المصدر الأول لاخبار اليمن

خبراء وسياسيون: محمود عباس يكرس سياسة الهروب من الانتخابات بتوريث غير دستوري

متابعات / وكالة الصحافة اليمنية //

 

أكد الخبير الدستوري رشاد التوام، أن إعلان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس تعيين نائباً لرئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية غير قانوني، وعده تكريس لسياسة الهروب من إجراء الانتخابات.

وجاء إعلان عباس عن تعيين نائب لرئيس منظمة التحرير خلال القمة العربية الطارئة “قمة فلسطين”، أمس الثلاثاء، والتي جرى خلالها مناقشة الخطة المصرية بشأن غزة بمواجهة خطة ترامب التهجير القسري التي طرحها ترامب.

ويرى مراقبون أن إعلان عباس في القمة إنما جاء انصياعاً للضغوطات السياسية العربية والدولية التي تطالبه بإصلاح فعلي في السلطة عبر تعيين نائب له وحكومة بصلاحيات أوسع، خشية من أي فراغ في حال غيابه لأي سبب، إلا أن هذا القرار سيترتب عليه على الصعيد الفلسطيني قانونياً ودستورياً المزيد من القرارات غير الدستورية، وتوريث مناصب عباس لشخص غير منتخب، ما يجعل الانتخابات بعيدة أكثر.

وفي هذا السياق، يقول الأكاديمي والقانون الفلسطيني، إن الحديث عن رئيس لمنظمة التحرير الفلسطينية يعد مغالطة، “لأنه لا يوجد منصب بهذا الاسم، وإنما رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير”، مستغرباً أن يقع عباس نفسه في هذه المغالطة.

وشرح التوام في حوار مع صحيفة العربي الجديد، اليوم الأربعاء، أن عباس قصد تعيين نائب شخصي له، “لأنه حالياً يجمع بين الصفتين: رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ورئيس دولة فلسطين. أو ثلاث صفات، إذا ما كان يعتبر أبو مازن السلطة كياناً مختلفاً عن الدولة، ولا أظن ذلك”.

وبين أن عباس يحمل هذه الصفات من خلال ثلاثة أسانيد مختلفة وهي: رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، استناداً إلى انتخابه بعد استشهاد الرئيس الراحل ياسر عرفات عام 2004، رئيساً للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، “وهو انتخاب سليم قانونياً”.

وقال: “السند الثاني: رئيس السلطة الفلسطينية بموجب انتخابات 2005. والسند الثالث: أبو مازن رئيس دولة فلسطين بموجب تعيينه من المجلس المركزي عام 2009. وبالتالي أبو مازن تحدث عن نائب لرئيس منظمة التحرير ودولة فلسطين، وبالتالي هو يتحدث عن نائب شخصي يريد أن يورثه كل الصفات التي يحملها اليوم ما عدا رئاسته لحركة فتح”.

وعن سبب إقدام الرئيس عباس على تعيين نائب يُعد غير دستوري، يبين التوام أن هذه المناصب ليست مجتمعة عند عباس حكماً، وإنما اجتمعت من خلال ثلاثة مصادر مختلفة للشرعية، “لذلك يريد توريثها لشخص واحد، ومن الواضح أنه اتخذ هذا القرار خوفاً من فراغ في حال توفي”.

وأضاف: “نفترض أن الرئيس عباس توفي قبل أن يسمي نائباً كما أعلن نيته أمام القمة العربية، حينها سوف تنعقد اللجنة التنفيذية وتنتخب رئيساً لها. أما على مستوى السلطة، فبموجب الإعلان الدستوري الذي أصدره في نهاية العام الماضي، فإنه إذا شغر مركز رئيس السلطة في حالة عدم وجود المجلس التشريعي، يتولى رئيس المجلس الوطني الفلسطيني مهام رئاسة السلطة الوطنية مؤقتاً، لمدة لا تزيد عن تسعين يوماً، تجرى خلالها انتخابات حرة ومباشرة لانتخاب رئيس جديد وفقاً لقانون الانتخابات الفلسطيني، وفي حال تعذر إجراؤها خلال تلك المدة لقوة قاهرة، تمدد بقرار من المجلس المركزي الفلسطيني لفترة أخرى، ولمرة واحدة فقط”.

ويرى الخبير الدستوري أن عباس ومن خلال قراره تعيين نائب لرئيس دولة فلسطين، أراد الخروج من موضوع رئيس مؤقت، لذلك يريد من خلال قراره أمس أن يورث مناصبه لشخص آخر حتى وقت غير معلوم، “وهذا مؤشر على نية استمرار الهروب من إجراء انتخابات. فإذا وجدنا شخص يرث مناصب أبو مازن، يبقى الوضع على ما هو عليه، أي لا يوجد انتخابات”.

ويوضح التوام أن المجلس الوطني هو من يتعين عليه انتخاب اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، والأخيرة تنتخب رئيسها. أما بشأن آليات انتخاب رئيس دولة فلسطين، فيؤكد عدم وجود آلية لذلك؛ “لأنه لا يوجد أي شيء يتحدث عن انتخاب رئيس دولة”، متسائلا “أي دولة نقصد، قبل اعتراف الأمم المتحدة 2012 أم بعد 2012؟”.

وعلل تساؤله بالقول: “إذا كانت الدولة المقصودة بعد 2012، فالدولة المقصود بها هنا السلطة، إذاً رئيس الدولة هو رئيس السلطة الذي يتم انتخابه وفقاً للقانون الأساسي للسلطة الفلسطينية. قبل 2012 مفهوم الدولة كان أساسه إعلان الاستقلال لعام 1988، وانتخاب المجلس المركزي ياسر عرفات رئيساً لها عام 1989، ثم انتخاب المجلس المركزي أبو مازن بالصفة ذاتها عام 2009، قياساً على سابقة انتخاب عرفات عام 1989”.

وشدد التوام على أن استحداث منصب نائب رئيس دولة فلسطين، يستوجب تعديل القانون الأساسي، “وهذا لا يتم إلا بعد اجتماع المجلس التشريعي وموافقة ثلثي الأعضاء على التعديل”

وفي ديسمبر/ كانون الأول 2018، أصدر عباس قراراً بحل المجلس التشريعي، وذلك على سندٍ من فتوى قانونية صادرة من المحكمة الدستورية الفلسطينية. وفي هذا الإطار رجح التوام أن يستحدث عباس نائبا لرئيس دولة فلسطين بإعلان دستوري جديد، “وهذا الإعلان إذا صدر في الفترة القادمة، يُعد غير دستوري، على نمط الإعلان الذي أصدره نهاية العام الماضي بتولي روحي فتوح مهام رئيس السلطة (بصفته رئيس المجلس الوطني) في حال شغور المنصب، لأنه تعديل غير دستوري للقانون الأساسي”.

وشدد الخبير الدستوري على عدم شرعية مساعي عباس للبحث عن حلول حال رحيله المفاجئ، “والحل هو الانتخابات لتجديد الشرعية، وإعادة بناء منظمة التحرير على أسس وحدوية وديمقراطية، من خلال انتخابات للمجلس الوطني والمجلس التشريعي. هذه هي الحلول الديمقراطية”.

قد يعجبك ايضا