المصدر الأول لاخبار اليمن

كردستان الكبرى وخطر تفكيك تركيا؟ دوافع الانفتاح التركي المستجد على سوريا

تحليل/د.ميخائيل عوض/وكالة الصحافة اليمنية//

 

يسجل للرئيس اردوغان ذكائه السياسي وقدرته على الرقص على الحبال ومحاولات الافادة من الظروف وتطويعها لصالح مشروعه.

مشروعه يقوم على هدفين؛ تمكنه شخصيا من تركيا لأهميتها الجيو – استراتيجية والسعي لاستعادة العثمانية البائدة بحسب مقولته ؛ علينا ان نصل حيث وصل اجدادنا على ظهور الجياد.

ويسجل له صراحته فقد اعلنها باكرا وتطوع ليكون وكيل امريكا للشرق الاوسط الجديد.
لا يأبه ولا يعير اذنه لنقد او لاتهام فغاياته تبرر الوسائل.
يحارب ويزج بجيشه وادواته من الاسلام الاخواني والاردوغاني ويصافح ويسعى لتثبيت الوقائع بالمناورات.
يعد ويوقع مع بوتين والايراني وفي التنفيذ يتملص ويماطل ولا يأبه لملامة ولا للسمعة ولنقد.

يدعم اوكرانيا ويرفض ظم القرم لروسيا ويستجدي بوتين لحل ازماته الاقتصادية لتامين ولاية جديدة في رئاسة تركيا.
يشتم الشيعة والعلوين ويتهم ايران ويفتح اسواقه ومصارفه ومرافئه للتجارة الايرانية لتأمينها من الحصار.
يمد يده للسعودية ومصر والامارات ويحتفظ بعلاقات حميمية مع الاخوان المسلمين والفصائل الارهابية.
فالمنطقي عندما يعطي اشارات عن تحول في موقفه الى الضد ان ترفع عشرات الاسئلة وان يجتهد الباحثون بالسعي لمعرفة سر الاستدارة واهدافها ومدى صدقيتها.
اردوغان يستعجل لقاء الاسد وينشد وساطات ايرانية روسية ولا يستثني الصين ومن يمون.
شو عدا لبدا؟
ماذا خلف الاستدارة وما الاهداف؟
هل سينفذ تعهداته على غير عاداته؟
ربما؟؟! لا احد يستطيع الاجابة القاطعة وتحمل المسؤولية.
فالرجل مناور من الدرجة الاولى ويسعى لغاياته بكل جوارحه.
اللافت ان استدارته السورية تترافق مع حشود عسكرية ضخمه في شمال العراق ونذر عن احتمال عمليات عسكرية واسعة ضد حزب العمال الكردستاني.
وكانت قسد في شرق الفرات تحت الحماية الامريكية تعتزم اجراء انتخابات بلدية بمؤشر على مشروع انفصالها عن سورية.
لاشك ان تركيا مأزومه اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وكل وعود اردوغان الانتخابية لم ينفذ منها شيئا ولن ينفذ.
وخسارته للانتخابات البلدية مثلت صفعة قاسية زاد منها ارتباكه في العلاقة مع إسرائيل وامريكا في حرب غزة وتزيد في تأزيم علاقته بالشعب وبقاعدة حزب العدلة والتنمية والحالة الاسلامية التي حاول اختصارها وتقديم نفسه الخليفة.

سر التحولات

ربما المسألة الاشد خطورة التي تضبط تحركاته ومبادراته داخليا وخارجيا وسعيه للتصالح مع الاسد علمه اليقيني باحتمالات تتقدم فرصها بسرعة وقد تصير مفاجئة وحاكمه وفي اخطرها سعي امريكا جديا لاستعجال تحقيق مشروعها القديم الجديد بإنشاء كردستان الكبرى.

فكردستان الكبرى باتت حاجة ملحة لأمريكا ولوبياتها العولمية بعد ان فقدت اسرائيل جاذبيتها وقدراتها وباتت عبئا ثقيلا. ومعرفة امريكا الدولة العميقة والحكومة العالمية الخفية ولوبيات العولمة بان عمر اسرائيل بات قصيرا وقدراتها لتامين المصالح باتت معدومة.

امريكا لا ولن تترك المنطقة والاقليم لشأنه ولن تقبل ان تخرج منه مهزومة. فانسحابها من الاقليم يعني بالضرورة انحسارها عالميا بل وانفجارها على ما اصاب الامبراطوريات من قبلها عندما هزمت في الاقليم ولم تؤمن نفسها بمشاريع بديلة.

كردستان الكبرى هي ضالة امريكا ونظامها الانجلو ساكسوني وهي بديلها عن اسرائيل المكلفة والمفلسة وحتى عن انتشارها العسكري والبحري المكلف والعاجز كما في الحرب مع الحوثيين

فكردستان الكبرى تقع على جغرافية تزيد عن أربعمائة الف كيلو متر مربع ولها تعداد سكاني يفيض عن الاربعين مليون نسمه وتقع على مفترق القارات وثلاث امم وتقطع مسارات الاستراتيجية الصينية للحزام والطريق وتحاصر روسيا في سورية والمتوسط وتشكل قاعدة ثابته صلبه بين اسيا وأوروبا وتطل على ايران والخليج والعربية وتؤمن وجودا واتصالا مع القواعد في افريقيا والاردن والخليج واوروبا وشرق اسيا.
تتحكم بالعراق وتستنزف ايران وسورية والاخطر بالنسبة لاردوغان تشطر تركيا وتقسمها الى دول ثلاث محتربة.

تحت سكين الفوضى والاحتراب

هنا يكمن السر وربما ايقن اردوغان ان كل خدماته لأمريكا وحروبها ولوبياتها لم تشفع له ولتركيا.
ويشعر بان تركيا التي خرجت بناتج معاهدة لوزان ١٩٢٢ نفسها باتت تحت سكين الفوضى والتقسيم والاحتراب وقد فشلت جهوده واوهامه باستعادة مجد السلطنة وحيث وصل اجداده.
هل تأمنه سورية وتصدق مبادراته؟
هل ترى فيه ايران شريكا لمنع استنزافها من الخاصرة الكردية فدفعت برئيس الحكومة العراقية للتوسط بينه والاسد.
ماذا عن الصين وروسيا وقدراتهم على حماية تركيا الاردوغانية وافشال مخطط امريكا لكردستان الكبرى التي تستهدف الجميع؟.
امريكا تشيخ وتخسر الحروب وتنقلب على الحلفاء لكنها لن تفقد الوسائل والوسائط والقضايا والمسارح لمحاولة تأمين استمرار هيمنتها العالمية والقتال لمنع التراجع والاندثار.

 

*كاتب ومحلل سياسي لبناني

قد يعجبك ايضا