الخليج//وكالة الصحافة اليمنية//
مع إعلان تركيا توجهها نحو التعامل بعملتها المحلية، لتجاوز أزمة العملة الصعبة التي تواجهها مؤخرا وتسببت في أزمة اقتصادية كبيرة، بدأ بعض الاقتصاديين يطرحون تساؤلات حول إمكانية أن تحذو دول أخرى حذو تركيا، ولا سيما دول مجلس التعاون الخليجي، ثالث أكبر الكيانات الاقتصادية في العالم.
واستبعد عضو الهيئة الاستشارية لدول مجلس التعاون الخليجي والعضو السابق بمجلس الشوري السعودي، الدكتور عبدالعزيز بن نايف العريعر، أن تلجأ دول مجلس التعاون الخليجي إلى انتهاج النهج التركي، موضحا أن عملة هذه الدول قوية وثابتة، ومربوطة بالدولار ولكن مستندة لجدار قوي.
وقال بن نايف العريعر، في تصريحات لـ”سبوتنيك” اليوم الثلاثاء 14 أغسطس/ آب، إن استعمال أي عملة يعتمد على ربطها بعملة قوية، أو بالذهب، ودول مجلس التعاون الخليجي لا تعاني من مشكلة حاليا، حيث أن جميع عملاتها مربوطة بالدولار بنسب مختلفة لكل دولة، ولكنها لا تعاني مشكلة بالنسبة للتحويلات أو وجود إمكانية تحويل عملاتها لعملات عالمية، لأن عملاتنا المحلية قوية.
وأضاف “لا أرى أن هناك حاجة إلى لجوء دول مجلس التعاون إلى استخدام عملة محلية مهما كانت هذه العملة، لأن جميع العملات المحلية الخليجية هي عملات قوية سواء كانت الريال أو الدينار أو الدرهم، وكلها مربوطة بالدولار، فمسمى العملة لا يهم، المهم هو قوة هذه العملة وقبولها، ولا يمكن قبول عملة في العالم إلا إذا كانت هناك ثقة فيها”.
وتابع “أي عملة تستمد قوتها من قوة اقتصاد الدولة التي تقف خلفها، وعملة الولايات المتحدة الأمريكية مقبولة عالميا لأن الدولة متنوعة اقتصاديا، فهي أكبر دولة زراعية وأكبر دولة صناعية وأكبر دولة سياحية، وتدخل في مجالات أخرى في التقنية والصناعة، وبالتالي عملتها مقبولة عالميا، حتى أن الصين — صاحبة أكبر احتياطي من الدولار في العالم — تطلب التعامل بالدولار وليس اليوان”.
وعن الأزمة في تركيا، قال العريعر إن الأزمة هناك إن الدولة بنت اقتصادها على أموال المستثمرين الأجانب، وعندما تهتز الثقة في الاقتصاد تهرب أموال المستثمرين للخارج، كما حدث في ماليزيا في التسعينيات، عندما اهتزت الثقة هربت الأموال الأجنبية من الاستثمارات في البورصة وغيرها من المجالات الاقتصادية، وعندها منع مهاتير محمد التحويلات وأقصى الخطوات للمحافظة على اقتصاد وعملة بلاده.
ولفت عضو الهيئة الاستشارية لمجلس التعاون الخليجي، إلى أن تركيا هي السبب فيما جرى لها، فمواقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وتوريط نفسه في مشاكل لا دخل له فيها، هو ما أجبر العالم على التخلي عن الليرة، وأدى لهروب أموال المستثمرين الأجانب الذين بنى عليهم اقتصاده.
وأردف “الحل بالنسبة لتركيا ليس أن يربط الرئيس أردوغان عملة بلاده بعملات أخرى مثل الروبل، وإنما الحل أن يعيد الثقة في اقتصاد بلاده، وتنويع الاقتصاد وعدم الاعتماد الكلي على المستثمرين الأجانب، الذين وجهت الحكومة استثماراتهم إلى مجالات غير مجدية مثل الاستثمارات العقارية والبنية التحتية، وهي كلها أمور لا تدر دخلا على الحكومة التركية”.
وفي المقابل، قال الخبير الاقتصادي محمد عبدالجواد إنه في حالة رغبة أي من دول الخليج في استخدام عملتها المحلية فإن الأمر قد يفشل، لوجود منافسة نفطية قوية أولا، وثانيا لأن كثير من اقتصاديات هذه الدول مرتبط بالولايات المتحدة الأمريكية وعملتها بشكل مباشر، وهو ارتباط من الصعب جدا فضه.
وأكد الخبير الاقتصادي، في تصريحات لـ”سبوتنيك”، أن صعوبة الأمر سببها أن التوجه قد يكون فرديا، ولكن في حالة رغبة دول مجلس التعاون الخليجي في ابتكار عملة موحدة يتم استخدامها داخل هذه الدول، فإن هذا الإجراء قد يحقق تقدما غير مسبوق لهذه الدول، يجعلها من مصاف دول العالم الأول.
وأضاف عبدالجواد “الدول الأوروبية تمكنت من توحيد نفسها تحت راية واحدة، وهي مجلس الاتحاد الأوروبي، الذي يضم أكثر من 42 لغة وعديد من الديانات والتوجهات السياسية المختلفة، بالإضافة إلى ملكيات وجمهوريات، ومع ذلك أصبحت لها عملتها الخاصة، التي تنافس الدولار وكثيرا ما تتفوق عليها”.
وتابع “فلنقل إن دول مجلس التعاون الخليجي قررت أن تعمم عملة موحدة في جميع أقطارها، ولنقل إن هذه العملة هي الدينار الخليجي، في هذه الحالة سوف تكون هذه العملة الموحدة قوة اقتصادية ضاربة، قد تجعل الدولار يرتجف أمامها وتتفوق عليه، خاصة أن جزء من قوة اقتصاد بعض الدول الغربية يتوقف على نفط الخليج”.