متابعات/ وكالة الصحافة اليمنية //
كشف تقرير لوكالة “رويترز”، الأربعاء 17 أبريل 2024، أن قذيفة إسرائيلية استهدفت أكبر مركز للخصوبة بقطاع غزة في ديسمبر الماضي، تسببت بقتل نحو 5 آلاف من أجنة أطفال، بعد نزع الأغطية عن خمسة خزانات تحتوي على النيتروجين السائل كانت في زاوية من وحدة الأجنة.
وعندما تبخر السائل بالغ البرودة ارتفعت درجة الحرارة داخل الخزانات وقُضي بذلك على أكثر من أربعة آلاف من أجنة أطفال الأنابيب إضافة إلى ألف عينة أخرى لحيوانات منوية وبويضات غير مخصبة كانت هي الأخرى مخزنة في مركز البسمة للإخصاب وأطفال الأنابيب.
كان تأثير ذلك الانفجار الواحد بالغاً، ويعد مثالاً على الخسائر “غير المرئية” للحرب العسكرية الإسرائيلية المتواصلة منذ أكثر من ستة أشهر على قطاع غزة الذي يقطنه زهاء 2.3 مليون نسمة.
“الأمل الأخير“
وكانت الأجنة في تلك الخزانات بمثابة الأمل الأخير لمئات الأزواج الفلسطينيين ممن يواجهون مشكلات في الخصوبة.
يقول الطبيب بهاء الدين الغلاييني (73 عاماً)، استشاري أمراض النساء والتوليدـ الذي تلقى تدريباً في كامبريدج وأسّس مركز “البسمة” في غزة عام 1997 “نعلم بكل جوارحنا ماذا كانت تعنيه الخمسة آلاف حياة تلك، أو الحياة التي كانت محتملة، للآباء والأمهات.. في المستقبل وفي الماضي”.
وأضاف أن نصف الأزواج على الأقل لن تكون لديهم فرصة أخرى للإنجاب؛ إذ لم تعد لديهم القدرة على إنتاج حيوانات منوية أو بويضات قابلة للتلقيح، قائلاً وهو يصف شعوره بما جرى: “قلبي محطم إلى مليون قطعة”.
بالنسبة لصبا جعفراوي، فقد كان الخضوع لعلاج خصوبة لمدة ثلاث سنوات رحلة نفسية صعبة؛ حيث إن عملية استخراج بويضات من مبيضيها كانت مؤلمة وكان لحقن الهرمونات آثار جانبية قوية كما بدا الأسى على فشل محاولتين للحمل عصياً على الاحتمال.
ولم تتمكن صبا (32 عاماً) وزوجها من الإنجاب بصورة طبيعية، وهذا ما دفعهما للجوء للتلقيح الصناعي المتاح على نطاق واسع في قطاع غزة.
“ما لحقت أفرح على الخبر”
تجري تسع عيادات على الأقل في غزة عمليات التلقيح الصناعي التي تُجمع فيها البويضات من مبيض المرأة وتخصب بالحيوانات المنوية للزوج في المختبر.
وغالباً ما تُجمد البويضات المخصبة، التي تسمى أجنة، حتى يحين الوقت الأمثل لنقلها إلى رحم المرأة، وتُخزّن معظم الأجنة المجمدة في غزة في مركز “البسمة”.
صبا نفسها حملت في سبتمبر 2023 من أول محاولة ناجحة للتلقيح الصناعي، وقالت: “بدأت الحرب… ما لحقت أفرح على الخبر”.
وأصاب صبا القلق وتساءلت عما سيحدث للحمل والجنين، في حين لم تجر صبا الفحص بالموجات فوق الصوتية مطلقاً؛ إذ أغلق الطبيب الغلاييني عيادته حيث تم تخزين خمسة أجنة أخرى لصبا.
الاحتلال دمّر كل شيء
ومع اشتداد الهجمات الإسرائيلية، بدأ محمد عجور، كبير أطباء الأجنة في المركز، يشعر بالقلق بشأن مستويات النيتروجين السائل في مخازن الأجنة الخمسة.
إذ يجب إعادة تعبئة الخزانات بالنيتروجين كل شهر تقريباً للحفاظ على درجة الحرارة دون 180 تحت الصفر في كل خزان، والتي تعمل دون الاعتماد على الكهرباء.
وتمكن عجور بعد اندلاع الحرب من شراء دفعة واحدة من النيتروجين السائل، لكن إسرائيل قطعت الكهرباء والوقود عن غزة وتوقف معظم الموردين عن العمل.
حيث توغلت دبابات الاحتلال الإسرائيلي في غزة بنهاية أكتوبر الماضي، وأغلق جنود الاحتلال الشوارع المحيطة بمركز التلقيح الصناعي، وبالتالي باتت هناك خطورة شديدة على عجور من فحص الخزانات.
وأدركت صبا أنها يجب أن ترتاح لتحافظ على سلامة حملها الهش، لكن المخاطر كانت في كل مكان فصعدت ست مجموعات من السلالم لتصل إلى شقتها لأن المصعد توقف عن العمل، وسوّت قنبلة المبنى المجاور بالأرض وحطمت نوافذ شقتها، وأصبح الطعام والماء نادرين.
وبدلاً من الراحة، شعرت صبا بالقلق والخوف الشديد، وقالت إنه كانت هناك علامات على أنها ستفقد الحمل، حيث نزفت صبا قليلاً بعدما غادرت هي وزوجها منزلهما وانتقلا جنوباً إلى خان يونس، وبينما هدأ النزيف فإن خوفها لم يهدأ.