تحليل/عبدالكريم مطهر مفضل/وكالة الصحافة اليمنية//
أثارت مبادرة الإمارات لإصلاح الصرف الصحي في قطاع غزة تساؤلات عديدة حول الأهداف الحقيقية لهذا التدخل، خاصة في ظل الظروف السياسية المعقدة التي تحيط بالقطاع.
ففي خطوة مفاجئة، وبعد أسبوع من الهدنة في غزة، أعلنت الإمارات عن نيتها إصلاح شبكة الصرف الصحي، وهو ما اعتبره البعض تحركًا غير بريء يحمل في طياته أجندات خفية.
الشكوك حول النوايا الإماراتية
يرى العديد من المحللين أن الهدف من المبادرة الإماراتية لا يقتصر على تقديم المساعدة لسكان القطاع، بل يتعدى ذلك إلى البحث عن الأنفاق التي لطالما حيرت كيان الاحتلال الإسرائيلي وحلفاءها، بما فيهم الولايات المتحدة وبريطانيا.
فمنذ بدء العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي هجمات مكثفة تهدف إلى تدمير قدرات الفصائل الفلسطينية، لكنها فشلت في القضاء على شبكة الأنفاق التي ظلت أحد أهم عوامل صمود المقاومة.
ذاكرة الفلسطينيين لا تنسى
سكان قطاع غزة لم ينسوا المواقف الإماراتية خلال الحرب، حيث رأوا كيف دعمت الإمارات كيان الاحتلال دبلوماسيًا وسياسيًا، بل وساندتها في جهودها العسكرية بشكل غير مباشر.
إضافة إلى ذلك، فقد سبق للإمارات أن استخدمت الغطاء الإنساني لتنفيذ مهام استخباراتية، كما حدث في عام 2014 عندما أرسلت فريقًا طبيًا تحت مظلة الهلال الأحمر الإماراتي، ليتبين لاحقًا أن الفريق كان يتكون من ضباط استخبارات يعملون لصالح الموساد الإسرائيلي.
الأنفاق.. اللغز المحير
رغم الدمار الهائل الذي لحق في غزة نتيجة العدوان الإسرائيلي، خرج مقاتلو حركة حماس بعتاد عسكري كبير وسيارات دفع رباعي لم تُصب بأي أذى، مما زاد من الغموض حول كيفية حماية الفصائل الفلسطينية لمقدراتها العسكرية.
وقد دفعت هذه التطورات “إسرائيل” وحلفاءها إلى تكثيف البحث عن الأنفاق، باعتبارها شريان حياة المقاومة، وهو ما يفسر الشكوك حول المبادرة الإماراتية، التي قد تكون غطاءً لاستكشاف هذه الشبكة السرية.
البحث عن الثقة
مع تراكم هذه الشكوك والتجارب السابقة، يبقى السؤال الأهم: هل سيسمح سكان غزة للإمارات بالدخول إلى القطاع تحت غطاء المشاريع الإنسانية؟ القيادي في حركة حماس، أسامة حمدان، أكد أن الهلال الأحمر الإماراتي استغل سابقًا الأوضاع الإنسانية لتنفيذ مهام استخباراتية لصالح كيان الاحتلال، مما يجعل الثقة بالدور الإماراتي محل تساؤل كبير.
وعليه يمكننا القول، سواء كانت المبادرة الإماراتية تحمل أهدافًا إنسانية بحتة أو تخفي وراءها أجندات استخباراتية، فإن الفلسطينيين في غزة باتوا أكثر وعيًا بالمخططات التي تستهدف مقاومتهم.
ومع استمرار الاحتلال الإسرائيلي في سياساته القمعية، فإن أي تحرك خارجي سيثير الشكوك ما لم يكن مدفوعًا بنوايا صادقة ومواقف داعمة للحقوق الفلسطينية.
أذن الأيام القادمة وحدها ستكشف ما إذا كانت هذه المبادرة خطوة إنسانية حقيقية أم جزءًا من لعبة استخباراتية تهدف إلى كشف الأسرار العسكرية للمقاومة في غزة.