذان البشر، ويأخذ من لم يعيه في طريقه، كانت مقولات؛ رب ضارة نافعة، والقشة التي تقصم ظهر البعير، ورب رميه من غير رام. وجاءت الآيات الكريمة، واوضحها؛ “وما رميت اذ رميت ولكن الله رمى”.

كل المقدمات والشروط والظروف كانت موفورة قبل عملية طوفان الاقصى، والموازين فاضت اختلالا واسرائيل انفجرت على ازماتها وامريكا والغرب غارق حتى الاذنين

كل المقدمات والشروط والظروف كانت موفورة قبل عملية طوفان الاقصى، والموازين فاضت اختلالا واسرائيل انفجرت على ازماتها وامريكا والغرب غارق حتى الاذنين في طوفان ووحول اوكرانيا وحربها الشاملة وفي الحرب العالمية الاقتصادية والنقدية مع الصين.
ومن الدروس التاريخية المستقاة صاغها الثعلب والداهية هنري كيسنجر بقوله؛ الفاعل والقائد هو من يعرف الجاري وما سيكون غدا ويتدخل ليصير في صالحه، وهي مقولة تختصر العلاقة بين الجبرية والحرية. وذلك يصادق على قول لينين: على قوة التغير الثورية ان تفهم الواقع وتدرسه دراسة ملموسة وان تضع البرامج الملموسة للتغير. وعندما حان موعد الثورة البلشفية قالها بحزم: الثورة غدا او ابدا….
فرصة تحرير فلسطين  وانهاء قرن من الحروب والاضطرابات وتأكل العرب والمسلمين قد فرضت نفسها ولم تنتظر المتأخرين عن استغلالها، لغايات عندهم، ولافتراضهم انهم قابضون على الجبرية ويتحكمون بها، ففرضت الحاجات والضرورات نفسها عنوة، وكما كانت عملية اسر جندبين إسرائيليين شرارة حرب تموز ٢٠٠٦وقالها السيد نصرالله؛ لو كنا نعرف انها ستؤدي لحرب لما فعلناها، والحرب بالمناسبة في نتائجها كشفت عن حجم التحولات وادت الى تغير قواعد توازن الصراع العربي الصهيوني، واطلقت مفاعيل زمن محور المقاومة ومكانته، وتكررت الانتصارات في حروب غزة وسورية والعراق واليمن وزادت في الاختلالات توازن القوى.
ربما لو تسنى للسنوار مقابلة الان قد يقول؛ لو كنا نعرف انها ستؤدي الى حرب غزة لما فعلناها.
الا ان قوله المفترض كقول السيد حسن نصرالله لن يغير في الاحوال ولا في الاحداث وتطوراتها فعندما تقع الفأس في الرأس لا يعود ينفع الندم.

في قوانين التاريخ ان الحدث عندما يقع يطلق نتائج ومفاعيل ويجب التعامل معها وليس مع الاهداف والاسباب التي ادت لوقوعه. فنتائجه هي التي تصيغ مستقبل التطورات

وفي قوانين التاريخ ان الحدث عندما يقع يطلق نتائج ومفاعيل ويجب التعامل معها وليس مع الاهداف والاسباب التي ادت لوقوعه. فنتائجه هي التي تصيغ مستقبل التطورات اما الاهداف والاسباب التي فرضته تذهب الى زاوية النسيان.
لكل الاسباب وبناتج رصد التطورات والمتغيرات ونتائج الحروب والجولات في الصراع العربي الصهيوني، تفيدنا؛  فمنذ معركة الكرامة في الاردن ١٩٦٨ الى حرب تشرين ١٩٧٣ ولتاريخه لم تنتصر اسرائيل بأي حرب او جولة، ولان امريكا والاطلسي جربوا كل التحالفات والحروب والاحتلالات واشتبكوا مع محور المقاومة وخسروا الحروب، وتنحسر امريكا وتفقد نفوذها وقيادتها للعالم، وتستنزف في ازماتها وحربها الاقتصادية وحربها الشاملة مع روسية، فتعجز عن انقاذ اسرائيل بقيادتها وبقيادة حربها. واسرائيل نفسها فقدت مبررات وجودها ووظيفة كيانها، وعجزت عن تجديد مشروعها ومن انتاج قيادة عاقلة.
ولان حربها على غزة كشفتها وكشفت قيم وثقافة وقوانين وطبيعة العالم الانجلو ساكسوني الشائخ والمأزوم الذي زرعها في المنطقة عنوة وظلما. ولان البشرية وتطور الحياة ومنتجات العصر والتقانة باتت كلها تفترض وتستوجب احداث تعصف لتستعجل رحيل العالم القديم تبدو كل الظروف والمعطيات انها تعمل لصالح غزة وفلسطين وتؤكد وجوب تحريرها وهذا ما هو جار وما سيكون.
اذا تخلف محور المقاومة او بعضه، لحسابات خاطئة او لرهاب من الحرب، او بسبب الانتظارية واو لافتراض ان مفاتيح التحرير بيده وحده وقادر على حجز الطوفان…
فالتحرير سيكون والمحور او بعضه سيرحل  وقد سبق ان رحلت قوى ودول ومنظمات توفرت لها الامكانات والشروط والظروف لتكون القائد وتخلفت ولم تفعل.
الزمن مطحنة لا ترحم، ولغزة رب يحميها وينصرها، وعمليتها طوفان الاقصى عجائبية واعجازية ومؤشر لنضج شروط التحرير.
وبحربها الجارية غيرت وظهرت المتغيرات والتطورات النوعية والاختلالات بموازين القوى واستدرجت اخر الحروب التي ستولد تحولات في العرب والمسلمين والعالم بدأت معالمها واثارها تفصح عن نفسها ومقدماتها تظهر للعيان. وبكل حال في فلسطين نفسها وانتظام شعبها في كل الساحات في مقاومتها وحربها وقد تركت زلزالا لا يمكن ضبط وحجز تفاعلاته في اسرائيل نفسها وفي بنيتها وانتظام نظامها وليس ما يمنع ان يكون المدد بانفجار الازمة في اسرائيل واو حدث او احداث ستضرب في مصر او الاردن وتغير في الاحوال والمسارات. فعندما تفرض الجبرية نفسها تتحكم ايضا في شروط الحرية فتولد من يمارسها.
الحياة لا تحب الفراغ، وعجز او تخلف او تردد او تلبك محور المقاومة او بعضه عن ركوب قطار التحرير- الحرب الجارية سيفوته القطار ومن يحاول اعاقته يدهسه. هذه هي خلاصة تجارب الحياة والثورات والمقاومات.
فزمن التحرير ازف وسينجز، وطوفان الاقصى وحرب غزة قد تكون اخر الجولات واثمنها وقد لا يكون بعدها جولات ولا حاجة للصواريخ الدقيقة والمسيرات ومئات الاف المجاهدين المدربين والمسلحين.
قالت العرب؛ الزمن كالسيف ان لم تقطعه قطعك.
وقال الاقتصاديون؛ الزمن هو الاستثمار الوحيد الذي ينضب.

 

كاتب ومحلل سياسي لبناني

قد يعجبك ايضا