الخليج..وكالة الصحافة اليمنية..
تشهد دبي تراجعا اقتصاديا ملحوظا خلال الفترة الماضية، حيث هبطت سوق الأسهم 13% منذ بداية العام مسجلة أسوأ أداء في المنطقة، فيما انخفضت أسعار العقارات السكنية بما يزيد عن 15% منذ أواخر عام 2014 وما زالت تتراجع.
وأصدرت دبي 4 آلاف و722 رخصة جديدة للشركات في الربع الثاني من 2018 بانخفاض نسبته 26% مقارنة مع الفترة ذاتها من عام 2016، وهو العام الذي بلغت فيه التراخيص الجديدة ذروتها.
وعزا تقرير لوكالة «رويترز» تلك التراجعات للتباطؤ الاقتصادي بمنطقة الخليج الناتج عن انخفاض أسعار النفط، لكن أرقاما أخرى تشير إلى أن بعض المحركات التقليدية للنمو بدبي تفقد قوة الدفع، مما قد يعني تراجعا طويل الأجل.
وانخفض نمو حركة الركاب عبر مطار دبي الدولي إلى قرب الصفر هذا العام، بعد 15 عاما من الزيادات القوية، وربما تضعف رحلات الطيران الطويلة المدى بشكل متزايد هيمنة دبي كمركز للسفر يربط آسيا بأوروبا.
وقال الرئيس العالمي لأبحاث الأسهم والاستراتيجية لدى «إكسوتكس كابيتال»، «حسنين مالك»، إن «الزمن الذي كان بإمكان المرء الانتقال فيه إلى دبي لتكوين ثروة ربما يكون في طريقه إلى النهاية».
وأضاف أن «الإمارة كانت جذابة على نحو متزايد كقاعدة للأثرياء الراغبين في التمتع بثرواتهم من أنحاء العالم».
لكن «مالك» قال إن «من غير الواضح ما إذا كان بمقدور قطاعات النقل والمناطق الاقتصادية في دبي مواصلة النمو سريعا بما يكفي لجذب العدد الكافي من العاملين الأجانب ذوي الياقات البيضاء والاحتفاظ بهم لدعم الطلب في سوق الإمارة العقاري».
ويرى خبراء الاقتصاد أن خطر حدوث أزمة مالية أخرى محدود، بعد إعادة هيكلة ديون بمليارات الدولارات، وبعد أن انخفضت ديون الشركات المرتبطة بحكومة الإمارة عما كانت عليه قبل 10 سنوات.
كما أن النمو الاقتصادي الرئيسي لم يتباطأ بشكل كبير، في حين يقدر مسؤولو صندوق النقد الدولي أن الناتج المحلي الإجمالي سينمو بما يزيد عن 3% هذا العام.
وقالت دائرة التنمية الاقتصادية بدبي في بيان هذا الأسبوع إن الإمارة مستمرة في جذب الشركات والمستثمرين كمركز تنافسي لتطوير مستدام للأعمال، مضيفة أن أرقام التراخيص تظهر استمرار الاستثمار في كافة قطاعات الاقتصاد الحيوية في دبي.
لكن معظم النمو في العام الجاري يرجع إلى زيادة كبيرة في الإنفاق الحكومي، في الوقت الذي تشيد فيه دبي بنية تحتية لاستضافة معرض «إكسبو» الدولي 2020.
وزادت ميزانية دبي لعام 2018 بنسبة 19.5% مقارنة مع 2017 إلى مستوى قياسي بلغ 56.6 مليارات درهم (15.4 مليارات دولار)، وليس بمقدور الحكومة مواصلة زيادة الإنفاق بتلك السرعة لأجل غير مسمى.
تحديات هيكلية
وقال «جيم كرين» الباحث في قطاع الطاقة بجامعة «رايس» بتكساس ومؤلف كتاب «مدينة الذهب: دبي وحلم الرأسمالية» إن الإمارة تواجه تحديات هيكلية، بما في ذلك بيئة جيوسياسية تزداد صعوبة.
وفي السابق، حققت دبي الازدهار عبر الاحتفاظ بعلاقات ودية مع جميع دول المنطقة، وقبول التجارة والاستثمار منها جميعا.
لكن ذلك أصبح مستحيلا، ففي العام الماضي، قطعت الإمارات والسعودية ودول أخرى العلاقات الدبلوماسية وروابط النقل مع قطر، مما أنهى دور دبي كقاعدة للتجارة مع الدولة الصغيرة الشديدة الثراء.
وحاليا تُنقل السلع التي كانت ذات يوم تُشحن إلى قطر عبر دبي، من خلال دول أخرى مثل سلطنة عمان والهند، وتستخدم الشركات المتعددة الجنسيات مكاتبها في أوروبا والولايات المتحدة، وليس عملياتها في دبي، لإدارة أعمالها مع قطر.
في غضون ذلك، تسعى الولايات المتحدة وحلفاء خليجيون، بما في ذلك الإمارات، للضغط على اقتصاد إيران عبر تقليص علاقاتها المالية والتجارية، فيما يقول دبلوماسيون في المنطقة إن هذا المسعى أكثر حدة من محاولة واشنطن السابقة لعزل إيران قبل عدة سنوات.
وهذا أمر مهم لأن صادرات الإمارات والسلع المعاد تصديرها منها إلى إيران، والتي تمر الغالبية العظمي منها عبر دبي، بلغ إجمالي حجمها 19.9 مليارات دولار في عام 2017.
ونقلت «رويترز» عن الرئيس التنفيذي لإحدى الشركات المالية الأجنبية في دبي (لم تذكر اسمه) قوله إن الإمارة تواجه منافسة غير مسبوقة من دول مجاورة على رأس المال، في الوقت الذي اضطر فيه انخفاض أسعار النفط تلك الدول إلى تطوير القطاعات غير النفطية بها.
وتتدفق أموال المحافظ بالفعل من بورصة دبي إلى البورصة السعوديةK وفي السنوات المقبلة، ربما ينخفض الاستثمار المباشر.
وقالت شركة خدمات حقول النفط الأمريكية «مكديرموت» إنها تتوقع نقل نشاطها تدريجيا من ميناء «جبل علي» في دبي إلى منشأة سعودية جديدة بحلول منتصف العشرينات من القرن الحادي والعشرين.
وتسعى دبي إلى تعزيز مركزها التنافسي، وفي الأشهر القليلة الماضية، قالت الحكومة إنها ستخفض رسوما حكومية، وتلغي بعض رسوم الطيران، وتثبت مصاريف المدارس واتخذت خطوات أخرى لدعم الشركات والمقيمين الأجانب.
وأعلن مجلس الوزراء الإماراتي برئاسة حاكم دبي الشيخ «محمد بن راشد آل مكتوم» عن إصلاح ربما يكون الأكثر تأثيرا، فقد تعهدت الحكومة بالسماح بتملك الأجانب لشركات مقرها الإمارات بنسبة 100%، ومنح تأشيرات إقامة لمدة طويلة تصل إلى 10 سنوات للمستثمرين وبعض المتخصصين الأجانب.
وقد يعزز ذلك جاذبية الاستثمار الأجنبي في دبي، عبر مساعدة الأجانب الذين يخططون للإقامة طويلا في الإمارة ويشجعهم على شراء منازل.
لكن لم يتم بعد الإفصاح عن تفاصيل السياسة الجديدة، وقد يكون تطبيقها شائكا.
وتسمح «المناطق الحرة» في دبي بالملكية الأجنبية بنسبة 100%، وقد تواجه صعوبات إذا لم يعد لديها ذلك الحق بشكل حصري، ويجني الكثير من المواطنين الإماراتيين المال كشركاء بلا دور في الإدارة لرجال أعمال أجانب.