قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن السلطات الإماراتية تجري محاكمة جماعية جائرة أثارت مخاوف جسيمة بشأن الإجراءات الواجبة. وتشمل المحاكمة العديد من المتهمين الحاضعين للحبس الانفرادي المطول، الذي يرقى إلى مصاف التعذيب.
وذكرت هيومن رايتس ووتش في تقرير لها اليوم، أن السلطات الإماراتية في ديسمبر 2023، وخلال استضافتها “مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغيّر المناخ” (كوب 28)، ساقت تهما ضد 84 شخصا على الأقل انتقاما من تشكيلهم مجموعة مناصرة مستقلة في 2010. ومن الخاضعين للمحاكمة ناشطون ومعارضون بارزون يقضون أصلا أحكام سجن طويلة بناء على تهم تعسفية، منهم المدافع البارز عن حقوق الإنسان أحمد منصور؛ والأكاديمي ناصر بن غيث؛ ورجل الأعمال خلف الرميثي، بالإضافة إلى المُدانين في أعقاب محاكمة “الإمارات 94” الجماعية الجائرة بشكل صارخ في 2013، والعديد منهم محتجزون تعسفا بعد إكمال محكوميتهم.
وقالت جوي شيا، باحثة الإمارات في هيومن رايتس ووتش: “هذه المحاكمة الجماعية الجائرة هي مهزلة، ومزاعم التعذيب والانتهاكات الجسيمة للمحاكمة العادلة تعرّي سيادة القانون الفارغة في الإمارات والغياب التام لسبل العدالة. على الدول الأخرى، والشركات العالمية، والمشاهير شركاء الإمارات أن يدعوا فورا إلى إنهاء هذه الانتهاكات والإفراج الفوري عن النشطاء الحقوقيين مثل أحمد منصور”.
وأضافت: “بعد عقد على قضية ’الإمارات 94‘ سيئة الصيت، تأتي هذه المحاكمة المهزلة لتثبت أن سجل الإمارات الحقوقي قد تدهور أكثر. يجب الإفراج فورا عن أحمد منصور وباقي المتهمين”.
وتشمل المخاوف المتعلقة بالإجراءات الواجبة تقييد الوصول إلى المعلومات ومواد القضية، والدعم القانوني المحدود، وتوجيه القضاة لشهادات الشهود، وانتهاكات مبدأ المحاكمة المزدوجة، ومزاعم معقولة عن الانتهاكات الخطيرة وسوء المعاملة، وجلسات استماع سرية.
وفي بيان أصدرته في 6 يناير الماضي، اتهمت السلطات الإماراتية 84 شخصا بـ “إنشاء وإدارة منظمة إرهابية سرية في الإمارات، اسمها ’لجنة الكرامة والعدالة‘”. يبدو أن التهم هي بموجب قانون الإرهاب الإماراتي المنتهِك لعام 2014، الذي يفرض عقوبات تصل إلى السجن المؤبد، وحتى الإعدام لأي شخص يؤسس أو ينظم أو يدير منظمات مماثلة.
وتشير أبحاث هيومن رايتس ووتش إلى أن العديد من المتهمين حُبسوا انفراديا وبمعزل عن العالم الخارجي لـ 10 أشهر على الأقل. مُنعت زيارات واتصالات العائلات بين 10 أشهر وسنة، باستثناء اتصالات هاتفية قصيرة في ديسمبر 2023 لإعلام أقارب المتهمين بوجود القضية الجديدة وتوجيههم بتوكيل محامين.
وخلال المحاكمة، كرر المتهمون وصفهم ظروف الاحتجاز المسيئة، بما فيها الاعتداء الجسدي، وغياب الرعاية الصحية والأدوية الضرورية، والموسيقى الصاخبة باستمرار، والإجبار على التعري.
وأفاد مصدر مطّلع هيومن رايتس ووتش بأنه في جلسة بتاريخ 14 مارس ، قال بعض المتهمين إن المسؤولين في سجن الرزين أجبروهم على الاستماع إلى موسيقى صاخبة جدا خلال فترات الراحة والنوم. قالوا إنهم أُخضعوا للتحقيق بعد فترات طويلة من الموسيقى الصاخبة، وأُجبروا على الاعتراف تحت الضغط والإرهاق النفسي. أما الذين رفضوا فعوقبوا بالحجز الانفرادي.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن على السلطات الإماراتية أن تحقق في مزاعم الانتهاكات، وعليها أن تحاسب المسؤولين على أي فعل غير قانوني، وتقدم فورا الرعاية الصحية الملائمة إلى المتهمين.