تحليلات/وكالة الصحافة اليمنية//
الغرب وعملاؤه الاقليميون باتوا اليوم امام طريق مسدود في ضوء الانجازات الكبرى التي يحققها الجيش السوري وقوات المقاومة في ساحات القتال ضد الارهاب.
ويرى المحللون ان ما يحدّ اكثر من تدخل الغرب وحماته في مستقبل المفاوضات السورية، يتمثل اليوم في التغيير الملحوظ على صعيد السياسات التركية ومواقف المعارضة التابعة لها واندفاع هذا البلد نحو المساهمة الفاعلة في محادثات استانا لتسوية الازمة السورية.
وعليه، فإن الخيار الامثل للغرب على ضوء تطورات الاخيرة في سوريا، يكمن في استمرار الازمة داخل هذا البلد واستخدام سيناريو “الهجوم الكيمياوي” البالي والمفبرك على محافظة ادلب السورية، ليشكل ذريعة تضمن لهؤلاء الخروج من المازق.
محافظة ادلب بوصفها اخر المعاقل التي تسطير عليها الجماعات الارهابية المدعومة من جانب الولايات المتحدة والدول الاوروبية المتحالفة معها، تحولت اليوم الى بؤرة التحركات الارهابية وتشديد التحديات الناجمة عن الازمة في سوريا.
الحكومة السورية تسعى من خلال اعادة السيطرة على ادلب، ان تقطع اشواطا كبيرة باتجاه انهاء الازمة في هذا البلد وتحقيق النصر النهائي دون ان ترضخ الى املاءات المعارضين وحماتهم الدوليين؛ وذلك في ضوء الانتصارات الكبرى التي حققتها على محور الجنوب وتحرير محافظات درعا والقنيطرة من سطوة الارهابيين.
ومن الجانب الاخر، كرّست امريكا بالتعاون مع حلفائها الاوروبيين جهودها وضاعفت تحركاتها لعرقلة استعدادات دمشق وحلفائها في تنفيذ هجوم واسع على ادلب وتحريرها بالكامل.
وتشير التقارير ذات الصلة الى ان امريكا وبريطانيا وفرنسا تقوم حاليا بالترويج لسيناريو “الهجوم الكيمياوي” المزيف كي تعيد الكرة في ضرب البنى التحتية الاقتصادية والمراكز الحكومية في سوريا.
جاء ذلك على لسان المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية “ايغور كوناشنكوف”؛ موضحا ان “جماعة تحرير الشام” الارهابية (جبهة النصرة سابقا)، قامت بتنفيذ “الهجوم الكيمياوي” على مدينة جسر الشغور في محافظة ادلب وتوجيه الاتهام الى دمشق في هذا الخصوص، و ارسلت هذه الجماعة 8 صهاريج محملة بغاز الكلور الى قرية قريبة من جسر الشغور؛ مضيفا ان هذه التحركيات تعاقبت عليها دخول مدمرات “يو، اس، ساليوانز” الى منطقة الخليج الفارسي، ومن ثم تموقع مقاتلات B-1 في قاعدة العديد الجوية داخل قطر والتاهب لشن هجوم جوي ضد سوريا.
وان ما يزيد في اهمية هذه التطورات، هي التصريحات الاخيرة لمستشار الامن القومي الامريكي “جون بولتون” خلال اللقاء مع نظيره الروسي “نيكولاي باتروشف”، محذرا فيها موسكو من انه “في حال قيام بشار الاسد وحكومته باستخدام السلاح الكيمياوي داخل سوريا، هناك استعدادات لشن هجوم على هذا البلد”.
ومن مجموع هذه الاحداث يمكن التوصل الى نتيجة انه في ظل الظروف الراهنة فقد انتاب الغرب بزعامة الامريكيين خوف شديد من استعادة دمشق السيطرة على محافظة ادلب بوصفها المعقل الاخير للجماعات الارهابية وحسم المعركة ضد الارهاب في سوريا؛ وانطلاقا من ذلك فقد قرر هؤلاء الدخلاء الحيلولة دون وقوع ذلك ايّا كان الثمن.
ورغم هذه المحاولات، يؤكد المراقبون ان واشنطن خسرت الكثير من اوراقها في سوريا بعد ان سيطرت جماعة احرار الشام الارهابية على معظم المناطق في محافظة ادلب؛ وبما يضفي الشرعية على عميات الجيش السوري هناك.
والى جانب ذلك يشار الى رغبة الاكراد في التوصل الى اتفاقات مع دمشق بهدف تعزيز مكانتهم ودورهم في مستقبل سوريا.
علما ان السيناريوهات الامريكية السابقة بشان الهجوم الكيمياوي من جانب دمشق علی (خان شيخون، ودوما) وما تبعه من عدوان غربي على مقرات الحكومة السورية بذريعة استخدام السلاح الكيمياوي، تزامن ذلك مع قيام الحكومة السورية بنقل سلاحها الكيمياوي تحت مراقبة الامم المتحدة الى خارج هذا البلد؛ وفي المقابل كشفت الوثائق لاحقا عن وجود مصانع تعود الى الجماعات الارهابية لانتاج هذا النوع من السلاح.
وبناء على ذلك، فقد كانت للحكومة السورية اليد الطولى انذلك في ساحات المعركة ضد الجماعات الارهابية، بما يغنيها من اللجوء الى السلاح الكيمياوي وهي على وشك تقرير مصير الازمة داخل اراضيها.
وبطبيعة الحال، تتبلور هذه الادلة اكثر فأكثر اليوم حيث تستحوذ الحكومة السورية على معظم الارضي في هذا البلد ولم يبق سوي القليل بيد الجماعات الارهابية؛ وبذلك فمن المستبعد استخدام النظام السوري للسلاح الكيمياوي والتورط في هذا التهور.
اذن تجدر الاشارة من جديد ان الهدف الغائي الذي يسعى الغرب وراءه من خلال الترويج لسيناريو “الهجوم الكيمياوي بواسطة دمشق في ادلب”، يتمثل في امرين اساسيين؛ الاول هو عرقلة ظروف تحرير محافظة ادلب كآخر معقل للجماعات الارهابية في سوريا والثاني الابقاء على نار الحرب والازمة السورية مستعرة؛ بما يصب في صالح اهداف واشنطن لتوسيع حروب الانابة داخل بلدان المنطقة وزعزعة استقرارها.
وفي ضوء ما تقدم، تجدر الاشارة الى أن واشنطن وحلفاءها الذين فشلوا في وقت سابق من تحقيق مآربهم في تغيير معادلات الحرب داخل سوريا، ستبوء محاولاتهم الاخيرة ايضا بالفشل وسيكون النصر النهائي من نصيب الجيش السوري وقوات المقاومة حتما.