وكالة الصحافة اليمنية:
كشف إعلان الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، عمق التنسيق بين واشنطن وتل أبيب، حيث أكّدت المصادر السياسيّة في الدولة العبريّة، بحسب ما أكّدت وسائل الإعلام العبريّة، أنّ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، كان شريكًا في تحضير وترتيب كلمة ترامب عن “الإنجاز التاريخيّ”، كما ظهر واضحًا وجليًّا مدى التنسيق غير المُعلن بين إسرائيل والمملكة العربيّة السعوديّة، التي يُطلق عليها في كيان الاحتلال “قائدة الدول السُنيّة المُعتدلة” في هذه القضية، التي من غيرُ المُستبعد بتاتًا أنْ تكون الحلقة الأولى والعلنيّة والرسميّة لبدء “صفقة القرن” القاضية بتصفية القضية الفلسطينيّة نهائيًا.
وفي هذا السياق، استحضر المسؤولون الإسرائيليون المخزون الأيديولوجيّ الصهيونيّ في العلاقة مع القدس وفلسطين، وأضفوا أبعادًا تاريخيّةً وإستراتيجيّةً على هذه المحطة المفصلية في حركة الصراع مع إسرائيل، وفي مواجهة الشعب الفلسطينيّ، وانبرى وزير المعارف المُتطرّف نفتالي بينيت ليقول إنّ كلمة “القدس″، لم ترد حتى ولو مرّةً واحدةً في القرآن الكريم، وذلك بهدف تعزيز الرواية الصهيونيّة الكاذبة في سلب ونهب فلسطين، والقائمة على التلمود والتوراة.
وكان بارزًا ولافتًا جدًا أنّه لم يكُن هناك تباين في إسرائيل، في الموقف من الاعتراف الأمريكيّ بالقدس، بين يمين ويسار، ولا بين علمانيين ومتدينين صهاينة، وإنمّا كان هناك موقف موحد في المضمون والمفردات. ولا يتعارض ذلك، مع وجود تباينات تتعلق بتقدير مفاعيل هذه الخطوة وتداعياتها على الساحتين الفلسطينية والإقليميّة، حيث كانت صحيفة (هآرتس) العبريّة، وهي صهيونيّة بامتياز، وسيلة الإعلام الوحيدة التي حذّرت من تبعات وتداعيات الاعتراف، وطالبت في افتتاحيتها بالاعتراف بالقدس عاصمةٍ لإسرائيل ولفلسطين على حدٍّ سواء، في حين قال مُحلّلها في واشنطن، حيمي شاليف، إنّ الاعتراف الأمريكيّ سيجلب المزيد من سفك الدماء، ولذلك نحن لسنا بحاجةٍ إليه، على حدّ تعبيره.
واعتبر رئيس الدولة رؤوبين ريفلين أنّ هذه الخطوة محطة تأسيسية لحقّ الشعب اليهوديّ، ورأى أنّها أجمل هدية لإسرائيل في الذكرى السبعين لإقامتها، وفي الذكرى الخمسين لاحتلال القدس في العام 1967. وفي السياق نفسه، وصف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو القرار بأنّه محطة هامّة في تاريخ القدس، وإعلان تاريخيّ، يعترف بحقائق تاريخية، واستحضر الأبعاد التاريخية والدينية لموقف الرئيس الأمريكيّ في سياق التوظيف الصهيوني. ولم يتأخر في توظيف الموقف الأميركي في سياقه التسووي، كاشفًا عن أنّ هذا الموقف سيتحوّل إلى سقفٍ يُلزم الفلسطينيين بمواصلة التسوية انطلاقًا من التسليم به، وهو ما برز في كلامه الذي أكّد فيه أنّه لن يكون هناك سلام من دون الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
على خطٍ موازٍ، حاول نتنياهو أيضًا احتواء حالة الغضب التي تسود الشارع الفلسطينيّ، بالقول إنّ إسرائيل ستُحافظ على الوضع الراهن في القدس، وفي الحرم، وعلى حرية العبادة التامة لكلّ الأديان، وتوجّه إلى الرئيس ترامب بالقول: سيدي الرئيس، التاريخ والشعب اليهودي سيذكران دائمًا قرارك الشجاع في هذا اليوم، فشكرًا لك.
من ناحيته، استبعد وزير الاستخبارات يسرائيل كاتس، أنْ يكون للسعودية ردود فعل سلبية تؤثر على تحالفها مع إسرائيل. وأكّد أن الرياض تدعم المصالح المشتركة مع تل أبيب في مواجهة إيران، وهي تحتاج في هذا المجال إلى إسرائيل، بنسبة لا تقل عن العكس.
بالإضافة إلى ذلك، لفت وزير الاستخبارات إلى أنّ ترامب أجرى سلسلة اتصالات مع الزعماء العرب، قبل إعلان قراره، مشيراً إلى أن هناك فرقًا بين الإعراب عن موقفٍ معارضٍ، وبين توجيه رسالة كسر أوان، في إشارة إلى استبعاده ردود فعل جدية تتجاوز التقديرات السائدة في واشنطن وتل أبيب، وقواعد اللعبة.
وبما أنّ الرئيس ترامب أعلن قراره بعد هذه الاتصالات فهو يعكس، بحسب كاتس، أنّه لم يتلق مثل هذه الرسائل (كسر الأواني) من الزعماء العرب الذين يعتمدون كثيرًا في هذه الأيام على السياسة الأمريكيّة ويحتاجون إلى الأمريكيين، وأيضًا إلى إسرائيل، في مواجهة إيران. وأضاف كاتس أنّه لا يوجد في العالم العربيّ في الدول الرائدة، نفس الحماسة التي نسمعها في الجانب الفلسطيني ولا لدى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أوْ لدى كلّ محور الإخوان المسلمين، وهذا ليس عن طريق الصدفة، بحسب قوله.
واعتبر المُحلّلون للشؤون السياسيّة في تل أبيب أنّ إعلان ترامب هو إنجاز تاريخيّ بالنسبة لنتنياهو سيصرف الأنظار عن تورّطه في قضايا الفساد، ومن جهةٍ أخرى، نقل مُحلّل الشؤون العسكريّة في صحيفة (هآرتس)، عاموس هارئيل، عن مصادر أمنيّة رفيعةٍ في تل أبيب قولها إنّ قوّة وشدّة الردّ الفلسطينيّ أوْ عدمهما، ستظهر غدًا بعد صلاة الجمعة، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ الفلسطينيين على قناعةٍ تامّةٍ بأنّهم ليسوا قادرين على إقناع ترامب بالانسحاب من قرار الاعتراف، على حدّ قوله.