اليوم التالي لحرب غزة: فاعلية الظرف الموضوعي تقرر النواتج
تحليل / ميخائيل عوض//
ثالث الفواعل في الحروب وفي حرب غزة خاصة الظرف الموضوعي وتراكماته، وما رست عليه موازين القوى الواقعية فيه. والبعض يصفه بالقدرية والجبرية.
اي كانت التسمية والتوصيف فللظروف الموضوعية احكامها الجبرية والقهرية، يتساوق معها البشر ان هم ادركوها وعرفوا مفاعيلها، ومن يستغلها يوصف بانه الفاعل القائد.
وفي حال عدم ادراكها فستكون كلمتها هي العليا و تسوق البشر الى مساراتها هي وقادرة على انتاج من يتفاعل معها.
طوفان الأقصى.. من عملية تكتيكية إلى التغير النوعي
القوة الجبرية، تفرض نفسها عنوة وبلا استئذان. واقرب الامثلة المعاشة والملموسة عملية طوفان الاقصى التي خططت لها القسام كعملية تكتيكية محدودة في اهدافها فقررت الجبرية ونضج الظروف الموضوعية وتراكم الانجازات الكمية التي تحققت للمقاومة في الجولات التي سبقتها، وفرضت الحاجات الانتقال من التراكم الكمي الى التغير النوعي فتحولت من عملية تكتيكية الى شرارة فرضت حرب وجودية لإسرائيل وترجمتها الى العربية تعني حرب تحرير فلسطين من البحر الى لنهر مادامت اسرائيل تخوضها بلا هوادة وتنشد فيها النصر او لن يكون لها مكان في المنطقة. وبما ان كل المعطيات والتطورات والاحداث وشروط الظرف الموضوعي والجبرية تجزم بان ليس في الماضي او في الجاري وبالحرب او في المستقبل عوامل كامنه او تطورات تفيد باحتمال انتصار اسرائيل فتصير بقوة الجبرية هي حرب تحرير فلسطين وانهاء وجود اسرائيل.
شاء محور المقاومة وفصائله ام لم يشاء. ادرك حاجات القدرية والجبرية ام لم يدركها.
فالقدرية لا تنتظر توقيتات البشر ولا تسير على امزجتهم.
في تراكم تحولات الواقع وتوازن القوى بلغت الامور ذروتها التي تطلبت تحولا نوعيا فخسرت امريكا وحلفها وعالمها الانجلو ساكسوني كل واي من الادوات والاوراق والحلفاء وجاءت حرب غزة
كيف تجسدت التحولات الكمية؛
1- منذ ١٩٦٨ معركة الكرامة لم تنتصر اسرائيل في اي جولة بل هزمت في حرب تشرين التحريرية ١٩٧٣ وخسرت اهم عناصر قوتها في فرض ارادتها ومصالحها بالاحتلال في غزوها بيروت ١٩٨٢ وخرجت من لبنان ٢٠٠٠دون قيد او شرط وبلا تفاوض وكذلك من غزة ٢٠٠٥ وفي ٢٠٠٦ خسرت ثاني اهم عناصر قوتها الاستراتيجية بخسارة الحرب في ارض الخصم والحرب الخاطفة وتكررت في غزة في ٢٠٠٨ و٢٠٠٩ و٢٠١٢ و٢٠١٤ وكانت جولة سيف القدس٢٠٢١ نذير دنو الانتقال الى النوعي فتوحدت الساحات الفلسطينية وتكثفت الجولات ففي ٢٠٢٢ جولتان وفي ٢٠٢٣ الجولة الفاصلة وشرارتها عملية طوفان الاقصى العجائبية.
2- ادركت الدولة العميقة الحاكمة في امريكا واسرائيل افتقاد اسرائيل لدورها الوظيفي بعد هزيمة ال٢٠٠٠ في لبنان فصعدت الصقور الى البيت الابيض بشبهة انقلاب في انتخاباتها الرئاسية ٢٠٠٠ وعادت الى وسائل الاستعمار القديم وجندت حلفا عسكريا وغزت كابول ٢٠٠١ ومن ثم بغداد ٢٠٠٣ وعينت حكام امريكيين للدول وسعت لخمسة عواصم عربية وهزمت واعلن تقرير بيكر هاملتون هزيمتها واعاد صياغة استراتيجياتها للقيادة من الخلف وتوريط الدول والشعوب بالفوضى والحروب المركبة وزجت بكل تحالفاتها وادواتها وبالإسلام السياسي والعسكري الامريكي والإخواني الاردوغاني في سورية والعراق وليبيا وهزمت في سورية وتعثرت في ليبيا والعراق.
3- اطلقت امريكا مشاريعها للفوضى والناتو العربي الاسرائيلي وتقسيم المقسم وصفقة القرن والابراهيمية وفشلت.
4- ورطت السعودية وحلفها العربي والاسلامي بحرب اليمن لتسع سنوات وهزمت واستنزفت قدراتها فتحولت السعودية وصالحت ايران وسورية وكفت عن تمويل وخوض حروب امريكا واسرائيل وتبديد ثرواتها لتعويم الاقتصاد الامريكي وصناعة السلاح والمال.
في تراكم تحولات الواقع وتوازن القوى بلغت الامور ذروتها التي تطلبت تحولا نوعيا فخسرت امريكا وحلفها وعالمها الانجلو ساكسوني كل واي من الادوات والاوراق والحلفاء وجاءت حرب غزة لتكشف ما بلغته امريكا من تراجع وعجز وانحسار قوتها في العرب والاقليم والعالم ولم تنجح ببناء تحالف بحري ورفض الجميع الخضوع لإملاءاتها وتورطت بالحرب مع اليمن وتعجز عن تحقيق مكاسب واسناد إسرائيل في حربها لإبادة غزة وتهجيرها.
غدا؛ فواعل وتحولات الظرف الموضوعي على ضفة المقاومة ومحورها وخيارات الشعب الفلسطيني.
…/ يتبع