تحقيق خاص// وكالة الصحافة اليمنية //
بلد صحراوي كالسعودية يستورد ” السَلَطَة / الخس ” يصدر منتجات زراعية وبذور ” بطاطس، ثوم، فواكه ، أسمدة” لبلد زراعي يمتلك مناخات ومواسم متعددة كاليمن!!.
ألا يدعونا كل ذلك للتأمل واعتبارها قضية تستوجب المناقشة والخروج بحلول عملية ومعالجات للمشكلة قبل أن تتحول إلى كارثة يصعب معالجتها.
مؤخراً تم إحباط محاولتي تهريب وتزوير بذور البطاطس الى اليمن ، ويستخدم المهربون اساليب احترافية من خلال نزع الأكياس والكروت التعريفية الخاصة بالبذور الممنوعة والمهربة، واستبدالها بكروت وأكياس تعريفية لبذور مصرح لها تركز على كيفية الإضرار بالجانب الزراعي.
احدى النيابات العامة تشكل غطاءً على المهربين ، افرجت عن بذور مهربة بموجب تصريح حصل عليه المهرب من جهة معنية ، ولم تلتفت النيابة الى نصوص القانون التي خالفها المهرب. فتكررت عملية التهريب تحت هذا الغطاء.
إدخال عدد من أصناف “بذور البطاطس” غير مأمونة والمجهولة المصدر والتي لا تخضع للمواصفات ومعايير الجودة، تباع بالعلن في الأسواق اليمنية ، دون رقابة رغم ما يترتب على بيعها وترويجها من نتائج عكسية على الأمن الغذائي، وهو ما كبد المزارعين اليمنيين خسائر فادحة، والأهم من ذلك كله قد تتعرض التربة والمحاصيل الزراعية لأمراض بكتيرية وفيروسية وآفات حشرية خطيرة جداً، يصعب مكافحتها والسيطرة عليها بعد انتشارها، من حقل لآخر ومن محافظة لأخرى.
انطلاقاً من المهنية والمسؤولية الوطنية..” لوكالة الصحافة اليمنية” تناولت الأسباب التي تقف خلف هذه الظاهرة وابرز الحلول، وتدق ناقوس الخطر للعمل الجاد قبل أن أن يصعب السيطرة عليها.
نضعها على طاولة حكومة ” بن حبتور” بمخاطرها المستقبلية، وانعكاسها على الأمن الغذائي والاقتصاد الوطني.
حرب صامتة تستهدف اليمن
قديما كان التهريب يعرف بأنه التحايل على القانون من قبل اشخاص يقومون باستيراد سلع مشروعة، لكنهم يسلكون طرقاً غير مشروعة هروباً أو تهرباً من دفع الجمركية المستحقة للدولة.
لكن التهريب اليوم أصبح بحد ذاته يمثل حرباً صامتة تحول فيها المهربون وبعض التجار والمسوقون إلى أدوات تنفذ سيناريوهات ومخططات تستهدف تدمير الدولة أرضاً وإنساناً وكيانها السياسي الاقتصادي.
التهريب اليوم لم يعد يتوقف عند حدود التهرب عن دفع الرسوم الجمركية وإدخال سلع تجارية بتكاليف أقل لتنافس سلعاً خضعت للشروط والمعايير القانونية قبل وصولها إلى الأسواق بل تعداه لما هو أبعد وأخطر، وأصبح يمثل السلاح الأشد فتكاً والأخطر تدميراً بل والطريقة الأسهل لاستهداف الشعوب والمجتمعات.
وبإجراء مسح ميداني سريع للأسواق اليمنية، يمكننا الخروج بالكثير من النتائج المؤلمة التي تؤكد أن الكثير من السلع التي يتم تداولها والترويج لها تمثل امتداداً لما يتعرض له الشعب اليمني من استهداف منتجات غذائية، أدوية، ومستلزمات طبية، مبيدات، بذور وأسمدة، أجهزة منزلية وحتى لعب الأطفال.
لكل سلعة حكاية، ولكل سلعة هدف مرتبط ارتباطاً مباشراً بسيناريوهات المؤامرة والاستهداف الذي خططت له وتديره دول وحكومات، وأوكلت إلينا من خلال ضعاف النفوس -مهمة تنفيذ حربها القذرة على أوسع نطاق.
استثمار النجاحات
الرئيس صالح الصماد رئيس المجلس السياسي الأعلى وفي افتتاح المهرجان الزراعي الأول للبطاطس الذي تم تنظيمه بمناسبة الذكرى الأربعين لتأسيس الشركة العامة لإنتاج بذور البطاطس ، أكد على أهمية أن تستمر الشركة في نجاحها، وأن تقوم وزارة الزراعة بدورها الحيوي ، والاهتمام بتطوير المجالات الحيوية الأخرى بإكثار بذور الحبوب والأصناف الزراعية اليمنية وصولاً إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي من المنتج المحلي والبذور المحلية.
أهمية غذائية
محصول زراعة البطاطس يتصدر الأهمية الاقتصادية والغذائية في اليمن، تنوعت وتعددت زراعة مختلف الأصناف التي تزيد عن 15 صنف من محصول البطاطس المعتمد في اليمن ، وبمساحة تزيد عن 22 ألف هكتار، وبإنتاجية أكثر من 300 ألف طن سنوياً ،.
خسائر فادحة
مثلت زراعة البذور ( غير المأمونة) بالنسبة للمزارع اليمني قلقاً جراء الخسائر الفادحة، انخفضت كمية الانتاج في مواسم متعددة لدى الكثير منهم في المحافظات.
المزارع // رفيق علي الصباري // من أبرز مزارعي منطقة (ماور ـ رعين) مديرية يريم بمحافظة إب تحدث “لوكالة الصحافة اليمنية” باستياء شديد من وزارة الزراعة لعدم القيام بواجبها في الرقابة على مستوردات البذور التي تدخل البلاد ومن التجار أنفسهم ممن تم منحهم تصاريح الاستيراد.
مستغرباً تناقض الوزارة في أداء مهامها وواجباتها، والتي تدرك أن هناك جهة حكومية معتمدة في شراء تلك البذور وتوزيعها على المزارعين من جهة، ومنح التجار تصاريح استيراد بذور البطاطس من جهة أخرى، من خلالهم جاءت البذور المغشوشة والغير مأمونة والتي لا تلائم زراعتها في بلادنا.
ويشكو عن معاناة المزارعين وخداعهم بشراء البذور الغير متجانس إنباتها وتعفن البذرة في التربة، ومنها غير مُجدٍ زراعتها لضعف الانتاج و لا تغطي تكاليف الديزل والري والجهود التي نبدلها في المزارع.
الأرض والإنتاج
عن مخاطر شراء البذور الغير معروفة تحدث رئيس اللجنة الفنية – ورئيس قسم مراقبة الجودة بالشركة العامة لإنتاج بذور البطاطس / المهندس الزراعي / خليل عبدالوارث ” لوكالة الصحافة اليمنية” أن هناك بذور بطاطس وتقاوي تدخل البلاد بطرق عشوائية دون معرفة مصدرها ونوعية الأصناف، دون أي دور للرقابة الفنية، لها تأثيرات على الإنتاج والأرض الزراعية ويهدد مستقبل الإنتاج الوطني للمحصول.
يعود ذلك لانعدام الضمير والأخلاق الوطنية والوازع الديني في محاولة تحقيق الكسب والأرباح على حساب تدمير الأمن الغذائي الزراعي في اليمن.
حلقة وصل
ويسهم التسويق الزراعي الميداني وبشكل كبير في صعوبة انتقاء البذور الآمنة وذات المواصفات والجودة بين المزارعين انفسهم.
في هذا تحدث مدير إدارة التسويق بشركة انتاج بذور البطاطس // عادل حُميد “لوكالة الصحافة اليمنية” عن أهمية التسويق والتوعية وتنظيم اللقاءات التعريفية للمزارعين والتوضيح بمخاطر البذور الغير مأمونة ، وتقديم خدمات الإرشاد الزراعي المتعدد، وتعريف المزارع بالأنواع والأصناف، والمعايير الخاصة والمحددة لزراعة مساحة معينة.
الشركة العامة لإنتاج بذور البطاطس تقوم بالتعاقد سنوياً مع العديد من المزارعين وفي مناطق مختارة بغرض زراعة تقاوي البطاط، وإنتاج البذور لتبقى تحت إشرافها ومتابعتها وبما يضمن خلوها من الأمراض التي تصيب المحصول، وتكون مطابقة للمعايير والمواصفات وتعيد بيعها للمزارعين.
لا يجب السكوت
الإرشاد والإعلام الزراعي أسهم كثيراً في مجال التوعية المباشرة للمزارعين عبر البرامج والفلاشات التوعوية، في مختلف وسائل الإعلام المختلفة.
مدير عام الإرشاد والإعلام الزراعي الاستاذ ماجد هاشم المتوكل في حديثه ” لوكالة الصحافة اليمنية” ارجع المشكلة الى عدم وعي المزارع نفسه، ولعدم وجود التكامل بين الجهات المعنية في الحد من ظاهرة تهريب البذور وهذا يعد من أهم الأسباب.
إدخال أصناف وبذور غير مأمونة، تعد كارثة لا يجب السكوت عنها، تندرج ضمن القضايا المهددة للأمن القومي وللأمن الغذائي معاً.
تهديد مباشر
شحنات تم ضبطها وأصناف بذور البطاطس مجهولة وغير معروفة، ولأول مرة تدخل اليمن، ومن شركات غير معتمدة، ولا تلائم زراعتها في بلادنا.
مدير مكتب الزراعة والري بمحافطة ذمار – المهندس / هلال الجشاري اعتبر ذلك تهديداً مباشراً لمستقبل الزراعة، وحذر عبر “وكالة الصحافة اليمنية ” من دخول أصناف بذور البطاطس التي لا تطابق المواصفات والجودة إذ تمثل تهديداً مباشر للإنتاج الزراعي وللأمن القومي والغذائي والاقتصاد الوطني خلال المرحلة القادمة.
ايضاً تم إحباط محاولتي تهريب وتزوير بذور البطاطس عبر تغيير أكياس وكروت تعريفية خاصة بالبذور الممنوعة والمهربة، بكروت وأكياس تعريفية لبذور مصرح لها تركز على كيفية الإضرار بالجانب الزراعي.
غير مطابقة
التهريب يمثل طعنة في ظهر الاقتصاد الوطني والأمن الغذائي ، مدير الإدارة العامة لوقاية النبات بوزارة الزراعة اليمنية المهندس / عبدالله السياني كشف لـ ” وكالة الصحافة اليمنية ” أن بعض التجار والمستوردين يتجه إلى مدينة عدن من أجل استخراج التصاريح باستيراد بذور وتقاوي البطاط، وهذا ما قام به الزملاء في عدن بإصدار تصاريح والافراج عن شحنات دون التحقق والتأكد من سلامتها ودون العودة للمختبر المركزي في صنعاء.
وهناك اصناف غير مطابقة للمواصفات وتهدد الامن الغذائي، وتحتوي على الآفات والحشرات التي يصعب السيطرة عليها مستقبلاً وتهدد اهم محصول غذائي وهو محصول البطاط.
لابد من توفير البنية التحتية للحجر النباتي في المنافذ التي تعتبر خط الدفاع الأول من اجل معالجة التهريب ودخول البذور الغير مأمونة
– من جهته يرى مدير إدارة الحجر النباتي بالإدارة العامة لوقاية النبات / المهندس جميل سلام ، أنه ومن أجل حماية البذور والمحاصيل وحفاظاً على الأمن الغذائي، لابد من توفير البنية التحتية للحجر النباتي في المنافذ التي تعتبر خط الدفاع الأول من اجل معالجة التهريب ودخول البذور الغير مأمونة، باعتبار أن مهام الحجر النباتي فني بالدرجة الأولى لمعرفة وفحص البذور التي قد تحمل أمراض زراعية متعددة ناتجة عن الاستيراد العشوائي.
وعلى وزارة الزراعة أن تقوم بدورها فيما يخص تدخل بعض الجهات المختلفة، وخصوصاً بالأعمال الفنية تجاه أي بذور أو منتجات غير صالحة وغير مرخصة، حين تقوم تلك الجهات بالتدخل وتجاوز الجوانب الفنية ويتم الإفراج عن الكثير من البذور أو المبيدات دون الرجوع للجهات الفنية ودون وعياً أو إدراك لعواقب ما تقوم به فقط أنها تستند على البيانات الجمركية التي يتم منحها قبل الإجراءات الفنية من وزارعة الزراعة والري.
أسباب جوهرية
عدد المتداولين للبذور والمخصبات ارتفع من 40 جهة في عام 2008م، إلى أكثر من 208 جهة في العام الحالي 2017م.
هذا ما أوضحه مدير الإدارة العامة للرقابة على جودة مدخلات الإنتاج بوزارة الزراعة المهندس / أبوبكر الحكيم في حديثه لـ”وكالة الصحافة اليمنية” أن بعض الأسباب الجوهرية في تهريب مختلف البذور يعود للانفلات الأمني والرقابي في المحافظات التي تقع فيها المنافذ، بالإضافة لعدم قدرة العاملين في هذا المجال على تغطية الاحتياج الفعلي للمزارعين.
وأهم تلك الاسباب هو استكمال الاجراءات الجمركية دون الرجوع إلى الجهات المختصة بوزارة الزراعة والري.
وتوجد ثلاث جهات تقوم باستيراد وانتاج وتداول بذور البطاطس رسميا ولكن هذه الجهات لا تغطي حاجة البلاد مما دفع بالمهربين الى ادخال كميات من البذور بطرق غير رسمية.
وقال الحكيم إن العام الماضي تم ضبط كمية كبيرة من بذور البطاطس الغير مأمونة في محافظة ذمار، وقامت النيابة هناك بالإفراج عنها مستندة على البيان الجمركي فقط ولم يتم العمل بأي نص من نصوص قانون الحجر النباتي.
وهكذا نفس الجهة قامت بإدخال كمية أخرى من بذور البطاطس هذا العام وبطريقة غير رسمية وتجاوزت بسهولة ويسر جميع النقاط الامنية دخولاً إلى مدينة ذمار وخروجاً منها الى يريم.
ليس آخر الكلام
في نهاية هذا الملف.. يضع العديد ممن التقتهم ” وكالة الصحافة اليمنية ” جزء من الحلول التي يجب تطبيقها.. حيث يطالب المزارعون من وزارة الزراعة القيام بمسؤوليتها الوطنية، بضرورة تفعيل دورها الرقابي على المستوردين، حتى لا يكون بيع بذور البطاطس مثل المبيدات الزراعية مجهولة المصادر والتي كبدت الزراعة والاقتصاد الوطني خسائر فادحة.