لم تتهيب المقاومة الاسلامية لتحذيرات بايدن والمسؤولين الأمريكيين والأوروبيين ولا ارتجف لها جفن خوفا من عراضة الاساطيل الامريكية والاوروبية.
برغم انها فوجئت كما حماس والقسام بنتائج عملية طوفان الاقصى الا انها تصرفت بحكمه ووعي من الساعة الاولى فأدركت ان خطتها الاستراتيجية للعبور من الجبهات قد اجهضت.
فبادرت من فورها الى تغير استراتيجياتها وتكتيكاته وبدأت صباح ٨ اكتوبر المشاغلة والاشتباك مع الاسرائيلي ونفذت سلسلة عمليات متصاعدة انجزت اهداف استراتيجية لتخديم استراتيجيتها الجديدة. فدمرت حصون خط الدفاع ودمرت التجهيزات التقنية السمعية والبصرية فأعمت واصمت اسرائيل واضطرت جيشها لمغادرة المواقع الدفاعية المحصنة والانتشار في الطبيعة والمستوطنات. واستمرت في قصف الاهداف ذاتها لحرمان الجيش الإسرائيلي من فرصة العودة الى الحصون او ترميم واقامة تحصينات ومنصات مراقبة وتجسس وهذا عمل ذو استهدافات استراتيجية.
ثم كسرت كل قواعد الاشتباك التي رست منذ ١٩٨٢ فأعلنت شراكة للفلسطينيين ولقوى لبنانية في القتال وباتت الاشتباكات من الناقورة الى مزارع شبعا وبعمق ٥ كيلو متر.
حدد السيد حسن نصرالله مهمة الجبهة بالإسناد والاشغال واكد ان غزة وحماس يجب ان تنتصر وابقى القرار والمبادرة واليد العليا للمقاومة.
لم تستعجل الحرب العاصفة واعطت إسرائيل اشارات واضحة انها لا تريد العصف وتوسيع المسرح وتصعيد الاشتباك وحددت قواعدها؛ المدني بالمدني والمصنع بالمصنع والعمق بالعمق والاغتيال بتدمير قواعد السيطرة والقيادة.
اما نتنياهو وغالانت فاعلونها حرب وجودية لإسرائيل فاكثروا التهديد والوعيد وارسال التحذيرات التي تحمس لنقلها الكثير من الموفدين الغربين والعرب واحيانا مشفوعة بعروض مغرية وتلقفها الاعلام المشبوه وزعماء مشكوك بوطنيتهم. وكان الجواب لا تفاوض قبل وقف الحرب على غزة.
ولان نتنياهو وغالانت بحاجة لعمل ما لتطمين المستوطنين والجيش المنهارة معنوياته والمجتمع المرتهب من الحرب وخاصة في الشمال قامت الطائرات الإسرائيل باغتيالات في بيروت والجنوب واستهداف مدنيين ومصانع وهنغارات في الغازية والبقاع….
تعرف المقاومة ان هذه عمليات استعراضية واعلامية وتعرف انها قادرة على تحملها وتامين بدائل للقادة والكوادر الذي يتم اغتيالهم وقد تحسبت واستعدت لهذه الامور، وفي سياق انجاز خططها الاستراتيجية قررت بإبداعية ان تثار لاغتيال القادة بتدمير مقرات السيطرة والقيادة والقواعد التي تكلف عليها العدو زمنا طويلا واموالا طائلة فاستهدفت قاعدة ميرون لإدارة الحرب الجو فضائية والمسيرات والطيران ودمرت قاعدة قيادة الجبهة الشرقية والشمالية في طبريا وصفد وضربت القواعد ومقرات القيادة في الجولان ثم وسعت القصف والاستهداف وركزته وكثفته في الجولان سعيا لتدمير خط الدفع وحصونه على جبهة الجولان والزام الجيش الاسرائيلي بإخلاء الحصون والمقرات الحصينة والانتشار بالطبيعة والمستوطنات. كما وصلت مسيراتها الى عمق فلسطين وكثفتها والقصف لاستنزاف ذخيرة القبة الحديدية وقذائف الدفاع الجوي ودمرت بعض مرابضها.. كما حققت كسرا لكل واي قواعد اشتباك ولجغرافية سايكس بيكو وجعلت من الشمال والجولان مسرح اشتباك وجبهة واحدة تحت امرتها وبمبادرة منها.
وبهذه ثبت لنا بالوجه الشرعي انها في افعالها واستهدافاتها وردودها انما تتصرف بناء لخطط استراتيجية وتستهدف تحقيق انجازات استراتيجية ولتأهيل مسرح الحرب لعمل هجومي اذا استوجبت معركة غزة او اذا قرر المحور خوض الحرب لتحرير فلسطين كلها وبالعبور من الجنوب والجولان.
اضافة الى هذه الانجازات و الاستهدافات الاستراتيجية وفي خدمة خطط استراتيجية رفعت تباعا من منسوب القصف ومن نوعية السلاح وكشفت عن قدراتها الجديدة وبلغت لحظة كسر التوازن باستخدام سلاح الدفاع الجوي وبإسقاط طائرة “هرمزة٤٥٠” التي تعتبر درة الصناعات الإسرائيلية وافضل منظومات الطيران المسير الحربي والتجسس.
وفي كسر التوازن واشهار امتلاكها منظومات فعالة من سلاح الدفاع الجوي ابلغت اسرائيل بالنار وطمأنت الجميع اكتمال الجاهزية للحرب بكل مستوياتها وباي درجة عصف.
قلبت المعادلة التاريخية فبينما كان يخلى الجنوب خوفا من إسرائيل صار يخلى شمال فلسطين فأنشأت حزاما امنيا في شمال فلسطين على عكس ما كان وما تسعى اليه اسرائيل. فبينما قرى وبلدات الجنوب تتحمل وتستمر في حياتها وتتحدى التهويل والتهديد وتشيع الشهداء بمشاركة كثيفة من المواطنين والمسؤولين اخلى المستوطنين مستوطناتهم وهجروها وباتوا عبئا.
المقاومة وهي تساند غزة وتشاغل اسرائيل لتامين لبنان وحفظ كيانه واستقراره. تنتزع السيادة على سمائه وأجوائه بعد ان فرضتها في بحره وباستثمار ثرواته وحررت الارض وصانت الجغرافيا والحدود وهي تقدم التضحيات والشهداء بوعي وحكمه لتحضير مسرح الحرب لأعمال هجومية ذات طابع استراتيجي اذا ما قررت او اضطرت. وادارت الحرب ويدها العليا وحققت مكاسب استراتيجية وفرضت بالنار والقوة توازنا رادعا ما قد يردع إسرائيل وقيادتها الحمقاء والانتحارية فيمنعها من التفكير او العمل لتوسيع الحرب وتصعيد عصفها في لبنان.
غدا؛ ماذا يبطن حزب الله بتعليق التفاوض وقبول الاغراءات الى ما بعد وقف الحرب على غزة؟؟.