تقرير: وكالة الصحافة اليمنية
دعا رئيس حركة “النهضة” التونسية الشريكة في الحكومة، راشد الغنوشي، إلى حوار جدي بين القوى التونسية بشأن الخلاف الراهن حول مسودة قانون المساواة في الميراث بين المرأة والرجل ومضمون تقرير الحريات والمساواة الذي أصدرته قبل شهر لجنة شكلها الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي في أغسطس 2017.
وقال الغنوشي في رسالة نشرها اليوم الخميس في الذكرى الخامسة للتوافق السياسي، ولقاء باريس بينه وبين الرئيس السبسي في أغسطس 2013 “أجدد دعوة كل الأطراف إلى معالجة الاختلافات حول هذا الموضوع في إطار الحوار والبحث عن الحلول المعقولة سياسيا والمقبول ة دستوريا في كنف الاحترام الكامل للمؤسسات، والنأي بوطننا عن كل ما من شأنه أن يعيق مسار انتقاله الديمقراطي ونحن على مشارف سنة انتخابية هامة”.
وحذر الغنوشي من خطورة “الوضع الاجتماعي والاقتصادي الذي يحتاج حوكمة رشيدة وعادلة ومستقرة وناجعة في معالجة مشاكل الناس قبل تحولها إلى أزمات مستفحلة، وفِي مواجهة إرهاب متربص يرى تونس باعتبارها نموذجا للتعايش بين الإسلام والديمقراطية خطرا على استراتيجيته التكفيرية الإجرامية الشريرة”، مشيرا إلى أن حزبه ،”منفتح على كل الحلول عبر الحوار الجاد بحثا عن التوافقات الضرورية”.
وكان الرئيس السبسي قد أعلن الاثنين الماضي عن إحالته إلى مجلس النواب مسودة قانون حول المساواة في الميراث بين المرأة والرجل، ودعا حركة النهضة ذات التوجه الإسلامي والتي تحوز على أكبر كتلة في البرلمان بـ68 نائبا من مجموع 217 نائبا في مجلس النواب، للتصويت على المشروع وعدم تعطيله”.
وسبق إعلان السبسي مسيرة للقوى المدنية والدينية الرافضة للمشروع، وأعقبه مسيرة مؤيدة له ولمقترح الرئيس السبسي من قبل القوى الحداثية والعلمانية.
وأوضخ رئيس كبرى الأحزاب الإسلامية في تونس أن “الديمقراطية الناشئة لها مقتضياتها، فتونس لا يمكن أن تُحكم في تقديرنا بمنطق الأغلبية والأقلية وأن نتيجة الصندوق لا يجب أن تتنافى مع ضرورة الحفاظ على إمكانية التوافق على منظومة حكم مستقرة”.
واعتبر رئيس حركة النهضة أن التوافق السياسي لا ينفصل “عن التوافق الاجتماعي والمجتمعي”، ودعا إلى “إعادة الاعتبار لثقافة العمل والإنتاج والمبادرة باعتباره السبيل لتنمية الثروة الوطنية والتقليص من الحاجة إلى التداين، وتحسين المقدرة الشرائية للإجراء في تناسب مع إمكانيات الدولة والقطاع الخاص، ودعم المؤسسة الاقتصادية وبذل الحوافز للمستثمرين التونسيين والأجانب لتشجيعهم على أحداث المشاريع وخلق مواطن الشغل وخاصة للشباب وأبناء المناطق الداخلية وإزالة كل معوقات الاستثمار”.
واعتبر الغنوشي أن تونس “نجحت في كتابة دستور الجمهورية الثانية وطوينا بانتخابات 2014 صفحة الحكم الانتقالي، لتحقق الديمقراطية أحد أبرز انتصاراتها بإجراء الانتخابات البلدية والشروع في تركيز أسس الحكم المحلي ليبقى الرهان الاقتصادي بكل تجلياته مشغلنا الذي لا يجب أن يغيب عنا في مرحلة تاريخية تترسخ فيها قدم وطننا تونس يوما بعد يوم في عالم الديمقراطية نموذجا ناجحا صامدا أمام الصعاب والمخاطر”، مشيرا إلى أن “الاستثمار في الديمقراطية والحريّة ومهما بدا مكلفا وشاقا فإنه أفضل من الرهان على الدكتاتورية التي قطعت معها بلادنا دون رجعة”.
وأضاف:”نحن على يقين بأن هذا الشعب العظيم الذي صنع ثورة عظيمة لا تزال مصدر الهام للشعوب المقهورة، وتمكن من المحافظة عليها وسط الأعاصير، وحولها ديمقراطية معاصرة عبر التوافق، قادر عبر العمل الناصب والإبداع والوحدة الوطنية، على أن يواصل مسيرته المظفرة، فيصنع نموذجا تنمويا راقيا يوفر الحياة الكريمة لكل الفئات والجهات”.
ودان الغنوشي ما وصفها “بحملات التشويه التي تدار بطريقة منهجية عبر ترويج الأكاذيب وبث الفتن والتحريض على الشخصيات السياسية والأحزاب ورموز الدولة وإطاراتها بما قد يعكس لدى البعض رغبة في العودة إلى أجواء الاحتقان والتشنج، وبالخصوص رئيس الدولة من ثلب وتهجم”، ودعا الغنوشي أجهزة الدولة إلى “التحرك ضمن القانون لضرب العابثين بالشبكات الاجتماعية، كما ندعو وسائل الإعلام إلى الانخراط في ميثاق وطني ضد العنف اللفظي وثقافة التشويه ونشر الأخبار الزائفة حتى تبقى حرية التعبير التي أهدتها الثورة لتونس عنوانا من عناوين الحرية والديمقراطية لا سببا للفوضى والتشرذم”.
ووصف الغنوشي لقاء باريس في أغسطس 2013 بينه وبين السبسي بأنه كان “منطلقا لمسار حمى البلاد من الفتنة والانقسام، وهيأ للثورة التونسية سبل النجاح لتواصل شق طريقها لطي صفحة الاستبداد والدكتاتورية بعد انهيار اغلب تجارب الربيع العربي”، مشيرا إلى أنه كان أيضا محطة “هيأت الظروف لمسار كامل من التوافق السياسي والمجتمعي فتح الأبواب أمام الاستجابة الشاملة لدعوة منظمات المجتمع المدني إلى الحوار الوطني وهيأ لحزبي النهضة والنداء سبل النجاح في قيادة الحياة السياسية نحو التهدئة بوجود حزبين كبيرين لهما قدرة على تأطير الشارع وإحلال التوازن الذي اختل بعد انتخابات أكتوبر 2011”.