المصدر الأول لاخبار اليمن

ظهور متزامن لرايات “داعش” والسفير الأمريكي في اليمن.. ما القصة؟!

ظهور متزامن لرايات “داعش” والسفير الأمريكي في اليمن.. ما القصة؟!

تحليلات / وكالة الصحافة اليمنية //

كتب: فهد الغنامي

 

ما أن ظهرت رايات تنظيمي داعش والقاعدة في منطقة حنكة آل مسعود بمحافظة البيضاء وسط اليمن -وبغض النظر عن الطرف الذي يواجه تلك التنظيمات- حتى ظهر بشكل متزامن السفير الأميركي لدى اليمن مدينًا مواجهة عناصر تلك التنظيمات، بتصريحات غبية ومكشوفة، أقل ما فيها أنها تثبت استغلال تحركات تنظيمي داعش والقاعدة كورقة في إدارة الصراع في اليمن والمنطقة، لتحقيق أهدافها الأمنية الجيوسياسية كوكيل رسمي للكيان في اليمن، مؤكدة بشكل قاطع أن الشعارات الأمريكية عن مواجهة الإرهاب ما هي إلا شماعة مفضوحة وأسطوانة مشروخة تستخدمها في التسويق الإعلامي لتحقيق الطموحات الإمبريالية في المنطقة.

 

التصريحات الأمريكية ترافقت مع حملة إعلامية مجنونة للإسرائيليين، تتبنى بوضوح تلميحًا وتصريحًا ما تقوم به تلك العناصر، لتضعها في مسار الحملة الإسرائيلية فيما تطلق عليه “تأديب الحوثيين”.

 

الغريب أن أكثر ما ركز عليه الناشطون الإسرائيليون هو إظهار حزنهم العميق على استهداف الحوثيين لما أسموه “مسجد معاوية” في حنكة آل مسعود، بالرغم من عدم وجود ذلك المسمى من الأساس، ليتضح لاحقًا أنهم استخدموا مشاهد لقصفهم مساجد في جنوب لبنان، ناسبين ذلك الاستهداف زورًا لقوات صنعاء في حنكة آل مسعود وسط اليمن، ليظهروا أكثر تمسكا بمبادئ داعش أكثر من داعش نفسها.

 

صنعاء التي توجه اتهامها للولايات المتحدة بتغذية وإدارة تلك العناصر لخدمة المصالح الأمريكية، وتنفيذ أجندتها ليس اتهامًا يتيمًا، فكثير من العواصم العربية والإسلامية تتبنى تلك الرؤية، وترى في التنظيمات الإرهابية ذراعًا سريًا للمخابرات الأمريكية، كما أنه ليس اتهامًا اعتباطيًا، وإنما يستند إلى معلومات استخباراتية وحقائق بات يعرفها الصغير والكبير مع مرور الوقت.

 

فعلى سبيل المثال، لم يكد الجيش الأمريكي ينهي انسحابه من أفغانستان حتى بدأت الولايات المتحدة بتحريك ورقة الإرهاب، وانطلقت التفجيرات في أفغانستان كجزء من العقاب الأمريكي للشعب الأفغاني، وقبل ذلك في العراق، شهدت الساحة مشهدًا مماثلًا عقب انتهاء ولاية الحاكم الأمريكي بول بريمر مباشرة، حيث أصبحت التفجيرات اليومية جزءًا من الواقع العراقي حينها، وظهرت التنظيمات الإرهابية في كل أنحاء العراق كظهور النمل الطائر بعد يوم مطير، لتكشف حقيقة المهمة التي كرس “بريمر” جهوده في صناعتها خلال فترة حكمه.

 

وهنا يتضح جليًا أن الاستراتيجية الأمريكية تعتمد على خلق حالة من عدم الاستقرار في البيئات التي تستهدفها، وذلك عبر تغذية التنظيمات الإرهابية، لتستخدمها مرتين: الأولى ضد خصومها، والثانية لضمان نفوذها وكمبرر لتواجدها العسكري المباشر حين تصبح الظروف ناضجة.

 

لقد ظهرت داعش هذا اليوم ثلاث مرات في المنطقة العربية بدءًا من سوريا ومرورا بالعراق وصولا إلى اليمن، ما يؤكد أن الامر ليس موسما لتكاثر الصراصير مثلا، بل عمل استخباراتي نشط تديره جهة معينة وفق سياسة عسكرية وأمنية شاملة.

 

وتفصيلًا للأمر فقد أعلنت الإدارة الجديدة في سوريا إحباط عملية لتنظيم داعش كان يستهدف تفجير مقام السيدة زينب، بينما أعلن العراق عن مواجهة مع التنظيم أدت لمقتل قيادي في داعش، وفي اليمن مواجهات مع التنظيم أسفرت حتى اللحظة عن تفجير 4 انغماسيين في داعش لأنفسهم بأحزمة ناسفة.

 

هذا الظهور المتزامن للتنظيم في عدة دول يؤكد أنه ليس مجرد مصادفة أو تحركًا عشوائيًا، بل هو جزء من عمل استخباراتي مدروس يُدار بعناية لتحقيق أهداف محددة ضمن استراتيجية أمنية وسياسية شاملة.

 

وختامًا.. فإن ظهور التنظيمات الإرهابية في المنطقة العربية والإسلامية من حين لآخر لم يعد يُنظر إليه كتحرك عشوائي أو نتيجة للفوضى مثلاً، بل كجزء من لعبة استخباراتية أمريكية إسرائيلية.

 

وبينما يستمر المشهد الإقليمي في الاشتعال، يبقى التحدي الأكبر أمام الدول العربية هو بناء وعي شعبي عميق وإرادة أمنية وسياسية قوية لمواجهة هذا الخطر الذي يهدد استقرار المنطقة، ويخدم المشروع الأمريكي الإسرائيلي بشكل مباشر.

قد يعجبك ايضا