متابعات خاصة/ وكالة الصحافة اليمنية
كشفت تقارير الأمم المتحدة المتعلّقة بالفقر وحقوق الإنسان أن أمريكا تعدّ واحدة من الدول التي يعاني الكثير من شعبها من الفقر المدقع، بالإضافة إلى التمييز الطبقي الفاحش الآخذ بالازدياد مع مرور الوقت.
وعلى الرغم من ادّعاءات المسؤولين الأمريكيين بأن بلادهم مزدهرة اقتصادياً واجتماعياً، إلّا أن الحقائق والتقارير الصادرة عن الهيئات الدولية كشفت بوضوح زيف هذه الادعاءات.
وتؤكّد الوقائع أن نسبة كبيرة من الأمريكيين يعانون من الفقر والجوع وعدم توفّر السكن اللائق، بالإضافة إلى أعداد كبيرة ممن يفترشون الأرض لعدم توفّر المأوى أو بحثاً عن لقمة طعام يسدّ بها جوعه.
فقد أكد مقرر الأمم المتحدة بشأن حقوق الإنسان “فيليب ألستون” في تقرير له ارتفاع مستويات الفقر بأمريكا في ظل إدارة الرئيس “دونالد ترامب”.
وأشار المسؤول الأممي إلى أن الفقر في أمريكا واسع النطاق ويستفحل في ظل الإدارة الحالية التي يبدو أن هدفها إلغاء شبكة الأمان التي تحمي ملايين الفقراء فيما تكافئ الأغنياء.
وطالب “ألستون” السلطات الأمريكية بتوفير حماية اجتماعية قوية ومعالجة المشكلات الكامنة وراء ذلك بدلاً من معاقبة ومحاصرة الفقراء.
وأضاف: “على الرغم من تقليص الرعاية الاجتماعية وتراجع إمكانية الحصول على تأمين صحّي فقد منح الإصلاح الضريبي الذي قام به ترامب كبار الأغنياء والشركات الكبرى مكافآت مالية غير متوقعة ما زاد في التفاوت”.
وتابع مقرر الأمم المتحدة مؤكداً أن السياسات التي تم انتهاجها ترامب في أمريكا العام المنصرم استهدفت عمداً إلغاء وسائل الحماية الأساسية للأكثر فقراً ومعاقبة العاطلين وجعل حتى الرعاية الصحية الأساسية امتيازاً يتم اكتسابه بدلاً من أن تكون أحد حقوق المواطنة.
وأشار ألستون وهو خبير مخضرم في شؤون حقوق الإنسان بالأمم المتحدة وأستاذ قانون في جامعة نيويورك إلى أن ما يصل إلى 40 مليون أمريكي أو نحو 12 بالمئة من السكان يعيشون في فقر، فيما يعيش 18.5 مليون في فقر مدقع ويشكّل الأطفال واحداً من كل ثلاثة فقراء، مضيفاً إن أمريكا لديها أعلى معدّل لفقر الشباب بين الدول الصناعية.
واستند ألستون في إعداد تقريره إلى مهمة قام خلالها بزيارة عدد من الولايات الأمريكية شملت “ألاباما” و”لوس أنجلوس” و”كاليفورنيا” و”بويرتوريكو”.
والفقر المدقع في أمريكا ليس جديداً، فالسياسات المتبعة منذ الحرب التي أعلنها الرئيس الأسبق “ليندون جونسون” على الفقر في ستينيات القرن الماضي كانت تتسم بالتقصير بكل الأحوال، والسياسات التي تم انتهاجها العام المنصرم لم تكن أفضل من سابقاتها بحسب تقرير الأمم المتحدة.
وذكر التقرير إنّ الإصلاح الضريبي الذي أقره الكونغرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون “حزب ترامب” في ديسمبر/كانون الأول الماضي سيضمن أن تبقى أمريكا أكثر المجتمعات غير المتكافئة في العالم المتقدم.
في هذا السياق ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية على لسان الكاتب “أنغوس دياتونجان”: قد يعتقد البعض أن الفقر المدقع – الذي من المفترض أن تهتم به منظمة عالمية مثل الأمم المتحدة – تلاشى منذ فترة طويلة في أمريكا غير أن التحقيق الذي أعدّه المقرر الخاص “فيليب ألستون” قد أثبت العكس.
وقالت الصحيفة: “أجرى البنك الدولي في تشرين الأول/أكتوبر الماضي مقارنات شملت البلدان المرتفعة الدخل في تقديراته العالمية للأشخاص الذين يعيشون في فقر، وأظهرت الأرقام أن أمريكا تواجه اليوم مشكلة حادّة تستدعي إعادة التفكير في طريقة معالجة هذه الأزمة”.
وأشارت الصحيفة كذلك إلى أن الفقراء في أمريكا يحصلون على القليل من الملابس، وليس من قبيل الصدفة أن ترى المزيد من المشردين الذين ينامون في الشوارع في “لوس انجلس” أو “نيويورك” وغيرها من المدن الكبيرة.
واستطردت الصحيفة بالقول: “هناك 5.3 ملايين أمريكي يعانون من الفقر المدقع طبقاً للمعايير العالمية، وهذا العدد ليس بقليل مقارنة مع الهند، وهو أكثر مما هو عليه في سيراليون (3.2 ملايين) أو نيبال (2.5 مليون)، وهو تقريباً نفس المعدل في السنغال (5.3 ملايين)، وإثيوبيا حوالي أربعة أضعاف”.
بدوره قال “روبرت ألي” خبير الاقتصاد في أكسفورد: “عندما نقارن الفقر المدقع في أمريكا مع الفقر المدقع في الهند، أو غيرها من البلدان الفقيرة، يجب أن نأخذ بعين الاعتبار فرق الاحتياجات بـ 4 دولارات في أمريكا و 1.90 دولار في الهند”.
من جانبها وثّقت الاقتصادية الشهيرة “كاثرين إيدن” فظائع الحياة اليومية لعدّة ملايين من الناس الذين يعيشون فعلاً على 2 دولار في اليوم في كل من المناطق الحضرية والريفية في أمريكا، كاشفةً عمّا بات يعرف بكابوس العثور على مأوى بين الفقراء الأمريكيين، والواقع أن تكلفة وصعوبة السكن هي التي تسبب الكثير من البؤس والإحباط للكثير من الأمريكيين.
وأضافت الصحيفة الأمريكية: “كل الضروريات الصحية غير متاحة للأمريكيين الفقراء، كما أن هناك الكثير من الأمريكيين لا يتمكنون من الوصول إلى التعليم الثانوي”، فيما أظهرت أبحاث الاقتصادي “برينستون آن” أن معدلات الوفيات نتيجة الانتحار آخذة بالارتفاع بشكل مخيف نتيجة الوضع المعيشي المتدهور في أمريكا.