تحليلات/وكالة الصحافة اليمنية//
– وضعت الحرب على غزة رجال الأعمال وأصحاب الشركات الناشئة بشكل خاص في كيان الاحتلال الصهيوني في موقف مضطرب ومربك، فقد خلقت تداعيات عملية “طوفان الأقصى” أزمة مالية كبيرة داخل الكيان حيث تراجع حجم الاستثمار بالشركات الناشئة الإسرائيلية بشكل كبير، بشكل خاص مع التراجع الحاد الحاصل في قطاع التكنولوجيا الإسرائيلي والذي يعتبر قطاعاً حياتياً بالنسبة لكيان الاحتلال، حيث تمثل التكنولوجيا المتقدمة 12% من فرص العمل، وأكثر من نصف صادرات كيان الاحتلال، و25% من ضرائب الدخل، وما يقرب من خُمس الناتج الاقتصادي الإجمالي.
وبشكل عام، جمعت الشركات الناشئة الإسرائيلية نحو 7 مليارات دولار في عام 2023 مقابل ما يقرب من 16 مليارا عام 2022، وبالإضافة إلى انخفاض التمويل بسبب الحرب ومشاكل الاقتصاد، شعر المستثمرون الأجانب بالفزع من خطة حكومة الاحتلال لإصلاح نظامها القضائي، وهو الاقتراح الذي وُضع على الرف منذ ذلك الحين.
شركات إسرائيلية على حافة الانهيار
وضعت الحرب العدوانية على غزة أصحاب الشركات في كيان الاحتلال الإسرائيلي بين فكي كماشة، فمن جهة على أصحاب الأعمال في “إسرائيل” الاستمرار في العمل مع تقديم دعم عاطفي للموظفين الذين يتم ضمهم لقوات الاحتياط في الجيش، ومن جهة أخرى، يمنعهم القانون من طرد الموظفين المسجلين ضمن الاحتياط لعدة أشهر، وقد أفادت المصادر بأن العديد من أصحاب الأعمال يطالبون موظفيهم لاستئناف عملهم، بسبب ما تعرضوا له من ضرر كبير على خلفية حرب غزة.
ويعتبر الضرر الذي تكبده أصحاب الأعمال كبير، والمنح الممنوحة من حكومة الكيان لا تغطي تكلفة الموظفين الغائبين، من الخسائر المترتبة عن غياب العامل حتى دفع اشتراكات التأمينات الاجتماعية.
وحسب مصادر إسرائيلية فإن أحد جنود الاحتياط، الذي يشارك في الحرب على غزة منذ بدايتها، أعلن عن تصفية شركته بسبب تزايد الضغوط المالية جراء طول مدة خدمته الاحتياطية، وقد شارك ما تعرض له على وسائل التواصل الاجتماعي طالبا الدعم من متابعيه، حيث أفضت خدمته العسكرية الممتدة إلى ترك الشركة على حافة الانهيار، وصار غارقا بالديون، ويواجه مستقبلًا غامضًا عند عودته من الخدمة الاحتياطية.
من جهة أخرى ذكر موقع “تايمز أوف إسرائيل”، أنّ الاستثمار في شركات التكنولوجيا الإسرائيلية تراجع بنسبة 56%، متأثراً بالاضطرابات السياسية والحرب في غزة.
ووفق الموقع، انخفض جمع الأموال من قبل الشركات الناشئة، وشركات التكنولوجيا الإسرائيلية بنسبة 56% هذا العام، مقارنةً بالفترة نفسها من عام 2022، حيث يعاني القطاع من “عدم اليقين السياسي حول التعديل القضائي واندلاع الحرب مع حركة حماس”.
وأضاف إنّ الشركات الناشئة المحلية جمعت ما مجموعه 6.9 مليارات دولار في عام 2023، على غرار المستويات المسجلة في عامي 2018 و2019، حسب التقرير، وأظهرت البيانات أنّ عدد الصفقات انخفض بنسبة 44% على أساس سنوي، مع تسجيل 392 صفقة تمويل على مدار عام 2023، وهو أدنى رقم منذ عام 2015 على الأقل.
وتابع التقرير إنّ قطاع التكنولوجيا اجتذب أكثر من 15 مليار دولار من رأس المال العام الماضي، وخلال عام التمويل الضخم في عام 2021، حصل على 25.6 مليار دولار من الاستثمارات الخاصة في المجموع، ما أدّى إلى تقييمات عالية للشركة.
ومع ذلك، في النصف الثاني من عام 2022، تباطأت الاستثمارات في شركات التكنولوجيا وسط ارتفاع أسعار الفائدة، وهبوط سوق الأسهم العالمية، وتسريح العمال في مجال التكنولوجيا.
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية، عن مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي، في وقت سابق، بأنّ نسبة الشركات غير النشطة انخفضت في “إسرائيل”، بشكلٍ كبير بسبب الحرب الدائرة منذ الـ7 من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، ونقلت “فايننشال تايمز” عن الشريك الإداري لصندوق رأس المال الاستثماري الإسرائيلي “بيتانغو”، شيمي بيريز، أنّ “بعض الشركات الناشئة التي كانت على وشك عقد صفقة، حيث بدا كل شيء على ما يرام، ثمّ اندلعت الحرب.. لم يبتعد المستثمرون، قالوا فقط إننا نريد أن ننتظر ونرى”.
ديون تتضاعف
أشارت مصادر إعلامية إلى أن الحرب على غزة أدت إلى زيادة ديون كيان الاحتلال الاسرائيلي إلى الضعفين في العام الماضي، حيث جاء في تقرير لوزارة المالية الإسرائيلية أن حكومة الكيان سجلت ديوناً بلغت 43 مليار دولار عام 2023 من بينها 21.6 مليار دولار منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر الماضي، ما يشير إلى التحديات المعقدة التي يعاني منها اقتصاد الكيان بالإضافة إلى غموض الموقف الاقتصادي الذي يتبع بطبيعة الحال الأوضاع السياسية والعسكرية.
وبلغ إجمالي الدين 62.1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الإسرائيلي في 2023، ارتفاعاً من 60.5 في المئة في 2022 بسبب ارتفاع الإنفاق الحربي، ومن المتوقع أن يصل إلى 67 في المئة في 2024، واقترضت حكومة كيان الاحتلال في عام 2023 نحو 116 مليار شيكل (30.96 مليار دولار)، أو 72 في المئة من إجمالي الدين، محلياً و25 في المئة من الخارج والباقي في شكل ديون محلية غير قابلة للتداول.
وفي السياق، أكّدت وسائل إعلام إسرائيلية، أنّ العمليات التجارية انخفضت في “المدن” الإسرائيلية الكبرى، بسبب الحرب التي يشنّها الاحتلال على قطاع غزة، وكانت صحيفة “وول ستريت جورنال” قد نشرت سابقاً، تقريراً يتضمن معطيات رقمية، بشأن حال اقتصاد الاحتلال بعد تقلّص أعداد العمال، إثر عملية “طوفان الأقصى”.
وفي سياق متصل، حصلت حكومة الكيان المحتل في فبراير الماضي على أول تخفيض لتصنيفها السيادي على الإطلاق، إذ خفضت وكالة “موديز” تصنيفها الائتماني، وذكرت الوكالة في تقريرها، أن تأثير الصراع يثير أخطاراً سياسية، ويضعف المؤسسات التنفيذية والتشريعية في حكومة كيان الاحتلال الإسرائيلي وقوتها المالية في المستقبل المنظور، وقد أبقت الوكالة على توقعاتها الائتمانية السلبية ما يعني إمكانية خفض التصنيف مرة أخرى، وقالت “موديز”: إنه في حين أن القتال في غزة قد يتراجع أو يتوقف فإنه لا يوجد حالياً اتفاق على إنهاء العمليات القتالية بشكل دائم، ولا يوجد اتفاق على خطة أطول أمداً من شأنها استعادة الأمن لكيان الاحتلال الإسرائيلي بشكل كامل وتعزيزه في نهاية المطاف.
اقتصاد مأزوم
قدّر كبير الاقتصاديين في وزارة المالية الإسرائيلية مؤخراً، خسارة الناتج المحلي الإجمالي لـ”إسرائيل” خلال العام الجاري بسبب الحرب الدائرة بـ 1.4% أي 9 مليارات شيكل (نحو 2.50 مليار دولار) شهرياً، وفق صحيفة “ذا ماركر” الإسرائيلية المعنية بالشؤون الاقتصادية.
وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية، في وقتٍ سابق، بأنّ وزارة المالية لدى الاحتلال أصدرت توصية بإغلاق فوري لـ6 وزارات، بسبب الحاجة إلى ترتيب أولويات اقتصادية اجتماعية جديدة في “إسرائيل”، وقبل أيام، ذكرت وكالة “بلومبرغ” الأمريكية أنّ العبء المالي للحرب بدأ في التأثير سلباً على “إسرائيل”، ما أثار جدلاً سياسياً سيكون من الصعب على رئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير ماليته، بتسلئيل سموتريتش، أن يخوضاه.
وبلغت نسبة البطالة بين الإسرائيليين 9.6% في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، في سياق التداعيات الخطيرة للحرب على قطاع غزة، التي تشنّها قوات الاحتلال منذ الـ 7 من الشهر نفسه.
المصدر : الوقت التحليلي