المصدر الأول لاخبار اليمن

الانتقام المُقيت.. تصاعد جرائم الانتهاك الطائفي والعرقي بحق الأقليات في سوريا

ـ

تحليل/عبدالكريم مطهر مفضل/ وكالة الصحافة اليمنية//

كشفت تقارير حقوقية تصاعد وتيرة الانتهاكات التي ترتكبها الفصائل المسلحة في سوريا التابعة لحكام سوريا الجدد، والتي تركزت مؤخرًا في ريف محافظة حمص، مما يعكس تفاقم الأزمة الإنسانية وتعقيد المشهد الأمني في سوريا ما بعد الأسد.

هذه الانتهاكات، التي شملت القتل والقمع والعنف الممنهج، تكشف عن تحديات خطيرة تهدد حياة المدنيين وتزيد من حالة الفوضى التي تشهدها سوريا منذ سنوات.

انتقام مميت ومهين

ووفقًا لتقارير المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن العمليات العسكرية التي تشنها الفصائل المسلحة التابعة لـ”إدارة العمليات العسكرية”، استهدف مناطق ذات تنوع طائفي وعرقي.

وشهدت مناطق الأقليات وفي مقدمتها مناطق العلويين والشيعة والمسيحيين، اقتحامات عسكرية واشتباكات عنيفة، أسفرت عن سقوط قتلى واعتقال العشرات.

في قرية “تسنين” الواقعة في ريف حمص، تعرض الأهالي من الطائفة العلوية لاعتداءات وحملات اعتقال جماعية.

وذكرت التقارير أن القوات المهاجمة استخدمت أساليب عنيفة، شملت الاعتداء الجسدي واللفظي، مما أثار الرعب بين السكان، خصوصًا النساء والأطفال.

من بين الحوادث البارزة أيضًا، الاقتحامات التي طالت قريتي “جبورين” و”قنية العاصي”، حيث قامت العناصر المسلحة باعتقال مدنيين وعسكريين سابقين ممن أجروا تسويات مع حكام سوريا الجدد، ونقلjهم إلى أماكن مجهولة، مما أثار مخاوف حول تعرضهم للتصفية الجسدية.

وفي 16 يناير الجاري، اندلعت مواجهات بين أبناء الديانة المسيحية القاطنين في حي “القصاع” في العاصمة السورية دمشق، وبين عناصر من الفصائل السورية المسلحة بسبب طلب الأخيرة منع التدخين والاختلاط وفرض الحجاب على النساء المسيحيات.

أدوات القمع وتصاعد العنف

وشهدت العمليات استخدام فصائل حكام سوريا الجدد المدعومة من تركيا، أسلحة ثقيلة ورشاشة، إلى جانب الدبابات، في مداهمات استهدفت قرى مدنية مثل الغور الغربية، والتي تقطنها الطائفة الشيعية.

وأسفرت هذه العمليات وفق المرصد السوري، عن مقتل 6 أشخاص على الأقل واعتقال العشرات، وسط تواتر أنباء عن ممارسات تعذيب واعتداءات جسدية ولفظية ذات طابع طائفي، من طرف الجماعات المسلحة التابعة لحكام سوريا الجدد.

الأبعاد الحقوقية والإنسانية

ويرى حقوقيون ومهتمون بالشأن السوري، أن هذه الانتهاكات تُعد خرقًا صارخًا للقوانين الدولية المتعلقة بحماية المدنيين في مناطق النزاع.

كما رأي الحقوقيون والمراقبون، أن تلك الانتهاكات تسلط الضوء على استمرار حكام سوريا الجدد في توظيف العنف الطائفي كوسيلة لتعزيز السيطرة، مما يفاقم الانقسامات المجتمعية ويعزز دورة العنف.

وفي سياق متصل، فأن مشاهد الفيديو والصور المسربة التي تظهر جرائم القتل والسحل في شوارع المدن السورية والتعذيب باستخدام الصعق الكهربائي توثق حجم هذه الجرائم، وتضع المجتمع الدولي أمام مسؤولية ملحة للتحقيق فيها ومساءلة مرتكبيها والداعمين لها.

تداعيات وخيمة

وعلى ما يبدو، فإن استمرار هذه الانتهاكات ينذر بعواقب وخيمة على استقرار سوريا، حيث تعمق الاحتقان الطائفي وتزيد من معاناة المدنيين، وقد تدفع بالبلاد والمنطقة نحو حافة النزاع الطائفي والعرقي.

كما أن غياب المساءلة يزيد من احتمال تفاقم الأوضاع الإنسانية، ويهدد أي جهود مستقبلية لتحقيق السلام في البلد الذي عانى ويلات نزاع مسلح بدعم خارجي استمر 14 عاماً.

وعليه يمكننا القول إن الوضع الراهن في سوريا يحتاج إلى تدخل دولي عاجل يضمن حماية المدنيين ووقف الانتهاكات، مع دعم مبادرات العدالة الانتقالية لمحاسبة المسؤولين عن الجرائم، بعيداً عن معايير المصالح السياسية والدولية وصراع النفوذ في المنطقة.

فيما يرى المراقبون أن الحلول السياسية الشاملة وحدها قد تضع حدًا لهذه المعاناة المستمرة وتفتح الباب أمام مصالحة وطنية مستدامة.

قد يعجبك ايضا