تحليل/عبدالكريم مطهر مفضل/وكالة الصحافة اليمنية//
100 يوم من عدوان وصفه المراقبون بالنازي والبربري والغاشم.. وغزة الصغيرة والمحاصرة داخل منطقة جغرافية لا تذكر في خرائط الجغرافيا، تكبر كل يوم في عيون العالم من حيث العنفوان والعزة والكرامة والصمود، لتكون عصية على الانكسار بعد أن قذفت من قواميس نضالها مفاهيم الذل والخنوع في عرض بحرها اللهيقم.
السابع من أكتوبر المجيد حمل منعطف بطولي حقيقي في تاريخ النضال والتحرر والكفاح المسلح، تعرض فيه جيش كيان الاحتلال واستخباراته “الموساد والشاباك” لنكسة وضربة تاريخية في 6 ساعات عجاف، جاءت على يد مقاومة محاصرة داخل قطاع وصف بـ”السجن الكبير”، من خلال تنفيذ هجوم على مغتصبات ومستعمرات ومعسكرات جيش زعم أنه لا يقهر، وأسر في ذلك الهجوم الأسطوري أزيد من 240 صهيونياً في مساحة تفوق مساحة غزة ثلاثة أضعاف.
ولعل عنفوان غزة وبسالة المقاومة فيها وفشل جيش الكيان في تحقيق أي إنجاز يذكر باستثناء ارتكابه مئات من المجازر البشعة راح ضحيتها أكثر من 100 ألف مدني ما بين شهيد وجريح ومفقود، بحسب تقارير الأورومتوسطي، كان بمثابة الكبريت الذي فجر ديناميت الخلافات بين أمريكا وكيان الاحتلال للمرة الأولى في تاريخ تحالف الشر بينهما.
غرور ما بعده حدود
ورأي خبراء عسكريين، أن أحد أبرز أسباب هزيمة جيش الاحتلال في معارك غزة وفشله في تحقيق أهدافه طوال 100 يتمثل في أن قواته دخلت الحرب بمنطق الجيش الذي لا يُقهر وبأن النصر بات مضمون في الجيب، حيث حشد جيش الاحتلال قدرات عسكرية هائلة مكونة من 5 فرق مقاتلة، فرقتان مدرعتان، وفرقة مظليين، وفرقة مشاة، وفرقة احتياط معززة بإسنادها القياسي، معتقدا بذلك أن اجتياح غزة مجرد نزهة واستجمام ستستغرق أياماً معدودات، وهو ما برز من خلال تصريحات رئيس كيان الاحتلال “بنيامين نتنياهو” ووزير دفاعه “يوآف غالانت” حين صرحا بداية العملية العسكرية: “بأن المعركة ستأخذ اسابيع لكن علينا تحمل الكلفة”.
غرور القوة والنصر دفع حكومة “نتنياهو” إلى التمادي في وضع أهداف خيالية ومستحيلة والمتمثلة في القضاء على كافة قيادات المقاومة الفلسطينية بل وذهب بهم الغرور إلى وضع خطط لمستقبل غزة ما بعد حماس.
المثير للضحك أن “نتنياهو” صرح أكثر من مرة بأنه لن يسلم غزة حتى للسلطة الفلسطينية وبأن حكومته ستعيد احتلال القطاع وستعمل على تهجير سكانه مقابل بناء مستوطنات جديدة فيه الأمر الذي أحدث زوبعة من الخلافات مع الدول المطبعة معه كمصر والأردن اللتان رفضتا استقبال الملايين من الغزاويين في أراضيها كوطن بديل.
لكن مع مرور اقتراب المعارك من شهرها الرابع بدأت تصريحات قادة العدو في التراجع في إشارة للفشل والهزيمة المذلة لجيشهم في القطاع المقاوم حيث صرح “نتنياهو” أن حكومته لا تنوي تهجير سكان غزة فيما صرح وزير حرب الكيان “يوآف غالانت ” أمس الأحد، أن “وجود سلطة فلسطينية قوية سيكون في مصلحة أمنية لإسرائيل”.
تصريحات “غالانت” فسرها الخبراء أن كيان الاحتلال بدأ في التفكير في دعم السلطة التنفيذية وتقويتها لاستخدامها في معارك داخلية وصراع (فلسطيني – فلسطيني) في القطاع بديلاً عن الجيش الذي لم يعد يقهر إلا نفسه وذلك على غرار ما فعلته دول التحالف على اليمن من خلال إنشاء ألوية ووحدات عسكرية من المرتزقة المحليين لقتال القوات المسلحة اليمنية.
وأكد الخبراء العسكريين أن المقاومة الفلسطينية نجحت إلى حد كبير في جر جيش الاحتلال إلى معركة طويلة تجاوزت 3 شهور ونصف لتكون الحرب الأطول والأكثر كلفة وخسائر بشرية في تاريخ الكيان الصهيوني.
هزيمة بطعم العلقم
بعد مرور الأيام بدأ العدو يدرك صعوبة المهمة وذلك تحت ضربات المقاومة وتكبد قواته خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، وعليه كشفت وسائل إعلام العدو وقادة أمنيون وعسكريون صهاينة عن فشل قواتهم في تحقيق أي إنجاز.
ولعل أبرز تلك التصريحات دعوة عضو مجلس حرب جيش الاحتلال الإسرائيلي “غادي إيزنكوت” التوقف عن الكذب وإظهار الشجاعة بالتوجه إلى صفقة كبيرة تعيد الأسرى الصهاينة في قطاع غزة إلى دارهم سالمين.
وأضاف “إيزنكوت” إنه “لا يوجد مبرر للاستمرار في الحرب بنفس الطريقة كالعميان ونحن في وقت حرج”، وفق تعبيره.
ولعل أكبر فشل تكبده جيش الاحتلال تمثل في فشله في إعادة الأسرى الصهاينة إلى ديارهم سالمين كما تعهد به “نتنياهو” ووزراء حكومته مُنذ بداية العدوان على غزة.
صحيفة “هآرتس” العبرية نشرت اليوم الإثنين، أن ثمن عودة الأسرى في غزة لن يتحقق إلا باعتراف جيش الاحتلال وحكومته بالفشل.
وأكدت الصحيفة العبرية أن الحرب على غزة ستنتهي دون تحقيق “تل أبيب” أهدافها المعلنة، والمتمثلة في تفكيك الحركة وإضعاف قدراتها العسكرية، بحسب تعبيرها.
وأضافت أن “بنيامين نتنياهو” يحاول كسب الوقت، ولكن ليس من المؤكد أن شركائه من المعسكر الوطني سيسمحون لأنفسهم بذلك.
وبدورها نقلت القناة ١٢ العبرية عن قادة عسكريين أن كيان الاحتلال تلقى 11 ألف صاروخ أطلقت على “إسرائيل” منذ 7 أكتوبر بينها 9000 من غزة و2000 من لبنان، دون الإشارة للصواريخ التي تلقاها الكيان من اليمن والعراق وسوريا.
جيش الاحتلال الإسرائيلي بدوره نشر إحصائية لعمليته العسكرية طوال 100 يوم أكد فيها اعتقال 2300 فلسطينيا من غزة.
ولفت إلى أنه قصف 30 ألف هدف في قطاع غزة و3400 في لبنان.
وكشف عن تجنيد 295 ألف جندي وضابط من صفوف الاحتياط منذ بداية العدوان.
وأقر بمقتل 522 جنديا وضابطا في صفوف جيشه بينهم 188 منذ بدء العملية البرية في غزة في 27 أكتوبر الماضي، وإجلاء 970 عسكريا جريحا بواسطة المروحيات ونحو 1700 بواسطة سيارات الإسعاف منذ 7 أكتوبر
اليوم الإثنين، سحب جيش العدو الفرقة 36 من قطاع غزة، التي تضم ألوية غولاني والسادس والسابع، وفق مانشرته وسائل الإعلام العبرية.
وبدورها أوضحت صحيفة “إسرائيل هيوم” أنه بقي في القطاع 3 فرق من الجيش وهي 99 و162 و98.
كما ذكرت وسائل الإعلام العبرية، أن الفرقة 36 تشمل عدة الوية، منها لواء غولاني وثلاث ألوية مدرعات، ولواء مشاة آخر ولواء مظليين ولواء مدفعية وألوية احتياط.
عمليات المقاومة وإسناد محور المقاومة
في مقابل المشهد المؤلم الذي خلفه العدو الصهيوني في قطاع غزة تمكنت المقاومة من إلحاق الضرر كثيراً بقوات الكيان من خلال القصف الصاروخي والعمليات العسكرية التي استهدفت القوات المتوغلة العديد منها من نقطة الصفر كما دفعت تلك الجرائم دول محور المقاومة الى التدخل المباشر لمساندة مظلومية الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
فكان لبنان أول المساندين حيث باشرت المقاومة الاسلامية بضرب كافة مواقع العدو على طول الحدود مع فلسطين المحتلة، منذ اليوم التالي من “طوفان الأقصى” ولحقها اليمن والعراق في عمليات على الكيان الصهيوني والقواعد الاميركية في العراق وسوريا، وصولا الى حصار الكيان في البحر الاحمر، وتحملت الجبهات المساندة تبعات كبيرة وكل ذلك لأجل فلسطين
قناة المنار استكملت تقريرها بنشر إحصائية من خلال صور “إنفوغرافيك” لكافة عمليات المقاومة الفلسطينية وإسناد دول المحور طوال 100 يوم من العدوان والصمود.