المصدر الأول لاخبار اليمن

ماذا فعلت فواتير الكهرباء بالسعوديين ؟!

تقرير: وكالة الصحافة اليمنية “كم جاءت فاتورتك؟” سؤالٌ استبدله السعوديون بالسلام خلال الأسبوع الماضي الذي شهدَ توزيعَ فواتير استهلاك الكهرباء في شهر الذروة لأول مرة منذ بدء تطبيقِ تعرفة الكهرباء الجديدة، والتي حددت قيمة الكيلو واط الواحد بـ18 هللة، نحو بـ4.8 سنت أمريكي، لأول ستة آلاف كيلو واط، والضعف لأكثر من ذلك. ومع ارتفاعها الكبير، […]

تقرير: وكالة الصحافة اليمنية

“كم جاءت فاتورتك؟” سؤالٌ استبدله السعوديون بالسلام خلال الأسبوع الماضي الذي شهدَ توزيعَ فواتير استهلاك الكهرباء في شهر الذروة لأول مرة منذ بدء تطبيقِ تعرفة الكهرباء الجديدة، والتي حددت قيمة الكيلو واط الواحد بـ18 هللة، نحو بـ4.8 سنت أمريكي، لأول ستة آلاف كيلو واط، والضعف لأكثر من ذلك.
ومع ارتفاعها الكبير، تظل الفواتير أقلّ من التكلفة الحقيقية لإنتاج الكيلو واط الذي تتحمَّله الشركة، البالغِ بحسب بيانات سابقة لها نحو 80 هللة للكيلو واط الواحد، نحو ثلاثة دولارات أمريكية.
لأغلبية تشتكي من أن الفاتورةَ عالية جداً وأكثر بنحو 150% عن المعتاد، قبل إقرار الزيادة التي دخلت حيز التنفيذ قبل ثلاثة أشهر، وبلغت في المتوسط نحو 586 دولاراً أمريكياً، في بلدٍ يبلغ متوسط الرواتب فيها نحو 2600 دولارٍ، ما يعني أن فاتورة الكهرباء، تستحوذ على نحو 22% من المرتب الشهري.
أجّلت شركة الكهرباء إصدار الفواتير من يوم 28 يوليو الماضي إلى الأسبوع الثاني من شهر أغسطس، بسبب مشاكل تقنية كما أعلنت سابقاً وبدأت إصدار الفواتير على مدار الأسبوع الحالي.

شكوى واعتراض
عجّت مكاتب شركة الكهرباء بمئات المعترضين الذين تزاحموا أمام أبوابها، منهم عبد الرحمن العتيبي الساكنِ في شقة بأربع غرف، بلغت فاتورته 2250 ريالاً، وهي أكثر ثلاثةَ أضعافٍ عن المعتاد. يقول لرصيف22 “الفاتورة غير منطقية، لم تتجاوز في أيّ وقت 700 ريالٍ، فكيف تصل لهذا المبلغ؟ أنا متأكد أن ثمة خطأ، ولن أرتاح حتى يُصّحَّحَ”.
في سياق متصل، تساءل سعود المنيف، ذو العقد السادس من عمره، عن سبب صدور فاتورته بأكثر من 1800 ريالٍ في وقتٍ لا يوجد في منزله سوى ثلاثة أشخاص فقط.
جاهدَ المنيف كي يشرح لموظف الشركة أن الفاتورة غير صحيحة، لكن الأخير مزحومٌ بمئات الاعتراضات، فرفض الاستماع له، وطالبه بالعودة لمنزله للتأكد من رقم الاستهلاك الموجود على عداد الكهرباء الخاص به قبل أن يقدم شكوى رسمية.
يقول المنيف لرصيف22 “هذا مبلغ كبير جداً، لا أستطيع سداده. راتبي التقاعدي لا يتجاوز الأربعة آلاف ريال، كيف يمكن أن أسدد فاتورة تستهلك ثلث هذا المرتب الذي في الأساس لا يكفيني وعائلتي لنهاية الشهر؟” مضيفاً بعد برهةِ صمتٍ “عليِّ أن أختار بين شراء خروف العيد، وبين سداد الفاتورة، قد تكون المرة الأولى التي لا أستطيع أن أضحي فيها”.
حاول رصيف22 التواصل مع شركة الكهرباء، لكن وبعد يومي انتظارٍ، لم نلقَ أيّ تجاوب للتعليق. في المقابل يؤكد المختص في شؤون الطاقة، الدكتور عبد السلام اليماني أن شركة الكهرباء باتت مطالبةً بمراجعة تعرفتها الجديدة، لأنها فوق احتمال المستهلكين.
يضيف لرصيف22 “نحن بلدٌ صحراويّ حار، لا يمكن البقاء دون تكييف في الفصول شديدة الحرارة. شاهدنا كيف خفضت شركة كهرباء في كوريا الجنوبية الأسعار 10% بسبب حرارة الجو، بينما تزيد شركتنا الأسعار مستغلةً فترة الصيف لتحقيق الأرباح على حساب المواطنين”.
يشدّد اليماني على أن الحل هو مراجعة التعرفة، كي تكون متوازنةً مع معدل الرواتب، مشيراً إلى أن المشكلة “أننا أمام شركة تحتكر السوق، لا يوجد لها منافس، ولا يمكن الاستغناء عن سلعتها، ولهذا، الخيار هو الدفع أو الموت حراً”.
الرفض لم يكن فقط لفواتير مرتفعة، لكن لقيام الشركة السعودية للكهرباء بإدراج جميع عملائها في برنامج (تيسير)، المكلفِ بأخذُ المعدل السنوي للاستهلاك ليكون ثابتاً طوال العام. تم ذلك دون موافقة العملاء الذين باتوا مجبرين على دفع قيمة فواتير الصيف في الشتاء، دون موافقتهم.

استهلاك مرتفع
منذ أن اهتزت أسعار النفط في منتصف عام 2014، بدأت الدول الخليجية في خططٍ لتحرير أسعار الطاقة، ورفع الدعم عنها بشكل جزئي، سعياً لتوازنٍ أكبر بين التكلفة الحقيقة لإنتاج الكهرباء، وقيمة الفواتير.
يبلغ متوسط الاستهلاك الطبيعي لشقة متوسطة الحجم بثلاث غرف في السعودية خلال أشهر الصيف الحارة، نحو 6000 كيلو واط، أي ما يعادل فاتورة بقيمة 320 دولاراً أمريكياً.
الاستهلاك ذاته في الكويت، الواقعةِ شمال السعودية وأكثر حرارة، يكلف نحو 146 دولاراً أمريكياً، غير أن الفاتورة تتضاعف بنسبة 150 ٪ عندما يكون العميل غير كويتيٍّ. كانت الكويت قد رفعت أسعار تعرفة الكهرباء مطلع 2015 لنحو 150% وضاعفتها عام 2017 على الوافدين.
في دبي، تبدو التكلفة أكبر بكثير من نظيرتها السعودية، فاستهلاك 6 آلاف كيلوواط من الكهرباء شهرياً، يكلف نحو 512 دولاراً أمريكياً، وتختلف أسعار تكلفة الكهرباء في الإمارات العربية المتحدة باختلاف الإمارات السبع.
في أبوظبي تبدو الحسبة أكثر تعقيداً وتختلف باختلاف الاستهلاك اليومي ونوعية العقار ومساحته، لكنها أقل بنحو 300% للمواطنين عما يدفعه المقيمون. فاستهلاك الستة آلاف كيلوواط من الكهرباء للمواطن يكلف نحو 96 دولاراً أمريكياً، فيما تكلف أكثر من 416 دولاراً أمريكياً للوافد.
في البحرين، تبلغ تكلفة الستة آلاف كيلوواط شهرياً نحو 266 دولاراً للبحريني، 430 دولاراً لغير البحريني.
في مصر، تضاعفت قيمة فواتير الكهرباء، بشكل دراماتيكي خلال السنوات الماضية، إذ تكلف الستة آلاف كيلوواط بدءاً من شهر أغسطس الحالي نحو 17 دولاراً أمريكياً، في بلدٍ يبلغ متوسط الرواتب فيه نحو 160 دولاراً أمريكياً فقط.

جدل واسع
على مواقع التواصل الاجتماعي، كان الحديث طوال الأسبوع الماضي، ومازال عن فواتير الكهرباء العالية، إذ ظهر وسم # لن_نسدد_الكهرباء في نحو 182 ألف تغريدةٍ، فيما نشطت وسوم ساخرة، مثل #لن_نسدد_المطعم2، و #لن_نسدد_الكوسه2 كان نقاشها حول شركة الكهرباء، وفيه أكدت هالة القحطاني أن شركة الكهرباء تعرف جيداً أن المشكلة مازالت قائمة “فقداننا للثقة في الشركة بعد تطبيق التعرفة الجديدة بهذه العشوائية لن تبددها رسائل ولا إلغاء تيسير فقط، نحن بحاجة لتحقيق وتدخل عاجل من الدولة”.
أيضاً، شدد الإعلامي عبد العزيز الهدلق على أن شركة الكهرباء وقعت في أزمة ثقة مع عملائها، بسبب الفواتير غير الطبيعية وغير المنطقية التي أصدرتها للشهر الماضي والشهر الحالي “لم تستطع إقناع المستهلك بكل المبررات التي ساقتها. منازل مهجورة صيفاً جاءت فواتير استهلاكها مضاعفة، كيف؟ لم تستطع الشركة الإجابة”.
بدوره، أكد الإعلامي عبد العزيز السويد أن شركة الكهرباء ومن خلفها هيئة تنظيم الكهرباء “لا تستطيعان تبرير كيف تصل تكلفة إنتاج الكهرباء لدينا 80 هللة لكل كيلو واط كما أعلنتها هيئة تنظيم الكهرباء، أي ضعف أسعار تعرفة الكهرباء في دولة مثل الصين والهند اللتين تستوردان النفط السعودي”.
السخرية غلبت على تغريدة الدكتور أنور أبو لاله، حول فواتير الكهرباء التي سرقت الأضواء من موسم الحج “لله درّكِ من شركة كهرباء لا تجرؤ أية شركة كهرباء في العالم أن تفرض رغباتها من طرف واحد بالقوة على المواطنين إلا شركة كهربائنا، تستحقين دخول جينيس كأقوى شركة في العالم”.
خالد السالم، كان ممن شاركوا في حملة لمقاطعة سداد الفواتير، لعل الشركة تراجع سياستها الاحتكارية، وكتب “تكاتف الجميع بتأخير سداد الكهرباء سيجبر الشركة على تخفيض قيمة الفاتورة، الشركة بمحاولتها تسويق برنامج تيسير تريد امتصاص الغضب لأنها تخشى من رفض المشتركين السداد وهي تعلم أن قطع الكهرباء عن الجميع مستحيل”.
في الاتجاه ذاته، شدد سلطان المشرفي، على أن أسعار الكهرباء عالية جداً، ولن يستطيع أصحاب الدخل المحدود سدادها.
البعض، طالب مجلس الشورى بمحاسبة شركة الكهرباء على الفواتير، العالية، منهم الدكتور محمد أحمد الجوير، الذي كتب “نتمنى من مجلس الشورى سرعة مناقشة هذا الارتفاع الجنوني غير المبرر في فواتير الكهرباء، فهذه من أهم وأولى مسؤولياته، الصمت عن هذه المشكلة المزعجة للمواطن، غير لائق، وغير مقبول”.

جدل تيسير
على ذات المسار، كان الغضب كبيراً على إقحام المشتركين عنوة في برنامج تيسير الذي سعت عبره شركة الكهرباء لتسديد متوسط الاستهلاك السنوي، ودون موافقتهم، واعتبرها البعض محاولة ذكية منها لنقل الجدل للبرامج، بدلا من الفواتير النارية.
فغرد الدكتور عبيد العبدلي “هل نجح الاتصال المؤسسي في شركة الكهرباء بتشتيت أنظار العملاء من غلاء فواتيرهم بتسجيلهم جميعاً في برنامج تيسير؟”، وتساءل أبو محمد البشري “إلى متى هذا الاستغفار من الشركة وهل من حقها إدراج المشتركين بالبرنامج دون موافقتهم”.
بدوره أكد الناشط عبد المحسن هلال أن “أي حل لن ينجح إلا بإتاحة الخدمة لشركاتٍ جديدة كقطاع الاتصالات مثلاً، شركات بتقنية أفضل وأسعار منافسة”، مضيفاً “اكتشفت أثناء مراجعة فاتورتي أن شركة الكهرباء تؤجرنا العدادات وتأخذ عليها شهرياً 21 ريالاً، ألم نكن قد دفعنا قيمته عند التركيب؟”.
القانوني عصام المعوض أشار إلى أن إدراج شركة الكهرباء جميع المشتركين في برنامج تيسير رغماً عنهم غير قانوني “لا يحق لشركة الكهرباء أو شركة أخرى تسجيل المشتركين لديها في أي برنامج دون موافقة العميل ولا يحق لها مطالبة المشترك بأية مبالغ مالية تم تأجيلها أو ترحيلها، وما قامت به شركة الكهرباء هو مخالفة للعقد الموقع بين الشركة والعميل، وفي حال أمضت الشركة على ذلك يحق هنا مقاضاتها والمطالبة بالتعويض”.

المصدر: رصيف 22

قد يعجبك ايضا