تقرير/وكالة الصحافة اليمنية//
في حادثة أثارت ردود فعل واسعة في الأوساط المحلية والدولية، أضرمت عناصر مسلحة محسوبة على الفصائل الحاكمة لسوريا ما بعد الأسد النيران في مقام مؤسس المذهب العلوي في سوريا الشيخ “أبو عبد الله الحسين الخصيبي” في منطقة ميسلون بمدينة حلب، الذي يحظى بأهمية دينية وتاريخية خاصة لدى أبناء الطائفة العلوية.
انزلاق نحو المستنقع الطائفي
ومنذ سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في 8 ديسمبر الجاري، أبدى الكثير من زعماء العالم عن مخاوفهم من انزلاق سوريا نحو مستنقع الصراع الطائفي والعرقي وذلك بعد سيطرة فصائل مدرجة على قوائم الإرهاب على مقاليد الحكم.
وعلى الرغم من تعهدات “الجولاني” الرجل المتهم الأول بالإرهاب وذبح الأقليات في سوريا وقبلها في العراق يأن حكومته ستعمل على بناء سوريا جديدة تكفل لجميع الطوائف وعلى وجه الخصوص الأقليات وفي مقدمتهم الأقلية العلوي والمسيحية.. أثارت الأحداث في اليوميين الماضيين المخاوف من مواجهة متسارعة في سوريا بين الطوائف والعرقيات من جهة ومن جهة أخرى بين الفصائل المسلحة خاصة مع تنامي مع تصاعد الصراع على النفوذ بين واشنطن وأنقرة، وقيام متطرفين محسوبون على “الجولاني” بمهاجمة الرموز والشعائر الدينية للعلويين وقبلهم المسيحيين.
إرهاب طائفي
وتشير المعلومات الأولية بحسب شهود عيان ومشهد فيديو متداول على منصات التواصل الاجتماعي إلى أن مجموعة من العناصر المسلحة اقتحمت المقام وقامت بقتل 5 من القائمين وتفجير الضريح، ثم توجهت لنبش الضريح وأضرام النار بداخله لتعود بعد ذلك للتمثيل بجثث القائمين عليه.
كما منع المسلحين الأهالي من إطفاء الحريق تحت تهديد السلاح ليتمكن رجال الإطفاء من السيطرة على النيران بعد ساعات من اندلاعها، لكن الأضرار كانت جسيمة، حيث تعرض المقام للتدمير الجزئي، خاصة في المناطق التي تحتوي على آثار تاريخية ومعمارية تعود إلى مئات السنين.
الحادث أثار استنكاراً واسعاً بين أبناء الطائفة العلوية، الذين اعتبروا هذا الفعل محاولة لتهديد هويتهم الدينية والثقافية.
فيديو كالنار في الهشيم
أمس الأربعاء، انتشر على منصات التواصل الاجتماعي، مشهد فيديو يظهر اعتداء مسلحين يتبعون فصائل مسلحة تتبع حكومة “الجولاني” على مقام “أبو عبد الله الحسين الخصيبي” في منطقة ميسلون بمدينة حلب.
كما يظهر المشهد الذي انتشر على “الشات” كالنار في الهشيم، قيام مسلحين متشددين من فصائل “الجولاني” بقتل 5 من القائمين على المقام بوحشية والتنكيل بجثامينهم، وتخريب المقام وإضرام النيران داخله.
وبدوره طالب المرصد السوري لحقوق الإنسان، بمحاكمة المعتدين على المقدسات الدينية والرموز الطائفية، مؤكداً أن هذه الأعمال الإجرامية تسعى إلى تقويض الاستقرار الوطني وزعزعة جهود التعايش السلمي بين مكونات الشعب السوري، الذي طالما تميز بتنوعه الطائفي والديني.
كما دعت بعض الشخصيات السياسية والدينية إلى فتح تحقيق عاجل للكشف عن هوية الجناة وأسباب الحادث.
استياء يقابله قمع حكومي
وعلى إثر الحادثة، تزايد الاستياء الشعبي من خلال الخروج في تظاهرات غاضبة جابت شوارع العاصمة السورية دمشق وفي مدن حمص وبانياس وجبلة واللاذقية وطرطوس والقرداحة وحماة، مطالبين بمحاكمة المعتدين على المقام وقتلة القائمين عليه.
وعلى الرغم من تعهد “الجولاني” وحكومته بمعاقبة الفاعلين.. تعاملت قوات ما تسمى بالعمليات العسكرية التابعة لـ”هيئة تحرير الشام” مع المحتجين الغاضبين بعنف مفرط من خلال استخدام الرصاص الحي لتفريق المتظاهرين مما أدى إلى استشهاد شاب وإثابة عدد أخرين بإصابات متفاوتة.
كما أعلنت “إدارة العمليات العسكرية” حظر التجوال في مناطق الساحل السوري واستقدمت تعزيزات حاصرت بها مدينة حمص قبل أن تنفذ في المساء حملة اختطاف واسعة بحق المتظاهرين في المدينة تحت ذريعة القبض على مخربين.
ويعتبر “أبو عبد الله الحسين الخصيبي” شيخ العلويين وله رمزية دينية كبيرة لدى الطائفة العلوية، ويعتبر المقام من أهم المقامات على مستوى العالم.
شجرة ميلاد تحترق بنار التطرف
وفي حادثة مماثلة أضرم مجموعة من المسلحين الأوزبك، النار في شجرة عيد الميلاد في السقيلبية في ريف حماة التي يقطنها مواطنون من أتباع الديانة المسيحية، ومنعوا المواطنين من الاقتراب تحت تهديد السلاح، في حين قامت فرق الإطفاء بإخماد النيران بعد أن غادر المسلحون من الموقع، فيما جرى ملاحقتهم واعتقالهم من قبل القوى الأمنية، وفق المرصد السوري.
“لقد أطلق العنان لقوى التطرف بشكل لم نشهده من قبل. هل هذا هو أبعد ما يمكننا أن نصل إليه؟ ربما لا”.
وعلى ما يبدو فقد أطلق العنان لقوى التطرف بشكل لم تشهده سوريا من قبل وبأن حكومة “الجولاني” قد تخلت عن تعهدات سابقة بالعمل بناء سوريا جديدة تكفل للجميع الحرية والتعايش الاجتماعي، وذلك تحت ضغوط وتصرفات وأفعال الفصائل المسلحة التي تعج بالإرهابيين والمقاتلين الأجانب، والتي لن يستطيع “الجولاني” ولا تركيا ولا أمريكا التحكم في تصرفاتهم وضبط بوصلتهم.