المصدر الأول لاخبار اليمن

من غزة إلى صنعاء ومن بغداد إلى بيروت العربية تستعيد وظيفتها بصناعة مستقبل البشرية

تحليل/ميخائيل عوض/وكالة الصحافة اليمنية//

 

 

 

العربية، بحسب الكتب القديمة والرحالة والجغرافيين هي الجغرافية الممتدة من ساحل غزة الى البحر العربي والهضبة الايرانية فزغاروس وطورس والبحر المتوسط، يقسمها خط وهمي في الحجاز الى شمالي وجنوبية. فأخذت الشام اسمها من العربية الشمالية واليمن من الجنوبية.
اربعة بحار تشاطئها وجغرافية وثروات حاكمة جعلت منها منشأة الحضارات وارض الرسالة والقلب المقرر في حياة البشرية وصانعة محاورها وقواها وتطوراتها.
في المتوسط كانت امبراطورية قرطاج التي لم تجاريها امبراطورية في سعتها حتى يومنا، ومنه تعلم البشر الحرف والحرفة واللون والتجارة وصناعة السفن والنوته الموسيقية وقوانين حامو رابي.
وفي الاحمر والعربي والهندي والخليج تعززت مكانة وهيمنة اقتصاديات الامبراطوريات او تأزمت فهزمت واندثرت وفي الزوايا الذهبية لمثلث صناعة مستقبل البشرية؛ بيروت بغداد القدس بيسان تقرر عبر الأزمنة من يكون ويهيمن ومن يسقط ويندثر. فليس من امبراطورية صعدت الا اذا انتصرت في واحدة وكل امبراطورية هزمت في واحدة غابت شمسها وتراجعت وبعضها تشظى. واقرب الشواهد حال بريطانيا بعد هزيمة حرب السويس ١٩٥٦ وانهيار الاتحاد السوفيتي بعد هزيمته في بيروت وبغداد وامريكا وهي صفوة العالم الانكلو ساكسوني ومهيمنة عالميا تخسر الحروب في الزوايا الثلاث.
ان تنخرط اليمن في حرب الدفاع وحماية غزة، ليس بأمر مستهجن ويشكل تحولا فرط استراتيجي في توازنات القوة الاقليمية والعالمية  فحرب غزة هي ذاتها اخر جولات الحروب مع اسرائيل واخر معارك العصر الذي دشن في ١٠٥٠ ميلادية بالصراع بين الغرب والشرق، ومنذ بداية القرن المنصرم التهبت الحروب بين الغرب والشرق وتمحورت حول فلسطين وفي بر وساحل الشام وفي العربية شمالا وجنوبا تجري اليوم الحرب وقد اطلقتها شرارة طوفان الاقصى لتصير حرب اقليمية وواسعة وكبرى تجري في كل جغرافية العربية وبحورها ومع بشرها وناسها.
حرب غزة محكومة بانتصار فلسطيني يشق طريق تحرير القدس وفلسطين من البحر الى النهر، ودفن قيم وثقافة وقوانين ومنظمات العالم الانكلو ساكسوني في بحر غزة، وحرب البحار الاربعة تدفن العالم الانكلو ساكسوني وتنتزع انيابه ومخالبة وعناصر قوته الحاكمة  فمنذ ان هيمنت بريطانيا كدولة بحرية على البحار والمضائق والممرات اصبحت لا تغيب عنها الشمس وعندما سلمت الراية والبحار لأمريكا هيمنت وتربعت على عرش العالم متعجرفة وليبرالية وتوحشت. فكان للله في خلقه شؤون واستدعتها العربية للمنازلة وقاتلتها بمقاومة مستدامة لخمسة عقود متصلة وتفردت في مقارعتها فاستنزفتها وازمتها وهزمتها ووفرت بيئات وشروط ومنصات نهوض روسيا وعودتها قوة عالمية حاكمة كما وفرت للصين تمردها وتطورها الاقتصادي المتسارع وامنت لها فرص التحول الى قوة عالمية هجومية وان تطلق وتغادر الدفاعية والكمون.
هكذا ترتسم ملامح العالم الجديد الجارية ولادته من الخاصرة الغزاوية بعد ان لم تنجح العملية القيصرية من الخاصرة الاوكرانية وكان الخالق والحياة والطبيعة ابت ان تكون الولادة الا في بر وسواحل العربية لتعطيها البشرية شهادة انها اتقنت وظيفتها وعادت بيئة توليد الجديد وصناعة مستقبل البشرية.
حرب غزة ستكون اخر الجولات والحروب العربية الانكلو ساكسونية وفيها تجري عملية وتتأسس مسارات تحرير فلسطين من البحر الى النهر وفي جغرافيا وبحار العربية يدفن العالم الانكلو ساكسوني.

*كاتب ومحلل سياسي لبناني

قد يعجبك ايضا