المصدر الأول لاخبار اليمن

تداعيات تصاعد العنف الطائفي في سوريا ما بعد الأسد

ـ

تحليل/عبدالكريم مطهر مفضل/وكالة الصحافة اليمنية//

 

 

تشهد سوريا منذ انهيار نظام الأسد، وسيطرة الفصائل المسلحة على مقاليد الحكم في 8 ديسمبر الماضي، تصاعدًا غير مسبوق في أعمال العنف، حيث أصبح القتل على أساس الهوية الطائفية واقعًا يوميًا في العديد من المحافظات السورية.

اليوم الثلاثاء، كشفت تقارير حقوقية، تصاعد وتيرة الانتهاكات الطائفية التي ترتكبها عناصر من الفصائل المسلحة التابعة لحكام سوريا الجدد بحق أبناء الطائفة العلوية والشيعية، والتي تركزت مؤخرًا في محافظة حمص، مما يكشف حجم تعقيد المشهد الأمني في سوريا ما بعد الأسد.

تصاعد العنف الطائفي

في مؤشر واضح على تصاعد الجرائم الطائفية في حمص وريفها، أقدمت عناصر من الجماعات المسلحة في سوريا على ارتكاب جريمة جديدة بإعدام الشاب “حسن عيسى” والشاب “سليمان أديب رشيد” من أبناء الطائفة العلوية في مدينة حمص السورية، مما يعكس تصاعد أعمال العنف والانفلات الأمني الذي تشهده سوريا.

ووفقًا للمرصد الوطني لتوثيق الانتهاكات في سوريا، تم العثور على جثمان الشاب “حسن عيسى” في مشفى كرم اللوز بمدينة حمص مقتولًا بطريقة وحشية بعد يومين من اختطافه.

كما أفاد ناشطين على منصات التواصل الاجتماعي، أن الشاب “سليمان أديب رشيد” عثر عليه جثته هامدة في مدينة حمص بعد يوم واحد من اختطافه.

جرائم مماثلة

في حادثة مشابهة أثارت قلق الأهالي حول التدهور المستمر للأوضاع الأمنية في المدينة، نفذت الجماعات المسلحة جريمة إعدام بحق الشاب “علي صالح سلمان” بطلق ناري في الرأس والذي كان يعمل سائقًا لسيارة مخصصة لتوزيع البسكويت، واختطف في 12 فبراير الجاري من حي البياضة قبل العثور عليه مقتولًا في وقت لاحق، وذلك بحسب ناشطين ووسائل إعلام سورية.

وفي 23 يناير الماضي، شهدت مناطق الأقليات وفي مقدمتها مناطق العلويين والشيعة في مدينة حمص وريفها، اقتحامات عسكرية واشتباكات عنيفة من قبل قوات “الإدارة السورية المؤقتة”، أسفرت عن سقوط قتلى واعتقال العشرات.

إحصائيات مقلقة

وألقى المرصد السوري لحقوق الإنسان الضوء على تزايد حالات القتل والخطف ذات الطابع الطائفي، محذرًا من أن هذه الحوادث تعكس حالة الفوضى والانفلات الأمني، حيث يتم تنفيذ عمليات تصفية على أسس عرقية وطائفية دون أي إجراءات قانونية أو محاكمات عادلة.

ووفق توثيقات المرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد بلغ عدد جرائم الانتقام والتصفيات العرقية والطائفية منذ مطلع عام 2025 في محافظات سورية متفرقة 159 عملية، راح ضحيتها 294 شخصاً، بينهم 286 رجلاً و7 سيدات. هذه الأرقام تؤكد تنامي موجة العنف الطائفي التي تعكس انهيار النظام القانوني والأمني في سوريا.

وتعكس هذه الحوادث واقعًا مأساويًا يعيشه السوريون في ظل النزاع المستمر، حيث تتزايد أعمال العنف ضد الأقليات، بما في ذلك أبناء الطائفة العلوية، والطائفة الشيعية، والمسيحيين، وسط غياب سلطة قادرة على ضبط الأمن وحماية المواطنين من جرائم القتل والخطف.

الأبعاد الحقوقية

ويرى حقوقيون ومهتمون بالشأن السوري، أن هذه الانتهاكات تُعد خرقًا صارخًا للقوانين الدولية المتعلقة بحماية المدنيين في مناطق النزاع، وتسلط الضوء على استمرار حكام سوريا الجدد في توظيف العنف الطائفي كوسيلة لتعزيز السيطرة، مما يفاقم الانقسامات المجتمعية ويعزز دورة العنف.

ومن وجهة نظر المراقبون تعتبر جرائم التصفية الطائفية مزيدا من تعقيد المشهد الأمني وفقدان الثقة في مؤسسات حكام سوريا الجدد، ما يدفع السكان القابعين تحت التهديد الدائم، للبحث عن فرص النزوح إلى بلدان خارجية.

وعلى ما يبدو، فإن استمرار هذه الانتهاكات ينذر بعواقب وخيمة على استقرار سوريا، حيث تعمق الاحتقان الطائفي وتزيد من معاناة المدنيين، وقد تدفع بالبلاد والمنطقة نحو حافة النزاع الطائفي والعرقي.

مستقبل قاتم للتعايش السلمي

وفي سياق متصل، تتزايد المخاوف من أن استمرار هذه الجرائم مما سيؤدي إلى تفاقم الأوضاع الأمنية المتدهورة، ويفاقم من حدة الصراعات الطائفية في البلاد، ما يهدد مستقبل التعايش السلمي في سوريا ويضعها أمام تحديات خطيرة على المدى الطويل.

ومع غياب أي حلول سياسية أو آليات قانونية تضمن العدالة والمحاسبة، يمكننا القول، إن سوريا ما بعد الأسد، تبقى ساحة مفتوحة للصراعات الدموية، حيث يدفع المدنيون الثمن الأكبر في دوامة العنف المستمرة.

قد يعجبك ايضا