المصدر الأول لاخبار اليمن

ما الذي ينتظر العالم مع ترامب الثاني؟

تحليل/د.ميخائيل عوض/وكالة الصحافة اليمنية//

 

ترامب الثاني ظاهرة نشأت وتطورت في امريكا الدولة المصنعة التي اعدت اداراتها وبنيتها ونظامها العام على قياس الشركات وتحكمها الشركات وحكومتها العالمية الخفية وقد استثمرت فيها وبلغت زمن الهيمنة العالمية وحاولت تنميط الحياة البشرية على وجه الكوكب بأنماطها وطبقا لمصالحها فبلغت وقاحتها محاولة تغير الجنس البشري واشاعة الشذوذ وهتك المحرمات والقيم.

 

الرأسمالية تخلق حفاري قبرها

ان تنتج امريكا وهي مهيمنة عالميا وتحكمها الشركات ظاهرة ترامبية بروحها القومية والدولتيه بذاتها حدث نوعي ومقرر في مستقبلها ومستقبل العالم.

فترامب خرج من رحم المجتمع الامريكي متمردا على الدولة وحكومة الشركات ونظامها ومؤسساتها التي صممتها الشركات.

الظاهرة الترامبية تؤكد مقولة الاجداد؛ دود الخل منه وفيه.

وتعيد صياغة مبدأ؛ ان الرأسمالية تخلق حفاري قبرها بيدها.

ترامب الاول كان رد فعل عفوي تلقائي متمرد بطيش على السيستم ومن خارجه وتلبية لحاجات الجغرافية وللتعبير عن رغبة الأزمنة بالانتقال بالبشرية من عصر الى اخر. فالعصر الحضاري الثاني الذي تأسس مع معاهدة وستفاليا واطلق يد الرأسمالية بنموذجها الانجلو ساكسوني وسادت قد استنفذ صلاحياته وبات هرما ومتعجرفا وتوحش واصبح عبئا على البشرية وتقدمها.

الحاجة لنظام جديد

في الترامبية يقول الزمن كلمته؛ فالدولة السيستم الذي بلغ من العمر ٢٤٨ عاما وقامت على ابادة الاقوام الاصلية وثم تطهرت بحرب التحرير والحرب الاهلية اكتمل عقدها ويفرض زمنها المديد الحاجة لامتلاك هوية جمعية انسانية لا العيش في كانتونات مغلقة وكمبات وانماط حياة تصممها وتفرضها الشركات ولصالحها فتولدت الحاجة لظاهرة قومية تحاول تجسيد الهوية الانسانية الجمعية بما هي حاجة روحية ومادية للبشر الذين عاشوا وتفاعلوا وتوالدوا واستمروا زمن ال٢٤٨ سنة. واللافت انها ظاهرة انبثقت في زمن العولمة والشبكات والعالم الافتراضي وفي زمن الحرب العدوانية والمتوحشة التي تديرها وتقودها حكومة الشركات على القومية والدولتيه والهويات الجمعية بل على الاديان والقيم والافكار والتقاليد. فالشركات تسعى لجعل البشر مجرد جموع غوغائية قطعان هائمة بلا ارادات او قيم لهم فقط ان يكونوا ادوات انتاج وافواه استهلاك بلا اية معيقات او عوائق وحواجز ذهنية او مادية وجغرافية.

 

نواميس الحياة الجبرية

امريكا التي تأسست كنظام وعلى قواعد انظمة الشركات وهي تحارب في طول الكرة الارضية وعرضها لتدمير الاديان والقيم والدولتيه والقومية ومفاهيم الامة ودولتها وقيمها تنتج في قلبها ظاهرة قومية بشعارات واضحة داعية لدولة الامة وتحقيق مصالحها ولتجسيد الهوية الجمعية وتصطدم مع دولة الشركات حدث عبقري وغير مسبوق ويؤكد حقائق الأزمنة والجغرافية وقوة الحاجات المادية والقيمية التي تفرض نفسها عنوة وبقوة القانون الموضوعي ونواميس الحياة الجبرية.

اعادة صياغة الحياة الأمريكية

هكذا يجب ان تفهم الظاهرة الترامبية واهميتها ومشروعيتها وقيمتها التاريخية الاستثنائية وما ستطلقه في امريكا نفسها وفي اعادة صياغتها وتغير بنيتها حديا وما ستتركه من اثار وتحولات على الصعيد العالمي والانساني برمته وعلى عموم الكرة الارضية والبشر فتسهم نوعيا في تسريع ولادة العالم الجديد الذي طال انتظاره وطال مخاضه وادمى البشرية بالحروب والتدمير والابادة على ما فعلته حكومة الشركات مستخدمة امريكا و باسمها في افغانستان والعراق وسورية وليبيا واليمن وافريقيا وفلسطين ولبنان وما تسعى اليه في اوكرانيا واوروبا.

 

التوزنات العالمية في طريق التغيير 

ان تعود الترامبية وتنتصر في الانتخابات الأمريكية على يد ترامب الثاني بعد عراك وصراع حاد منذ ٢٠١٥ وترشيح ترامب للرئاسة من خارج النص والسياق وبعد ان اقصي من البيت الابيض لأربعة سنوات وجرت محاولات تصفيته وتصفية ظاهرته بالقضاء وبالاغتيال وبالتزوير والتآمر.

ان تنتصر الترامبية على يد ترامب الثاني فيقودها محاربا مختبرا مجربا ومقاتلا شرسا عارفا طريقه ساعيا لأهدافه وقد اعد قوته وجيشه على عكس ترامب الاول..

امريكا التي نعرفها ستدفن ولن نشتاق اليها ويعني ان امريكا جديدة مختلفة تجري صياغتها بصعوبة وكفاحية وازمات ويعني ان التوازنات العالمية والتطورات ستختلف جوهريا عما كانته قبل.

نشوء وانتصار الترامبية كحركة قومية تنشد وترفع شعارات الامة الامريكية اولا وعلى حساب حكومة ودولة الشركات يعني ان التاريخ يصحح مساراته ويعود الى جادة الصواب فكي تقوم امميه واعيه عادلة يجب ان تتحرر كل امه على حدا فلتستعد الامم التي حرمت من وحدتها ومن دولتها الوطنية لاستعادة مشروعها والنهوض قبل ان تدوسها الاقدام ويجاوزها الزمن والتطور.

ترامب الثاني محارب عاقل مختبر ومجرب ويقود لاستعادة القومية العصرية ومشروع الامة وحقوقها بالتساوق والانسجام مع قيم وحقائق وحاجات الأزمنة والعصر قومية عصرية لتعيش يجب ان تكون تفاعلية غير محتربة ولا عنصرية.

زمن الامم والشعوب يعود اصيلا..

 

*كاتب ومحلل سياسي لبناني

قد يعجبك ايضا